موظفون يتعرضون للتسريح المبطن

موظفون يتعرضون للتسريح المبطن
الرابط المختصر

• الرهاب الوظيفي يؤثر على الموظفين * انحياز الأردنيين إلى القطاع الحكومي بحثا عن الآمان الوظيفي * التسريح المبطن سياسة شركات في الوقت الحالي * حسم الرواتب يعود لصندوق الموظفين

 

طفح الكيل بالموظف محمد برهومي 40 عاما العامل في إحدى شركات الشحن الإقليمية العاملة في الأردن، بعد تعرضه في السنة الأخيرة لجملة ضغوطات في العمل، يسعى أصحابها إلى أن يقدم استقالته برضاه.

برهومي، يعمل في تلك الشركة منذ عشر سنين، يجد في تراجع أرباح الشركة أثرا كبيرا على مضايقات عديدة تقوم بها إدارة الشركة بحق عدد من الموظفين، يعتبرهم محمد من قدامى الموظفين والذي تتجاوز رواتبهم عن 800 دينار. ومنها "مضايقات في أخذ الإجازات ويصاحبها خصم بحجة أن الشركة بحاجة لدوام الموظفين دون أخذ الإجازات المكفولة في القانون، أو تأخر لخمس دقائق يصاحبه خصم بعشرات الدنانير".

عماد أبو خديجة يعمل في شركة خاصة، تفاجئ الشهر الماضي، بخصم على راتب الذي يتقاضاه 550 دينارا إلى 460 دينارا، بحجة أن ساعات عمله لم تغطي المحدد، وقال: "نحن يتفقون معنا بساعات عمل خارجية لصالح الشركة، ويرسلون لي موظفين بشكل غير مباشر ليقولوا لي أني مخالف لساعات العمل بقضائي حاجات شخصية خلال وقت العمل".

وعند مراجعة عماد الإدارة تلقى رسالة شفهية من أحد العاملين في الإدارة تقول له "غير مستحب وجودك في الشركة، سارع في تقديم استقالتك أفضل من تقع في مشاكل لا تستطيع عندها الاستقالة برضا".

يتقاضى رياض سعادة راتبا لا يتجاوز 350 دينارا ولم يزد راتبه منذ سنتين، حيث الزيادات السنوية تأتي من هنا وتنقص بحجة خصومات لعدم الكفاءة في العمل، ويقول: "هناك عنصرية في العمل وتمييز بين الموظفين على أساس الأصل وهذا واقع الجميع يعرفه في الشركة حيث يصل عددنا إلى 50 موظفا، والامتيازات تذهب إلى ما يقاربون المدير بالمدينة".

وليد حجازي، سائق شاحنة، يعمل في إحدى شركات النقل، يقول أنه تعرض لأكثر من مرة لإهانة من قبل مسؤوله في العمل بدون سبب يذكره غير أن ما يسمعه من زملاء بأن ذلك المسؤول "لديه صلاحية بإقالة عدد من العاملين تخفيفا على الشركة التي تعاني من أزمة مالية"، وهذا الأمر بات يشعر وليد بتهديد يومي من فصله من العمل بسبب أخطاء قد لا يكون ارتكبها هو نفسه.

تعديلات على قانون العمل

تقرير متخصص صدر قبل عدة شهور عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أشار إلى أن المادة 31 من قانون العمل الأردني رقم 8 لعام 1996 وتعديلاته، مكنت عدد من المؤسسات والمصانع من تسريح ما يقارب 1100 عامل أردني خلال عام 2009 والشهرين الأولين من عام 2010. في حين تم الاستغناء عن خدمات ما يقارب 2250 عاملاً أردنيا وما يقارب 6900 عامل آخرين من العمالة الوافدة (المهاجرة) غالبيتهم من الجنسيتين الهندية والبنغالية.

وأوصى التقرير بتعديل المادتين 31 و25 من قانون العمل الأردني لما فيهما من تهديد للعاملين في الأردن. وبين المرصد العمالي أن المادة 25 تمنح أي مؤسسة الحق في تسريح الموظف لديها ومنحه تعويضا هو راتبه الشهري لفترة 3 إلى 6 أشهر.

المادة 31 تمنح أي شركة تسريح الموظفين لديها بحجة إعادة الهيكلة بسبب الخسائر، وفق ما يرصده التقرير، لافتا إلى أن موافقة وزارة العمل على 81% من طلبات إعادة الهيكلة أدت إلى فصل مئات العمال.

