موسيقى صوفية هولندية في عمان
استحضر ستة موسيقيين من فرقة ترهانا الهولندية مساء امس الجمعة على المسرح الرئيس في المركز الثقافي الملكي نفحات من سحر الموسيقى الصوفية الممزوجة بقوالب من موسيقى الجاز العالمية. وقدم اعضاء الفرقة ذوو الاصول البلغارية والتركية والتركمنستانية والالمانية والهولندية الوانا من المقطوعات الموسيقية والغنائية التي تخللتها إيقاعات شرقية متعددة "الريتم" تستلهم الحانا اناضولية وأفرو اناضولية مستندة في بعض مواقعها إلى إرث مدرسة جلال الدين الرومي احد كبار ائمة النهج الصوفي, الذي عاش في مدينة قونية بالاناضول؛ لتحتفي بجماليات المزاوجة بين عالمي الشرق بسحره الغامض والغرب بايقاعاته السريعة المنفتحة.
وقدمت الفرقة التي نالت استحسان الجمهور عددا من المقطوعات ومنها, "إيلي تورنام" و"دولغر/جولة صوفية" و"بابي غز/الباب الخفي" و"اناضولو" من التراث التركي و"ايران" و"لالا لي" من التراث الصوفي الفارسي و"بيله بويه" من التراث المكدوني, استطاعت من خلالها ان تختزل الامكنة والازمنة الى عوالم جوانية الفعل الروحاني لتؤكد وحدة التجربة الانسانية متكئة على مقولة جلال الدين الرومي: "تعال.
كائنا من كنت انت, وكائنا اي مكان تنتمي له انت".
وقال رئيس الفرقة ومؤسسها شاهين دورينغ في حديث إلى وكالة الانباء الاردنية(بترا) ان الفرقة التي تحمل اسم احد اهم انواع الحساء الريفي متعدد عناصر التكوين والمنتشر في بلاد البلقان وتركيا واواسط اسيا, تسعى الى محاولة المزاوجة بين الموسيقى الغربية والشرقية ودمجهما بقوالب عصرية دون المساس بعمق التاثير الروحاني لموسيقى الشرق.
وأضاف عازف الايقاع الافرواناضولي دورينغ ان عملهم يرتكز على ابقاء القوالب الرئيسة للموسيقى الشرقية والغربية وعصرنتها بتطويع الايقاع السريع ليتلاءم مع قتنا الحاضر, مشيرا الى استنادهم الى مدرسة الجاز الغربية وتاثرهم بالموسيقى الصوفية "المولوية" الاناضولية.
واكد انهم ليسوا متصوفين او موسيقيين صوفيين بالمعنى المطلق وانما هم فرقة تسعى لتقديم عروض موسيقية تحمل تاثيرا صوفيا على وجه العموم وتحاكي الموسيقى الاناضولية على وجه خاص, مشيرا الى تأثر الموسيقار العالمي اماديوس موزارت بالالحان التركية العثمانية انذاك ويظهر ذلك من خلال مقطوعته الشهيرة "آلا توركا".
واكد مغني الفرقة الرئيسي وعازف آلة البزق الوترية اوزهان آتشيك باش ان هناك تناميا وصعودا في الانفتاح على هذا النوع من الموسيقى, عازيا ذلك الى الانفتاح بين الشرق والغرب والتداخل الثقافي في اوروبا بسبب تاثير الجاليات المهاجرة من دول الشرق الاوسط وشمالي افريقيا والبلقان وتركيا واوسط اسيا وانعكاس ما حملوه معهم من ميراث ثقافي على واقعهم المعاش في بلاد المهجر وسعيهم لايجاد صيغة توفيقية من خلال المزاوجة بين هذا التعدد الثقافي ومنه الموسيقي, لافتا الى ان هذه المزاوجة لاقت ترحيبا واسعا من الجمهور الاوروبي.
وقال عازف البيانو الالماني فرانز فون تشوسي "انه لكي تستطيع الحصول على الالهام الكافي لتقديم شيء مميز في هذا النوع من الموسيقى فان ذلك يتطلب الترحال والتنقل عبر الدول والثقافات", معربا عن سعادته بتقديم عروض الفرقة في عمان من خلال مهرجان الموسيقى والغناء الصوفي الذي نظمه المنتدى الاردني للموسيقى بالتعاون مع وزارة الثقافة وامانة عمان الكبرى ويستمر خمسة ايام.
وبين تشوسي خصوصية الموسيقى الصوفية والجاز اللتين تمتازان بحيوية التعبير والقدرة على التمدد بما تملكانه من مساحات موسيقية واسعة.
أما عازف الايقاع الغربي البلغاري بوريسلاف بيتروف فاكد ان موسيقاهم هي مزاوجة بين موسيقى عالمي الشرق بكل مكنوناته والغرب بايقاعه السريع دون الالتزام بتحديد نوع معين من الموسيقى التي يشكلون منها هذه التراكيب, موضحا ان اداء هذا النوع من الموسيقى لا يعتمد بالضرورة على النوع الموسيقي بقدر ما يوجب مراعاة الاختيار الدقيق والصحيح لكيفية المزج بين اي موسيقى من الشرق مع اخرى من الغرب والمحافظة على عناصرهما الاساسية ومدلولات العمق والهوية وتاثير ذلك النتاج الصوتي دون المس بخصوصية منابعها الثقافية.











































