هذا ما كان سيحدث لو لم يتم فرض الحظر..مقارنة بين الأردن والسويد (انفوجرافيك)

الرابط المختصر

"المواطن الأردني لم يشعر بوطأة الوباء بل شعر بوطأة الحجر ووطأة العبء الاقتصادي" هذا ما صرح به الدكتور سعد جابر في المؤتمر الصحفي الذي عقد في 28-أيار، ووضّح جابر أن الإجراءات المتبعة كانت السبب الرئيسي في قلّة عدد الإصابات وعدم شعور المواطن الأردني بوجود فيروس كورونا، فماذا كان سيحدث لو أن الحكومة الأردنية لم تستجب لمؤشرات الخطر الوبائية ولم تتخذ أيّة إجراءات في مكافحته؟

إن الاستجابة لدعوات عدم الحجر الشامل والجزئي في بداية الأزمة وإغلاق الكثير من القطاعات، كان سيؤثر سلبا على الوضع الوبائي في الأردن، وكان سيرفع درجة الخطر الوبائي إلى المرحلة الحرجة بأقل من أسبوعين من بداية الأزمة، بحسب مصفوفة خطة فتح القطاعات التي أعدّتها الحكومة.

ولتوضيح الصورة التي كانت ستسير عليها الأوضاع في الأردن، يجب أن نقارن وضع الأردن الحالي بدولة أخرى لم تتخذ إجراءات الغلق للمؤسسات منذ بداية الأزمة حتى الآن، وترك هذه المؤسسات تعمل دون أية قيود، مثل مملكة السويد، التي تمتلك تعدادا سكانيّا مساويا للأردن؛ 10 ملايين نسمة.

إن مملكة السويد الاسكندنافية التي تقع في شمال قارة أوروبا لم تتخذ أية إجراءات تذكر في مكافحة الوباء من بداية الأزمة وأبقت مجريات الحياة قائمة دون أيّة قيود، حتى إنها لم تغلق المنشآت والمراكز التي قد تعرض الأطفال لخطر الإصابة بفيروس كورونا مثل المدارس ورياض الأطفال والحدائق العامة.

واتخذت السويد هذا الإجراء اتباعا لنصيحة عالم الأوبئة وعضو هيئة الصحة السويدية د. أندرس تيغنيل الذي نصح بعدم اتخاذ أية إجراءات حكومية لمكافحة الكورونا، وإبقاء جميع المؤسسات تعمل دون أيّ توقف، مع الدعوة لاتخاذ الإجراءات الوقائية الفردية والاعتماد على وعي المواطن للحد من انتشار الفيروس.

لكن ومع الأعداد المتزايدة للإصابات والوفيات، فرضت السويد بعض الإجراءات المتأخرة من منع التجمعات التي تتجاوز 50 شخصا وجعل الدراسة عن بعد للجامعات والمدارس.

إن منهجية السويد في التعامل مع الكورونا كانت سببا رئيسيا في ارتفاع أرقام الإصابات بفيروس كورونا وارتفاع عدد الوفيات فيها مقارنة مع الأرقام المسجلة في الأردن الذي انتهج منهج الإغلاق الشامل في بداية الأزمة والإغلاق الجزئي خلالها، وفرض قرارات صارمة لمكافحة انتشار المرض.

إن عدد الإصابات بفيروس كورونا قرابة ال 50 ألفا في السويد يفوق عدد الإصابات في الأردن التي لم تصل إلى ألف إصابة بعد ب ـ54 ضعفا، وعدد الوفيات 4,854 في السويد والتي نسبتها 10% من عدد الإصابات الكلي يفوق عدد الوفيات ال 9 المسجلة في الأردن والتي نسبتها 1% فقط بـ 539 ضعفا.

 

ورغم أن أرقام الإصابات في السويد مرتفعة إلا أنها ليس الأرقام الحقيقية للإصابات، حيث أن البروتوكول الصحي في السويد يُجري فحص الكورونا فقط للحالات التي ظهرت عليها الأعراض وتحتاج إلى تدخل طبي فقط، بينما الحالات التي تظهر عليها الأعراض ولا تحتاج إلى تدخل طبي فإنهم يطلبون منهم العودة إلى منازلهم وحجر أنفسهم هناك دون إجراء أيّة فحوصات للتأكد من إصابتهم بالفيروس من عدمه.

ولهذا السبب يُتوقع أن يكون عدد الإصابات في السويد أكثر بضعفين على الأقل من الرقم المُعلن عنه، حيث أن قُرابة 70% من مصابي فيروس الكورونا لا يحتاجون إلى تدخل طبي، مما يجعل الأعداد   الحقيقية تقارب 150 ألف إصابة على الأقل، وهذا يجعل السويد فعليا في المرتبة 13 بعدد الإصابات عالميا بدلا من المرتبة 25 التي هي فيها الآن، وهذا يجعلها قريبة في عدد الإصابات من فرنسا التي يتجاوز عدد سكانها 6 أضعاف عدد سكان السويد.

