ناشطة نسائية عراقية تناشد الشعب الأردني تفهم الواقع العراقي والمساهمة في تصويب الصورة عربياً

الرابط المختصر

لا يستطيع الأردن المبتلى بحدوده الساخنة من الغرب والشرق إلا أن يكتوي بهذه الحرارة التي تتحكم بنبض شارعه المتسارع مع حدة ما يحصل في العراق وفلسطين، فالأردني محكوم بعاطفته الجياشة بكل ما يدور حوله، يقلقه انفلات الأمور حوله ويغضبه أن يتجرع جيرانه ألماً لا يستطيع إنهائه ونزيفاً لا يستطيع وقفه.وربما كان هذا الغضب سبباً رئيسياً في اختلاط المفاهيم لديه بالإضافة إلى الخطاب الإعلامي المتخبط في تناول الأحداث الساخنة التي تجري حولة وتحديداً في العراق، فقد ظهرت إشكالية حقيقة نتيجة تضارب المفاهيم لما يحدث في الشارع العراقي، فما يعتبره البعض جهاداً أومقاومة يعتبره أخرين بغض النظر عن حجمهم "إرهاباً".

والخاسر الكبير في هذه الحالة المواطن العراقي الذي ما زال يعول على جيرانه وخصوصاً العرب في إزالة اللبس حول الواقع في العراق الذي سببه الإعلام وخاصة العربي لدى تغطيته للأحداث هناك، هذا ما عبرت عنه شروق العبيجي عراقية تعمل في قضايا المرأة وقضايا المجتمع المدني من خلال شبكة النساء العراقيات وجمعية الأمل العراقية.

ولأن الأردن يلعب دوراً مهماً وأساسياً كبوابة للعراق إلى العالم الخارجي التي تعاني حدوده من فوضى هائلة مما أدى الى دخول عناصر اضرت بالعراقيين اكثر مما افادتهم-حسب العبيجي- فإن العراقيين يراهنون على المواطن الأردني الأقرب للواقع العراقي بحكم العلاقات الجغرافية والتاريخية المميزة بين الشعبين، تتمنى العبيجي على المواطن الأردني "أن لا ينساق وراء الإعلام الذي ننتقده بشدة لشدة ما عانينا منه لرؤيته ونقلة للصورة في العراق وفق هذه الرؤية، وبحكم أن الأردن الأقرب لنا بحكم علاقاتنا التاريخية كشعب والتواصل الكبير بيننا بحكم الفعاليات واللقاءات التي تقام للعراقيين في الأردن لذلك هم أقدر الناس على فهم الواقع العراقي وعكس هذا الواقع بشكل حقيقي بسلبياته وإيجابياته للعالم العربي بدل النظرة الأحادية لهذا الواقع"

وتضيف العبيجي"نحن نتمنى أن تكون علاقاتنا جيدة مع كل بلدان العالم في مجال البناء الإيجابي، وللأسف العراقيين عانوا لفترة طويلة في ظل النظام السابق والحصار من الجانب السلبي لهذه العلاقات ونحتاج إلى أن نستعيد ثقتنا بجيراننا وإخواننا العرب وأن نبتعد عن كيل الاتهمات لبعضنا البعض في كل اتجاه التي عانينا منها لدرجة أن العراقي اصبح لا يثق بأحد"





وبسبب وجود الإحتلال الأمريكي وظروف أخرى متراكمة فإن العراقيين يحتاجون إلى تفهم جيرانه العرب وخاصة في الأردن، وأن يتم التفهم والمساعدة بالطريقة الصحيحة التي يراها العراقيين أنفسهم، فترى العبيجي "أنه قد يكون هناك سوء فهم يؤدي إلى أن الجهاد أو المقاومة في العراق ضد الإحتلال هو خدمة للشعب العراقي، لكن واقع الحال يقول أن هذا الاحتلال جعل العراق ساحة مفتوحة للممارسة "الإرهاب" وبالمقابل العمل المسلح ضده، وفي النهاية وفي كلا الحالتين الاحتلال هو المستفيد لأن لديه حجة جاهزة للبقاء في العراق ولإبقاء قواعده العسكرية لمجابهة "الإرهاب" الذي يستهدف الشعب العراقي كل يوم".

وتؤكد العبيجي "كل عراقي يشعر بضرورة التخلص من هذا الوضع ومن الاحتلال باقرب وقت، لكن تعقيدات الوضع على الأرض تكون وعي لدى الشخص العادي بعبثية المقاومة العسكرية للاحتلال في الوضع الحالي، وأعتقد أننا كعراقيين من البداية حاولنا إيصال رسالة أننا سنمارس المقاومة بالطريقة التي تناسب واقعنا وهي المقاومة السلمية السياسية"

وإجابة على سؤال أنه في حال فشل هذه الطرق وبقاء الوضع على ما هو علية أجابت العبيجي "بالنسبة للمواطن العراقي هو يميز بين المقاومة و بين" الإرهاب " الذي يكون ضحيته الأولى العراقي نفسه، وفي حالة فشل خيارنا في المقاومة السلمية فإننا سنلجأ إلى طرق أخرى كشعب حر صاحب خيار في هذا الإتجاه وليس كجماعات متناثرة للأسف ساهمت بشكل اساسي بربط المقاومة بالإرهاب في العراق، واصبحت تثير حساسية بالغة لدينا"

على الأرض لم يتوقف الأمر عند الحساسية وإنما أصبح الجميع يتساءل بغضب حقيقي ما هذه المقاومة التي تقتل من المدنيين العراقيين أكثر من الجنود الأمريكيين، ما هي الغاية التي وسيلتها قتل مئات العراقيين، وتيتيم الأطفال كل يوم، وجعل المجتمع يدور في حلقة مفرغة من إنعدام الأمن وتعطيل الحياة بسبب ذلك.

وبالتالي عملية إعادة إعمار العراق التي من المفترض أن تكون اتخذت مساراً واضحاً وصحيحاً لها، وتعلق العبيجي على ذلك "المقاومة الحقيقية برأيي أن ينخرط العراقي في العمل والبناء وإعادة الأمل بأن يسيطر على إدارة البلاد ونشر الأمان في المجتمع وتسيير أموره بكفاءه، ساعتها لن يبقى أمام الأجنبي إلا الرحيل، فالخيار العسكري وبحكم تجارب عراقية سابقة مريرة دائماً يؤدي إلى كوارث عانينا منها جميعاًُ وخبرناها جيداً".