نظام تعويض المزارعين المتضررين من المخاطر الزراعية لعام 2023، حتى يكون بلا عثرات
بعد إقرار مجلس الوزراء لنظام تعويض المزارعين المتضررين من المخاطر الزراعية لعام 2023، في جلسته المنعقدة يوم الأحد 27 آب/ أغسطس 2023، نرحب في العربية لحماية الطبيعة بكل القرارات المتخذة لخدمة المزارعين، ونعتبر أن أية خطوة داعمة للمزارعين الأردنيين هي خطوة في الطريق الصحيح، ونحيي هذا الالتفاتة لقضية حساسة مثل الزراعة في بلدنا لا سيما مع إضافة مسببات جديدة للأضرار الزراعية الناتجة عن الاحتباس الحراري والتي لم تكن موجودة سابقاً مثل العواصف والرياح الشديدة.
ولبناء موقف واضح من هذه التعديلات، تواصلنا مع بعض شركائنا المزارعين لأخذ انطباعاتهم عن هذا القرار لنفاجأ حتى بعد أيام من تداول الخبر في الصحافة أنهم لم يسمعوا به باستثناء مزارع واحد دُعي لجلسة نقاشية قبل إقراره.
كنا نأمل أن يكون النظام المعدل مراعياً للأضرار الواقعة على الأصناف التي حدث عليها الضرر مع إعطاء الأولوية للأصناف وفقاً لأهميتها في أنظمتنا الغذائية المحلية، كما أملنا أن يكون هناك مراعاة في الفروقات بين صغار المزارعين وكبار المزارعين (الذين يصدرون منتجاتهم) حيث أن المساواة في تقييم الضرر المستحق للتعويض (أكثر من 20%) لا تحقق العدل والمساواة المنشودين، إضافة إلى أن تعريف الضرر في النظام فضفاض ويتناول التكاليف حتى وقوع الضرر لكن الخسارة لا تعني فقط تكاليف الإنتاج وإنما يجب أن يكون حسابها بشكل أوضح باحتساب الخسارة في كمية الإنتاج المتوقعة.
وهنا نطرح تساؤلاً مفاده هل تثبيت سقف للتعويضات بنسبة 50% كافٍ لصغار المزارعين أصلاً؟!
للأسف، لم تذكر الأضرار الناتجة عن الحرارة العالية في نظام التعويض لا سيما مع الأجواء الاستثنائية التي يشهدها العالم ولمسنا أثرها أيضاً في الأردن، حتى ان أحد المزارعين الذين حضروا حواراً عن النظام قبل إقراره أخبرنا أن موضوع ارتفاع الحرارة غاب تماماً عن النقاش، ما يعني أن النظام لم يأخذ قدراً كافياً من النقاش مع شريحة أوسع من أصحاب العلاقة المباشرين أي المزارعين وليس مُلّاك المزارع الكبيرة فقط.
من جهة أخرى، لم يأت النظام على ذكر الأضرار التي تحدث من شح كبير في المياه واكتفى بالإشارة للأضرار التي ممكن ان تحدث في حال إعلان الجفاف كما في النقطة (هـ) من المادة 8 علماً أن الأردن ولله الحمد لم يعلن حالة الجفاف في السابق ونرجو ألا يأتي هكذا إعلان.
ومع ذلك يتراجع النظام في مادته رقم 10 عن تعويضات الجفاف المذكورة في النقطة (هـ) من المادة 8، في حال عدم وجود مخصصات ويجيز التنسيب بتخفيض التعويضات.
علينا ان نفتح باب النقاش عن مخصصات التعويض أصلاً، وديمومته والكيفية التي سيتم بها التعويض خصوصاً أن تعويضات سابقة للمزارعين أتت على شكل قروض لم يستطع المزارع تسديدها ووقع في مشكلة أكبر بتراكم مبالغ مالية لا يستطيع سدادها.
كما أننا تمنينا أن تكون الأضرار الناجمة من الحرائق التي يفتعلها الاحتلال الصهيوني على الحدود ضمن التعويضات المشمولة لا سيما وأن الاحتلال يستغل اتجاه الرياح الشرقية للتسبب بأكبر أذى على الأردن، وبهذا السياق لا نعرف حتى الآن إن تم تعويض المزارعين المتضررين من الحرائق السابقة أم أنه ملف بقي طي الكتمان.
وفي الحقيقة كان أملنا كبيراً أن يكون الالتفات لقضية المزارعين والنهوض بالقطاع الزراعي مسألة استباقية ولا تثار عند حدوث أضرار فقط، ونعني بذلك دعم المزارعين بشكل ممنهج ومُمأسس بتشييد بنية تحتية زراعية ملائمة، لتقليل الفاقد الغذائي بشكل رئيسي والذي يحدث في السلسلة الأولى من الإنتاج، أي بدءاً من البذار والوقاية والري والتسميد إلى الحصاد والتوضيب والتسويق وقبل الوصول إلى أسواق التجزئة وموائد المستهلك، خصوصاً أن الفاقد الغذائي يكون أعلى في الدول النامية ومنها الأردن، وهذا أمر علينا الالتفات له بكل جدية خصوصاً مع التوجهات بإحياء قطاع الزراعة وإعادة الاستثمار فيه.
هذه البنية التحتية المعزَّزة للزراعة التي نتحدث عنها ستعمل مثل خط دفاع أول عن زراعتنا وإنتاجنا المحلي، وستقلل الأضرار الناتجة أصلاً عن التغير المناخي الذي هو حديث الساعة.
كمؤسسة مجتمع مدني معنية بقضايا المزارعين في الأردن وفي الوطن العربي ونعمل معهم بشكل مباشر منذ عقدين، ندعو لفتح حوار وطني يجمع القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني الحقيقية ولا يغيب عنه المزارعون، لا سيما صغار المزارعين الذي يمثل ثباتهم في أراضيهم الضامن الوحيد لديمومة الطعام المقدم على موائدنا يومياً.
رزان أكرم زعيتر
رئيسة الهيئة الإدارية للعربية لحماية الطبيعة
مؤسِسة الشبكة العربية للسيادة على الغذاء
عضو اللجنة الفرعية للقضاء على الجوع في المنطقة العربية