وتحتل السويد المرتبة 16 بعدد الوفيات عالميا متجاوزة بذلك الصين، أما إذا قورنت السويد بنسبة الوفيات لكل مليون نسمة، فهي في المرتبة الخامسة بعد بلجيكيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا.

وبسبب أن الشعب السويدي من المعمّرين بمتوسط أعمار يتجاوز 80 عاما، فإن 95% من الوفيات تجاوزت أعمارها 60 عاما كما أظهرت الإحصاءات، ونصفهم كانوا في دور الرعاية المخصصة لكبار السن كما صرحت وكالة الصحة السويدية، الأمر الذي أدى بالمدعي العام السويدي إلى فتح تحقيق بسبب الأعداد الكبيرة للوفيات في دور الرعاية المخصصة لكبار السن والتي تجاوزت الوفيات فيها ربع كبار السن المتواجدين هناك. 

إن عدم تنفيذ الحظر الشامل والجزئي في الأردن وإغلاق المؤسسات من بداية الأزمة، كان سيؤدي إلى أعداد إصابات أكبر من تلك التي في السويد، وذلك لعدة أسباب أهمها السلوك الاجتماعي الأردني القائم على العلاقات الاجتماعية الواسعة والتي تشمل الأقارب من كافة المستويات والجيران والأصدقاء والمعارف وزملاء العمل، ومن أشهر الأمثلة الأردنية على قدرة شخص واحد من نشر المرض بين العشرات بسبب السلوك الاجتماعي هي حالة المصاب رقم 472 القادم من السعودية والذي يعيش في محافظة المفرق، والذي نشر المرض لأسرته وأسر بناته المتزوجات وإلى أبناء الحي والمنطقة ووصل أثر الإصابات إلى خمس محافظات أردنية هي: المفرق وإربد والبلقاء وجرش والزرقاء، هذا بالإضافة إلى 103 إصابات مؤكدة للمخالطين من الدرجة الأولى إلى الثالثة لهذه الحالة.

ومن الأسباب التي كانت ستزيد من عدد الإصابات في الأردن هي الكثافة السكانية 116 نسمة/كم2 التي تفوق 5.8 اضعاف الكثافة السكانية في السويد 21.1 نسمة/كم2، خاصة وأن الأردن يحتوي على تجمعات سكانية مخصصة للاجئين (مخيمات) والتي تزيد الكثافة السكانية فيها عن باقي التجمعات السكنية في الأردن.

بالإضافة إلى أن المدارس والجامعات الأردنية مكتظة بعدد الطلبة الذي يفوق السعة الاستيعابية لها، فجزء كبير من المدارس الحكومية في العاصمة عمان، يتجاوز عدد الطلبة في صفوفها 35-40 طالبا وتصل الأعداد في بعض حالات الاكتظاظ إلى 60 طالبا في الصف الواحد، وهذا رقم أكبر بكثير من الرقم النموذجي للصف 20-24 طالبا والذي يوفر مساحة مناسبة وتباعدا جسديا جيدا للطلبة، ودعت بعض الاقتراحات إلى تقسيم الطلبة إلى فترتين لتوفير التباعد الجسدي المناسب في المدارس عند عودتها إلى العمل بعد زوال خطر الكورونا.

 

 

ه

 

ي

 

س

وكانت أكبر التحديات التي واجهت الأردن في بداية الأزمة هو عدم توفر الكمامات الطبية للجميع، وعدم قدرة الأردن على استيراد هذه الكمامات لعدم توفرها للتصدير في العالم أجمع، ولم يكن هنالك حل لهذه المعضلة في الفترة الأولى من الأزمة، وأدى اغلاق الأردن والحد من تنقل الأفراد فيه إلى توفير هذه الكمامات للقطاع الطبي وفرق التقصي الوبائي التي كانت بحاجة إليها.

إن فتح القطاعات جميعها في بداية الأزمة كان سيؤدي إلى زيادة عدد الإصابات بشكل كبير إلى الحد الذي لا يستطيع النظام الصحي الأردني تحمله، حيث يمتلك الأردن 10 آلاف سرير في مستشفياته، والتي كانت ستمتلئ بحالات الكورونا خلال ستة أسابيع من بداية الأزمة على الأكثر، وكان الأردن سيحتاج إلى 10 ألاف سرير أُخرى في الثلاثة أسابيع التي تليهم. 

وكان فشل المنظومة الصحية سيؤدي إلى زيادة الوفيات بالأمراض الأخرى التي تحتاج إلى عناية طبية وتدخل جراحي مثل أمراض القلب والباطنية، ولن تتوفر عندها أسرة كافية لهؤلاء المرضى ولا أطباء متفرغين لإجراء هذه العمليات سواء أكان ذلك لأنهم يقومون بعملهم في محاولة إنقاذ مرضى الكورونا أو لأنهم وصولوا إلى مرحلة الأعياء التي لا يستطيعون مواصلة عطائهم فيها.