وتعرض التقرير لمسألة فصل 256 عاملا من وزارة الزراعة الأردنية، وهم الذين تفاقمت الأزمة بين ممثليهم والحكومة الأردنية رغم وعود رئيس الحكومة بحل مشكلتهم.

المادة الثالثة والعشرون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تشير إلى أن لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة. كما لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر مساوٍ للعمل. أيضا لكل فرد يقوم بعمل، الحقُ في أجرٍ عادل مُرضٍ يَكْفُل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.

رهاب وظيفي يهدد الموظفين

أحمد عوض مدير المرصد العمالي، يرى من جانبه أن ثمة "رهاب وظيفي" قد يتعرض له الموظف من خلال انتهاج إدارة عمله "سياسة تطفيش الموظفين" إلى أن يستقيل بإرادته خصوصا وأن شركات "بدت تتحاشى الدخول في جولات من القضايا في المحاكم في حال قامت بفصل موظفين ودفع تعويضات، إذ تلجأ إلى ذلك الرهاب.

يفلت عوض إلى ما أشارت إليه الدراسة "أن الأنظمة والقوانين والمواد 29 و31 تيسر على الشركات التخلص من موظفيها"، ولكن تتحرك شركات، على سبيل التخفيف الأعباء عليها، تقوم ب"تطفيش" الموظفين وانتهاج الإرهاب الوظيفي، أما فيما لو فصلت موظفين ودخلت في جولات من القضايا قد تضطر إلى دفع تعويضات.

حق التنظيم النقابي

يتحدث عوض عن خيارات عديدة للموظفين لمواجهة هذا الواقع؛ منها اللجوء إلى تنظيماتهم النقابية، وفيما لو لم يكن لديهم مظلة نقابية، فعليهم أن يبادروا إلى تأسيس تنظيم نقابي عمالي يمثلهم ويدافع عن حقوقهم، "التعديلات التي جرت على قانون العمل، يسرّت ولو جزئيا من عملية تشكيل منظمات نقابية لأنها أحالت الموضوع إلى اللجنة الثلاثية بدلا من وزير العمل وحده، والمكونة من أصحاب العمل والنقابات العمالية ووزارة العمل"، وفق عوض.

لكن عوض يستدرك ويقول أن التنظيم العمالي في الوقت الحالي لا يزال صعبا في التشكيل النقابي، وهذا تحد يواجهه العاملون. رغم وجود مواد قانونية تعالج التسريح من العمل، إلا أن يمكن الموظف أو العامل اللجوء إلى القضاء من خلال المحاكم المدنية والعمالية.

ويضيف عوض أن "الكثير من العاملين في القطاع الخاص يفتقروا للأمن الوظيفي وهو أحد أسباب تفضيل الأردنيين العمل في القطاع الخاص هو الرهاب وعدم الإحساس في الأمن الوظيفي".

قانون العمل وحماية الموظفين

"نتحرك في حال تلقينا شكاوى أو من خلال فرق التفتيش العاملة في الميدان حيث يتم تحرير مخالفة بحق صاحب العمل"، يقول الناطق الإعلامي في وزارة العمل، جهاد جادلله.

فيما يتعلق بالخصومات، يوضح جادالله أن أي مؤسسة لديها أكثر من 10 عمال يجب أن يتوفر لديها، استنادا لأحكام المادة55 من قانون العمل الأردني، نظام داخلي ينص على لائحة عقوبات وجزاءات، ويوضح جادالله أنه إذا كان هناك "خصومات مالية لا تعود هذه الخصومات لصاحب العمل وإنما لصندوق خاص يعود بالنفع الاجتماعي على العاملين في هذه المؤسسة".

ويقول جادالله أنه لا يجوز أن تأخذ الإدارة المالية المال المخصوم من الموظفين إنما فقط للصندوق.

تقرير المرصد العمالي، أوصى بضرورة تعديل المادة 25 من قانون العمل الأردني والمتعلقة بالفصل التعسفي، بحيث يتم إلزام الشركات بإرجاع العامل إلى عملة وزيادة قيمة التعويض للعامل حال ثبوت حالة الفصل التعسفي، إذ أن قيمة التعويض في النص الحالي منخفضة ويتراوح بين 3 إلى 6 أشهر فقط. كما طالب بتعديل نص المادة 31 من قانون العمل التي تسمح لصاحب العمل بتسريح العمال؛ بحيث يتم وضع ضوابط مشددة أمام صاحب العمل لتسريح العمال الجماعي.