نستعير لغتهم : محرقة غزة ستلاحقهم
بعد هذه المذبحة التي غرقنا فيها بصور اشلاء اطفال غزة وجراحاتهم وأنّاتهم, سنستعير لغتهم ومواقفهم, اقصد لغة الاسرائيليين واليهود الذين لاحقوا العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بصور "المحرقة اليهودية" ومشاهد الاجساد النحيلة في معسكرات الاعتقال النازية.
باسم هذه المحرقة, التي اعتمدت شهادات بعضها حقيقي وبعضها فاضح التزوير, أغتصبت فلسطين وشرد شعبها, وباسم هذه المحرقة وضع العالم الغربي المنافق اسرائيل فوق القانون والمساءلة, حتى اصبحت حروبها مشروعة وقتلها للعرب مبررا واحتلالاتها الطويلة مجرد نزاع على الارض او حرب على الارهاب!! .
الفلسطينيون والعرب, اقصد الجماهير المنكوبة والمفجوعة والغاضبة, آن لهم ان يستعيروا لغة العدو ومواقفه, فها هي محرقتهم التي تلتهم الاطفال والنساء والمدنيين في غزة لا تحتاج لشهود ولا الى لجان تحقيق, انها محرقة منقولة على البث المباشر, وتكاد الكاميرات تجعلنا نشم رائحة شواء اجساد اطفال غزة, ومشاهد اكفان الاطفال البيضاء المحمولين على ايدي ابائهم في شوارع غزة يعجز عن اخراجها افضل مخرجي العالم.
محرقة بالصوت والصورة, مجزرة يتدفق فيها الدم الحي المسفوح للمدنيين امام العالم كله, دمار ما بعده دمار, وشروط اسرائيل لا تتغير, ارفعوا الراية البيضاء, واقبلوا الحياة الدائمة في مخيماتكم تحت الاحتلال وفي ظل الحصارات والاعتقالات والجوع والموت, والا فإن المحرقة ستتواصل تباعا, ولا يهم ان عقد العرب 10 قمم, او ان اصدر مجلس الامن مليون قرار, فاسرائيل فوق الجميع.
آن للفلسطينيين والعرب جميعاً من الماء الى الماء ان يستعيروا لغة العدو ومواقفه تجاه ما سُميّت بالمحرقة النازية ضد اليهود, اليوم, للفلسطينيين محرقتهم ايضاً, فالحقد بعد الآن سيد الموقف, والكراهية ضد الاسرائيليين شرعية وواجب ديني وانساني. لا سلام مع القتلة والمجرمين, كما لم يكن سلام مع القادة النازيين.
هذا الفصل الدراسي الشامل, الذي أدخل اليه كل بيت عربي وكل انسان, صغيرا وكبيرا, على مدى 20 يوماً من مشاهد قتل الاطفال واستباحة الشجر والحجر, سيأتي بزمن آخر ووعي مختلف, ويخطىء من يظن بأنه سيكون للسلام مع اسرائيل والتطبيع معها قبول, حتى المعاهدات لن تقف حاجزاً امام نهر العداء والكراهية المتدفق من خلف ضلوع مئات الملايين من العرب ضد النازيين الجدد مجرمي الحرب قادة اسرائيل.
قد يكسب باراك وتكسب ليفني من محرقة غزة في صناديق الاقتراع في العاشر من شباط المقبل, لكن اسرائيل خسرت في الـ 20 يوما كل ما كسبته منذ مؤتمر مدريد. فمن إقدام فنزويلا وبوليفيا على قطع العلاقات الى عودة القضية الفلسطينية الى رأس اجندة الشعوب العربية هناك في العالم حصاد مر كبير ينتظر اسرائيل, لكن اهم خسائرها ان المحرقة في غزة ستلاحقهم وستلاحق هذا الكيان, لانهم ان لم ينسوا (محرقتهم) في زمن النازية بعد اكثر من 60 عاما فإن ميزة الشرق انه لا ينسى مجازر وقعت قبل الف عام.











































