نقابة الأجهزة الكهربائية: تراجع مبيعات المكيفات والمراوح 24% بسبب ضعف القدرة الشرائية

الرابط المختصر

رغم ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، إلا أن كثير من المواطنين يجدون أنفسهم أمام معادلة صعبة الحاجة لتأمين وسائل تبريد في ظل موجات الحر المتصاعدة، مقابل ضعف القدرة الشرائية وغلاء المعيشة.

تقول أم أحمد، وهي أم لثلاثة أطفال، إنها تضطر إلى تشغيل المروحة فقط في ساعات الذروة، "كنا نشتري مكيف كل خمس سنوات تقريبا، أما الآن، فالأولويات تغيرت، الفاتورة والتزامات البيت أهم".

بينما يرى خالد، موظف في القطاع الخاص، أن الأسعار هذا العام انخفضت عن السنوات الماضية، لكنه لا يزال مترددا في الشراء "حتى لو نزل السعر، المصروف ما بيسمح، وكل شي صار فوق طاقتنا".

في المقابل، يعتبر محمد، شاب في الثلاثينات من عمره، أن امتلاك المكيف لم يعد رفاهية، بل ضرورة "ما بقدر أتحمل الحر، اشتريت مكيف قبل أسبوع بالتقسيط، رغم كل الظروف".

البيانات الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة تشير إلى أن دخل الاسرة الاردنية بالمعدل نحو 11512 دينار سنويا وانفاقها بالمعدل 12519 دينار سنويا بما يعني ان هناك بالاصل عجزا يقدر بنحو 1000 دينار بين الدخل والانفاق.

 

النقابة تبين الأسباب والحلول

يؤكد نائب نقيب نقابة الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات، المهندس فواز القطان، في حديثه لـ"عمان نت"، أن سوق الأجهزة الكهربائية هذا الصيف يشهد حالة من التراجع اللافت في المبيعات، لا سيما في قطاع التكييف والتبريد، الذي يشمل المكيفات والمراوح، مقارنة بالسنوات السابقة.

يوضح القطان أن تراجع المبيعات ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لانخفاضات متتالية على مدى الأعوام الماضية، حيث سجل السوق انخفاضًا بنسبة 20% في عام 2022، و30% في 2023، ليستمر الاتجاه التنازلي هذا العام بنسبة تقارب 24%.

هذا التراجع يرجعه إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين، والتي بدأت بالظهور منذ جائحة كورونا وما تلاها من تداعيات اقتصادية، كما لعب الطقس دورا مؤثرا، إذ أن اعتدال درجات الحرارة خلال شهر حزيران لم يدفع الناس لشراء أجهزة التكييف كما هو معتاد في مثل هذا الوقت من السنة.

كما أن الحرب على غزة أثرت أيضا بشكل مباشر على الأولويات المالية للمواطنين، الذين باتوا يفضلون تغطية احتياجاتهم الأساسية على حساب الكماليات، مثل الأجهزة الكهربائية، بحسب القطان.

 

 

العامل الاقتصادي هو الأبرز

 

تقديرات غرفة تجارة الأردن الأخيرة تشير إلى أن 50% تراجع في حجم أعمال قطاع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، واصفة السوق بـ"القاسي وغير المسبوق" .

وتبين التقديرات ذاتها أن هذا التخفيض نتج عنه تكدس في المخزون يصل إلى 25% من القيمة الإجمالية، فضلا عن خسائر مالية للتجار والموردين.

يرى القطان أن العامل الاقتصادي هو الأكثر تأثيرا في حركة السوق، مؤكدا أن التراجع الحاد في الطلب لن يتغير حتى مع ارتفاع درجات الحرارة خلال شهري تموز وآب، ويقول "مهما بلغت شدة الحرارة، فإن انخفاض الطلب لن يعوض، لأن المشكلة الأساسية هي اقتصادية بحتة.

ويشير إلى أن أسعار الأجهزة نفسها شهدت انخفاضا كبيرا هذا العام، بنسب تصل إلى 30%، في محاولة من التجار لتحريك السوق، لكن ذلك لم يفلح بسبب ضعف السيولة النقدية وغياب المشاريع الكبرى التي تحفز القطاعات الإنتاجية.

 

مطالبات بالتدخل الحكومي

 

يوضح  القطان أن القطاع يواجه تحديات كبيرة تستدعي تدخلا حكوميا عاجلا من خلال حلول جذرية تشمل كافة القطاعات، وليس فقط الأجهزة الكهربائية.

ومن أبرز المقترحات التي قدمتها النقابة بالتعاون مع غرف التجارة، تعديل قانون المالكين والمستأجرين، تخفيض رسوم نقل الملكية للشقق والعقارات، اتخاذ إجراءات لتعزيز السيولة النقدية في السوق، من خلال ضخ أموال عبر الضمان الاجتماعي أو وزارة المالية.

ويشير القطان إلى أنه على سبيل المثال، اقترحنا تخفيض رسوم نقل الملكية داخل عمان من 8% إلى 3%، ما من شأنه تنشيط قطاع الإسكان، الذي يحرك بدوره أكثر من 20 قطاعا آخر".

ورغم هذه الأزمة، يوضح القطان أن الصناعة المحلية بدأت تثبت جدارتها، إذ يتم تصنيع نحو 50% من أجهزة التكييف والمراوح في الأردن، مما يعكس قدرة القطاع الصناعي على الصمود في وجه التحديات.

داعيا الحكومة إلى تبني نفس السرعة التي تعاملت بها مع دعم السياحة لتشمل باقي القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها قطاع الأجهزة الكهربائية، لضمان ديمومة الأعمال واستقرار السوق.

تظهر أزمة سوق الأجهزة الكهربائية في الأردن عمق الترابط بين الظروف المعيشية اليومية والتحولات الاقتصادية، ففي ظل تراجع القدرة الشرائية، وتبدل أولويات الإنفاق، تبقى الحاجة قائمة إلى سياسات اقتصادية شاملة تعيد الحيوية للأسواق وتخفف من وطأة الضغوط على المواطنين والقطاعات التجارية على حد سواء.