موقع بريطاني: هل تسير الأردن على خطى مصر في المدنية الجديدة؟
سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على المدينة الجديدة التي كشفت الحكومة عن تفاصيلها، وتساءل خبراء في تقرير أعده الزميل محمد العرسان حول مصادر تمويل انشاء المدينة في ظل عجز كبير تعاني منه الميزانية في الأردن.
فيما يلي نص التقرير:
كشفت الحكومة الأردنية عن تفاصيل إنشاء مدينة جديدة (40 كلم شرق العاصمة عمان) على تقاطع طريقين دوليين يربطان الأردن مع المملكة العربيَة السَعوديَة العراق، وتبلغ مساحتها الإجماليَة المقدَرة بعد الانتهاء منها قرابة (277) ألف دونم.
سيُقام مشروع المدينة الجديدة على عدَة مراحل، تبدأ المرحلة الأولى منه عام 2025 وتنتهي عام 2033، فيما تنتهي المرحلة الأخيرة منه عام 2050.
وحسب تصريح صحفي لوزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول، الأربعاء، " مساحة المرحلة الأولى من المدينة تبلغ حوالي 25 كيلو مترا مربعاً، تعتبر في مرحلتها الأولى نواة لتوسع مستقبلي مخطط لغاية 2050 حيث ستبلغ المساحة الكلية للمدينة 270 كيلو مترا مربعا، من المتوقع أن يبلغ عدد سكان المرحلة الأولى من المدنية نحو 157 ألف نسمة، وصولاً إلى مليون نسمة في حلول عام 2050 في ظل النمو والجذب السكاني المتوقع في المدينة عند اكتمال جميع مراحل المشروع".
"المدينة الجديدة ستقام على أرض مملوكة للدولة، وهي أيضا محاطة بأرض تملكها الدولة، ستوفر المدينة نحو 83 ألف وظيفة دائمة عند انتهاء المرحلة الأولى في عام 2033، ونحو 90 إلى 100 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال مراحل التنفيذ".
تخوف من التجربة المصرية
وعقب إعلان الحكومة لتفاصيل المدينة الجديدة، تخوف أردنيون عبر منصات التواصل الاجتماعي من توجه الحكومة لمزيد من القروض على غرار التجربة المصرية، خصوصا في ظل عجز تعاني منه الموازنة الأردنية لعام 2023 بلغ 2.5 مليار دولار ودين عام 45 مليار.
غردت آيات الحجاج "مو ضايل الا نعوّم الدينار مع المدينة الجديدة وهيك بنصير رسمياً مصر بس فرع الاردن !
بينما غردت نورا قميري "مصر بكل مواردها فلست بعد العاصمة الادارية الجديدة ، فكيف احنا؟!
عبد الحميد يقول شفتوا الإنهيار إلي بصير بمصر اليوم وسقوط الجنيه؟! ، سبببه الرئيسي المدينة الجديدة إلي عملها السيسي على حساب المشاريع التنموية مثل المصانع وغيره ، وحاليا حكومتنا بدها تورطنا بهيك مشروع كمان رغم وضعنا الإقتصادي إلي عايش عالمنشطات،اهم من المدينه الجديده تنميه الاقتصاد".
وغرد وزير الدولة لشؤون الإعلام السابق سميح المعايطة المدن الكبرى والعواصم تتوسع بحكم الزيادة السكانية،والتوسع إما أن يكون عشوائيا تحت ضغط الحاجة والتوسع او منظما و استباقيا ووفق خطة مرسومة،فكرة المدينة الجديدة ايجابية ومهمة جدا واستثمار أراضي الدولة خارج العاصمة،ونتمنى أن تكرارها في محافظات اخرى ليكون التوسع يخدم التنمية ومنظما".
