نساء يروين معاناتهن مع عنف الأزواج

الرابط المختصر

روين حكاياتهن بكلمات تقطر دموعا، وبأسماء مستعارة خوفا من انكشاف هويتهن الحقيقية التي سلبت منهن بعد أن عانين من غذابات مضنية من وحشية أزواجهن.اثنتا عشر إمرأة روين قصصهن وكسرن حاجز الصمت والخوف وتحدثن عن معاناتهن تحت اسم "فاطمة". حلمت فاطمة بحياة زوجية تحترم فيها إنسانيتها ولم تكن تعرف ما كان قدرها يخبئ لها.

تزوجت فاطمة رقم واحد بعمر 16 سنة حيث كانت لا تزال على مقاعد الدراسة حرمت منها للتزوج، فوضع عائلتها لم يسمح لها بإكمال تعليمها، ولم يكن أمامها سوى الزواج.
 
بدأت حديثها بجملة واحده مثقلة بالمعاناة: "ما الذي فعلته حتى اعاقب لهذه الدرجة من قبل زوجي؟".
 
التقينا فاطمة التي لم تختبئ وراء حجاب لتعلن مشكلتها، لم تشأ ان يستهدل الستار على وجهها بل أظهرت وجهها على الملأ.
 
وسردت قصتها: "تزوجت في بيت العائلة وبيتي مجرد غرفة واحدة، حماتي متسلطة ومتحكمة بشكل لا يوصف، إذا لم أقم يوما بمساعدتها فتنهال علي بالضرب والشتائم... زواجي اثمر 3 بنات وفي كل مرة انجب فيها بنتا اتعرض للاهانة والضرب من قبل زوجي، في احد المرات حاول خنقي لأنني لم أنجب ذكرا فابنتاي أيضا لم يسلموا من الضرب كان يضربهم بهدف كسر قلبي لانني متعلقة بهن بشكل لا يوصف".
 
"ذهبت إلى بيت أهلي، واتى زوجي لعقد مصالحة معي ومع أهلي وقدم عددا من الوعود، فعدت معه وبعد ذلك ذهبت وعوده أدارج الرياح وعاد أسوأ من ذي قبل".
 
بصوت متهدج أكلمت حديثها ومنديلها لم يعد قادرا على تجفيف دموعها: "في احد المرات وانا وبناتي على مائدة الطعام واذ بزوجي يأتي إلي ويجرجرني أمامهن إلى الغرفة ويخرج سكينة منشار ويبدأ بطعني أكثر من طعنة وكل مرة اتوسل الية ان يتوقف يزيد من تصويب الطعنات على جسدي ووضع السكينة على عنقي وألقيت بالسكينة من بين يده وعاد والتقطها فاستقرت آخر طعنة بالقرب من رئتي، وبعدها ركضت في الشارع والدماء تسيل من كافة انحاء جسدي واصرخ ساعدوني ساعدوني".
 
"رميت في مستشفى سحاب مجهولة الاسم والهوية لاكثر من يوم بعد ان حصلت على سبع وحدات دم، فتحت عيوني لم اجد حولي احد، والان انا محرومة من رؤية ابنتي فثماني اشهر لم ارها واعيش انا وابنتاي في بيت مصنوع من "البركية" فاذا هطل المطر يهطل عليهن".
 
وتختم قولها: "اثنا عشر سنة من العذاب وأنا صابرة ومتحملة لأجل بناتي وكله ذهب بطعنات في جسدي".
 
فاطمة" الثانية" حكايتها تحمل في طياتها نفس المعاناة... فاطمة مسيحية عراقية الاصل تزوجت من اردني مسلم  بعد حب دام لسنوات تكلل بزواج.
 
وتبدأ بسرد قصتها من وراء حجاب، لم تشأ أن نرى حزنها الذي يغلف معاناتها، ولكنها كانت قادرة على سرد قصتها رغم عدم توقفها عن البكاء المستمر بحرقة: "عند عقد القران لم اكن اعلم انه لدي حقوق. أهل زوجي أملوا علي ما يجب ان أقول، لم اكترث فعلا، وعقد قراني وبدأت أساعد زوجي في اعطاء دروس خصوصية في اللغة الانجليزي بحكم دراستي الجامعية".
 
وتضيف قائلة:" بعد ان اثمر حبنا بطفل بدأت المشاكل تطفو على السطح كوني من غير ديانة، وبدأ ينهال علي بالضرب وكذلك عائلته فالعنف الذي وقع علي نفسي ومعنوي وجسدي فلم اقوى على قول كلمة وخصوصا عندما انجبت طفلي الاول.. كان يضرب طفلي حتى يحرق قلبي لتعلقي به ... عندما كان يطلب نقود مني والتي كنت احصل عليها من اختي وإذا لم أعطه كان يأخذ مني طفلي ويرميني في الشارع .. واعود له بعد كل هذه الاهانة فانا غريبة في هذه البلاد".
    
من كثرة ما ضربها زوجها ألحق بها عاهة فاحدى اذنيها لم تعد تقوى على السماع بها، فضلا أن إلحاق عاهة في عينها اليسرى، وتتابع فاطة سرد معاناة تكللت بإنجاب طفلا آخر:" كان يمارس معي الجنس بطريقة وحشية وكان يفهمني ان هذه هي الطريقة الصحيحة ويكثر من مشاهدة الافلام الإباحية، لم استطع ان اتحمل فقمت برفع قضية خلع ولم اكسب قضية ضم اولادي بسبب شهادة اخوته المزورة بانني من غير دين وانني اجلب مشروبات الى بيتي".
 
"بعد أن رفعت قضية الخلع عدلت عنها لاني ساحرم من اولادي ولكن كانت الرجعة بشروط فاعلنت اسلامي وتحجبت وعدت بقران جديد ولكن بدون أن احصل على مقدمي ولا مؤخري، وبعد عودتي تعرضت للذل والاهانة والضرب ولم أجد احد يحميني من ظلم زوجي، اولادي يقولون لي على الدوام ماما هيا نذهب إلى مكان آخر فلم نعد نحتمل المسبات والضرب".
 
غادرت فاطمة المنزل وأقامت مع عائلة أخرى حيث تهجم عليها زوجها بحجة أنها سرقت الأولاد منه واسكنها في مكان قرب عائلته اشبه بالزريبه حيوانات على حد وصفها.
 
"الكل يقول لي اتركي اولادك عندما يكبرون سوف يتشبهون بنفس طباع الاب ... كل ما اتمنى ان يتربى أولادي التربية الحسنة، فانا احس نفسي ضائعة مجردة من كافة حقوقي".
 
امنية وحيدة تمنتها فاطمة بعد انهت سرد معاناتها... امنية اختزلتها في كلمة واحدة "اريد ان اضم اولادي الى حضني".
 
هاتان القصتان هما اثنتان فقط من 12 قصة لا تقل معاناة عرضت في جلسة الاستماع لضحايا العنف ضمن حملة الـ16يوما للقضاء على العنف ضد المرأة، نظمتها اللجنة الوطنية الاردنية وبعنوان "أصوات الضحايا..استجابة المجتمع".