نساء المجتمعات الفقيرة والتمييز "الجندري" واقع كئيب

الرابط المختصر

رسم تقرير تناول مدى التغير المبني على النوع الاجتماعي في المجتمعات المهمشة في الأردن، صورة كئيبة لواقع المرأة في تلك المجتمعات بسبب التمييز الجندري ضدهن، وعرضا لأمثلة ونماذج تم رصدها عبر مقابلات خاصة بالتقرير، لقصص بينت فشل أغلب نساء هذه المجتمعات في استثمار كامل طاقاتهن في الحياة، لقلة الفرص ومحدودية الخيارات أمامهن.

التقرير الذي أعدته الباحثة من الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية إيمان النمري بدعم من صندوق دعم مبادرات تكافؤ الفرص التابع للوكالة الكندية للتنمية الدولية، استمد نتائجه من دراسة اختارت عينة مقصودة عددها 200 شخص، تمت مقابلتهم من منطقتي سحاب وإربد، بحيث تألفت عينة الدراسة من أسر فقيرة، وذات معدلات أمية مرتفعة، وينتشر فيها تعدد الزوجات والتسرب من المدارس، والزواج المبكر، وارتفاع معدل حجم الأسرة عن المتوسط.

أما رجال تلك الأسر من الذين تعتمد عليهم النساء، فغير مؤهلين بالمهارات ويعملون بأجور منخفضة، أو إنهم عاطلون عن العمل، وفق التقرير، الذي خرج بنتيجة مفادها أن خبرات رجال هذه المجتمعات حول دورهم، تقتصر على الالتزام بتأمين الاحتياجات المادية للأسرة، ودور المرأة على تربية الأبناء.

وتمتلك المرأة في هذه المجتمعات الفقيرة حيزا محدودا تتحرك فيه، يتركز على منزلها ومنازل أقربائها، وفق التقرير الذي بين أن "على المرأة أن تفاوض من أجل الحصول على إذن للخروج من هذا الحيز مثل الذهاب للسوق"، مبينا أن الرجال هنا "يفترضون أن ذكوريتهم تعطيهم الحق في صنع القرار، بينما يخضع الرجال غير المتزوجين لقرارات آبائهم، ولكنهم مستاؤون من اعتمادهم المادي عليهم".

ويرى الرجال، بحسب التقرير أن المرأة يجب ألا يكون لها دور في صنع القرار "فهم يتحكمون في قراراتها وحركاتها ووصولها للمعلومات، وتشكو المرأة من أن هذا ليس عادلا، وغالبا ما يؤدي الى قرارات سيئة".

ويؤكد التقرير أن مشاركة نساء هذه المجتمعات في سوق العمل تواجه قيودا، تكمن في منظومة انطباعات عامة سائدة، تفيد بأن العمل ليس من أولويات النساء، ويجب عليهن عدم الاختلاط والتنقل، الى جانب الشعور بأن عملهن خارج البيت سيؤثر على عملهن الأساس داخله، بالإضافة الى أن بعض أماكن العمل توصم بأنها سيئة أخلاقيا ويحظر على المرأة العمل فيها.

وعرض التقرير شهادات للعينة المبحوثة تعكس آراءهم اتجاه بعض القضايا، كرفض إعطاء المرأة حق اتخاذ القرارات، بحيث يقول أحد أفراد العينة من الرجال إنه "في أحد الأيام أحضرت معي نبتة، كنت أعرف أنها لا تستطيع العيش داخل المنزل، لكنني أصررت على بقائها في الداخل، زوجتي حاولت أخذ النبتة الى الخارج لكنني رفضت، بعد ثلاثة أيام عندما بدأت النبتة بالموت بدأت بإلقاء اللوم على زوجتي وحملتها المسؤولية لأنها لم تعتن بها، فرجولتي لم تسمح لي بالاعتراف أن الخطأ خطئي".

رجل آخر من العينة قال "النساء عقلهن صغير، إذا لم يعجبني رأي المرأة فهذا يعني أنها مخطئة. كل الرجال لا يأخذون برأي المرأة. فكل القرارات هنا للرجال"، مشيرا التقرير الى أنه غالبا ما يلقى اللوم على الفتاة لسلوك الرجل السيئ.

أما بالنسبة للدراسة في الجامعات، فأغلبية الذكور في هذه المناطق، وفق التقرير، يرفضون أن تكمل الفتاة تعليمها، ويوضح فرد آخر من العينة قائلا رأيه بهذا الخصوص "أنا حاصل على شهادة التوجيهي ولم أكمل تعليمي. لم أصل الى الجامعة لأنها سيئة. هناك الشباب والبنات يقفون في الممرات ويتحدثون مع بعضهم، وجميع الفتيات يرتدين ملابس سيئة. أكره كل الجامعات. لدي العديد من الأخوات ولن تذهب أي منهن الى الجامعة حتى لو كن مميزات في المدرسة".

وبيّن التقرير أن بعض رجال المجتمعات المهمشة يرفضون فكرة الالتحاق بالجامعة، لكن آخرين يسمحون لبناتهم بإكمال تعليمهن العالي بشرط التحاقهن في نطاق معين من التخصصات التي تنتهي بأن يعملن في مجال التعليم، وهنا يتحدث فرد من العينة قائلا إن "فتاة في الجامعة أصبحت صديقة لمجموعة سيئة من النساء بدأن بالتأثير عليها، فخلعت حجابها وأصبحت تدخن كما أنها أصبحت تبيع جسدها. عندما اكتشفت عائلتها ذلك منعتها من الدراسة وأبقتها في البيت ما الفائدة التي حققتها؟".

وبالنسبة لعمل المرأة، فغالبية رجال العينة عارضوا أن تعمل نساؤهم، ومن الأسباب التي طرحوها حول ذلك، أن عملهن يؤثر على أسرهن، كما أنهم يرفضون فكرة اختلاط نسائهم بالرجال، لأن ذلك يحفزهن على ارتكاب الخطيئة، كما أنهن قد يتعرضن للإساءة من الرجال المسؤولين عنهن.

إلا أن بعض الرجال يتقبلون عمل المرأة، وبرغم ذلك تواجه المرأة العاملة في هذه المجتمعات عوائق أخرى، كعدم تحكمها في دخلها، ويقول أحد أفراد العينة إن "بعض الأزواج يجعلون زوجاتهم يكتبن ورقة عند الزواج بأنه إذا عملن، فسيعطينهم الراتب وليس لهن الحق في أن يسألن أين ينفق؟".

أضف تعليقك