في وقت يتخوف النائب في البرلمان الأردن موسى هنطش من تورط الأردن بقروض جديدة على غرار التجربة المصرية، يقول لـ ميدل إيست آي "نحن لسنا بحاجة الى مدينة جديدة، يجب انجاز البنية التحتية للسكان في المدن الحالية كأولوية وتطوير قطاعات مثل الصناعة، مشروع المدينة الجديدة هروب من عجز الحكومات عن تحسين الوضع الاقتصادي في كل القطاعات".
"إذا أخذنا تجربة مصر نجد أن عليها 450 مليار دولار بعد بناء المدينة الجديدة، نحن في الأردن ديننا العام 45 مليار ولا نستطيع تحمله، فماذا سيحدث لو اقترضنا اكثر، ايضا انا اتخوف من الفساد والسرقات التي تكثر في مثل هكذا مشاريع".
الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول يؤكد أن "مجمل الاستثمارات في المدينة الجديدة ستكون بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي، إلى جانب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى المساهمة الحكومية، الحكومة لن تلجأ إلى أي اقتراض داخلي أو خارجي لغايات هذا المشروع الوطني".
بداية فكرة مدينة جديدة طرحت عام 2017 من قبل حكومة هاني الملقي رئيس الوزراء الأسبق، إلا أن حكومة خلفه عمر الرزاز أعلنت أنه لا نية لمثل هذا التوجه، لتعد بتحسين مستوى الخدمات في قطاع النقل والخدمات والحد من الازدحام المروري الناتج عن الكثافة السكانية المتزايدة في العاصمة عمان، وهذا الذي لم يحدث.
يقول الشبول “المدنية الجديدة تشكل فكرة تحديثية تأتي استجابة لتطلعات الدولة الأردنية في مئويتها الثانية، من خلال تطوير القدرات وتوفير الحلول الاقتصادية والتنموية والسكانية بأبعادها المختلفة".
آراء حول المدينة الجديدة
مستشار التصميم الحضري، المهندس د. مراد الكلالدة، فكرة المدينة الجديدة، يعتقد أن "البدء في تنفيذ هذه المدينة ليس بالأمر السيء، إلا أن هذا النوع من المشاريع يتطلب رصد مبالغ مالية كبيرة، لضمان استمراريته".
"المبلغ الذي تم رصده من قبل الحكومة بقيمة 70 مليون دولار سنويا يعد مبلغا زهيدا مقابل الاستثمارات الضخمة للبنية التحتية". يقول لـ ميدل إيست آي
يتحدث الكلالدة عن تحديات "مازال هناك متسع في عمان لاستيعاب عدد كبير من السكان 30% من أراضي العاصمة عمان فارغة، أيضا وجود المدينة الجديدة في مناطق صحراوية في البادية سيقلل من فرص جذب السكان لها، إلا إذا قدمت الحكومة تخفيضات على أسعار الأراضي، والتركيز على نقل سهل للمدينة".
الحكومة أعلنت أنها ستخصص مبلغ 622 مليون دولار من الموازنة لتمويل إنشاء البنية التحتية، بمعدل 70 مليون دولار سنويا.
في وقت يعتقد نائب رئيس الوزراء الأسبق، د.جواد العناني، أن الفكرة قابلة للتطبيق ولا تحتاج الى تمويل، يقول لـميدل إيست آي "الفكرة تقوم على استملاك اراضِ وتسليما لمطورين يتقاضون مقابل ذلك أراض من الحكومة".
"النظرة اليوم إلى المستقبل بعد 100 عام حيث سيكون التواصل في مجمله عن بعد عبر الانترنت دون الحاجة للتواجد في نفس المدينة، كثير من عواصم العالم لما غيرت في أماكن عواصمها مثل ما حدث في مصر والبرازيل بسبب الكثافة السكانية".
تقول الحكومة الأردنية أن المدينة الجديدة ستسهم في إنشاء قطب نمو عمراني جديد، وتخفيف الضغط السكاني عن المدن الكبرى، مثل عمان والزرقاء، بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة والخدمات في هذه المدن.