نجاح المقاطعة مرهون بوعي المستهلك

الرابط المختصر

لا تملك جمعية حماية المستهلك سلطة تنفيذية أو أمنية لتجبر بها المستهلكين على الالتزام بخيار مقاطعة اللحوم الحمراء أو أية سلعة يتم إساءة استغلالها واحتكارها من قبل التجار لتحقيق هامش ربح طائل على حساب المستهلك الأردني. ما يمكن أن تقوم به الجمعية - وهي مؤسسة مدنية تطوعية ذات موارد محدودة - هو تقديم المعرفة والمعلومات للمستهلك لمساعدته في اتخاذ القرار الصحيح ، وفي حال نجحت أم فشلت مشاريع ومبادرات المقاطعة تجاه أية سلعة فإن العنصر الأساسي الحاسم ليس الجمعية بل وعي المستهلك وإرادته.

حملة مقاطعة اللحوم الحمراء بدأت في الوقت الصحيح لأن مثل هذه المقاطعة ولكي تنجح فإنها يجب أن تستمثر الموسم الأكثر استهلاكا حتى تظهر فاعليتها ، وليس من المنطقي القول بأنه كان على الجمعية أن تنتظر نهاية الشهر الفضيل وإنهاء "الالتزامات الاجتماعية" للمواطنين من أجل بداية المقاطعة. هذه حجة لمن لا يريد أن يبذل جهدا أو يقدم ردا عمليا ويكتفي فقط بالتنظير ولوم الحكومة بدلا من المساهمة بدور ولو بسيط.

الخيارات الغذائية متاحة في الأسواق الأردنية وبأسعار مناسبة أكثر من اللحوم ، وشخصيا أنا وعائلتي ملتزمون بمبدأ المقاطعة شراء واستهلاكا منذ شهر ، بالإضافة إلى الكثير من المعارف والأصدقاء. ونعرف بأن هنالك نسبة كبيرة من الشعب الأردني تجد صعوبة اصلا في تأمين لقمة العيش ناهيك عن اللحوم الحمراء وبالتالي فإن الكرة تبقى في ملعب المقتدرين من الناس والذين يستطيعون قلب المعادلة وإجبار التجار على تخفيض الأسعار من خلال تعريض بضاعتهم للكساد وعدم الاستهلاك.

مقاطعة السلع الاستهلاكية هو سلوك مدني جماعي متميز ، وفي الكثير من دول العالم نجحت هذه الحملات بسبب تماسك وتضامن اجتماعي مسنود بوعي وقدرة على اتخاذ القرار وهناك حملات مقاطعة ناجحة للسلع المكلفة وكذلك المنتجات التي تصنعها شركات تستغل عمالة الاطفال وتلويث البيئة وغيرها من الممارسات الإنتاجية المرفوضة أخلاقيا ، وآخر هذه الحملات في بعض الدول الأوروبية تتعلق بمنتجات المستوطنات الإسرائيلية. وحتى في عالمنا العربي والإسلامي فإن بعض الحملات وخاصة مقاطعة السلع الدنمركية أثناء أزمة الرسومات المسيئة كانت فعالة ويبدو أنها نجحت بسبب وجود الحافز الديني القوي ، ولكن هناك أيضا حافزا وهو رغبة المستهلك في أن لا تتم سرقته في وضح النهار ومن الضروري أن يكون لها دور في تقوية فعالية المقاطعة.

نشرت جمعية حماية المستهلك قبل أيام دراسة مذهلة حول الفارق ما بين السعر الحقيقي للاستيراد وسعر البيع في السوق لبعض المنتجات الغذائية المستوردة ، وهي توضح مدى الجشع الذي يسيطر على عملية التسعير من قبل بعض الجهات في القطاع الخاص وخاصة المحتكرة ، ومع أنه يمكن دائما الإشارة إلى الحكومة وانسحابها من تنظيم القطاع التمويني فإن دور المستهلك هو الأساس وفي حال كانت المعلومة متوفرة لا يوجد أي مبرر لعدم اتخاذ المواقف الواضحة في مقاطعة مثل هذه السلع ودعم السلع ذات المنشأ الوطني أو التي يتم بيعها بهامش ربح معقول.