موسم العكوب يشكل مصدر دخل لمئات العمّال

يشكل نبات العكوب مصدر دخل جيّد لمئات العمّال في قطاع الزراعة خلال فترة شهرين على الأقل. وعلى الرغم من ذلك، فقد يتعرض العمّال لمخاطر كثيرة خلال مراحل البحث عن العكوب وقطفه وتجهيزه للبيع في الأسواق.

 

والعكوب نبات بريّ شوكيّ معمّر يعود استخدامه إلى أكثر من 2000 سنة، ولديه جذور سميكة ينمو منها النّبات في كل موسم، ويمتاز ورقه بمركزه الذي يظهر بعدة ألوان منها: الأحمر والأصفر والأرجواني، وتكون أوراقه ناعمة، ويمكن تناولها عند نموّها في فصل الرّبيع، وتصبح أكثر جفافاً تدريجيّاً خلال فصل الصّيف.

ويستخدم العكوب كذلك كطبق شعبيّ؛ بقلي رؤوسه مع زيت الزيتون، وغليها بعصير اللّيمون بعد ذلك. 

 

يؤكد عمّال زراعة في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي"، أنه مصدر دخل جيّد، وإن كان مؤقتا، خلال الفترة الممتدة بين شباط ونيسان، وتغطي مصاريفهم وأسرهم خلال الموسم.

تعمل جميلة السميرات (52 عاماً)، منذ أكثر من 20 عاماً في قطف العكوب، وتعتبره "موسم الصيد والخير"، فبعد أن توفي زوجها عام 2000، اتخذت من العكوب مصدر دخل لها ولأسرتها المكونة من ثلاثة أفراد. 

تبدأ السميرات البحث عن العكوب في المناطق الجبلية القريبة من منزلها في الأغوار الشمالية، "آخذ معي شوالات، سكينة، مقص وقفازات، اتسلق الجبال الوعرة وأبدأ البحث عن العكوب".

يختلف الأمر عند ذهابها لأماكن بعيدة، مثل جبال عجلون والكرك والشوبك، فتخرج من المنزل عند الثانية قبل الفجر، "أذهب برفقة أقاربي وجيراني، نتسلق الجبال ونبدأ البحث عن العكوب، وعند الحادية عشر صباحا ننهي عملنا". 

وتتفاوت مسافة الطريق حسب الوجهة التي تذهب إليها، وتتفاوت معها أجرة التنقل بين ثلاثة إلى ستة دنانير، "عندما نذهب إلى جبال الكرك والشوبك نصل عند السادسة صباحاً".

وحال عودتها إلى المنزل ودون أن تأخذ قسطا من الراحة، تباشر بإزالة الأشواك عن العروق، "أنظفه وأقوم بتوزينه ليأتي التاجر ويشتريه بدينارين ونصف للكيلو الواحد، ويبيعه في الأسواق بأربعة أو خمسة دنانير".

تحصل السميرات في اليوم الواحد على 16 دينارا، وتقول إن وضعها الصحي يمنعها من تحصيل المزيد، فهي تعاني من مرض الضغط وآلام في الركبتين، "يختلف الأمر عند الشباب العاملين، فلا يقل أجر الشاب عن 50 دينارا في اليوم الواحد". 

وتشير إلى أن عددا من الأسر تعتبر العكوب مصدر دخل رئيس ووحيد لهم، "يأتي الناس من مناطق مختلفة من مأدبا والزرقاء وغيرها؛ ليبحثوا عن العكوب، إذ تعتمد 50 أسرة فقط من المنطقة التي أسكنها على موسم العكوب".

وتبين السميرات أنها في وقت سابق، عملت في مزرعة لإنتاج العكوب، "صاحب المزرعة زرع ما يقارب 15 دونماً من العكوب"، ما يعني أن زراعة وتكاثر العكوب من الزراعات الناجحة التي يمكن أن توفر فرص عمل مؤقتة لعدد لا بأس به من عمّال الزراعة".

أما عبدالرحمن الصقر، فينتظر موسم العكوب "من السنة للسنة"، ويشكل مصدر رزق وحيد له ولزوجته، فمنذ خمسة عشر عاماً يعمل في قطف العكوب. 

يقول الصقر لـ"المرصد العمّالي"، إنه يتعاون وزوجته في العمل، "أنا أذهب وأقطف العكوب وآتي به إلى المنزل، وزوجتي تزيل الأشواك عنه وتجهزه للبيع".

وتؤكد زوجة الصقر، أحلام ملحم، أنه عند عودته للمنزل، تبدأ العمل؛ "أرتدي القفازات، أبدأ بتقشير العكوب وتنظيفه من الأشواك، قد يمتد العمل لخمس ساعات وأكثر، وحين أنهي عملي، نتحدث مع التاجر ليأتي ويأخذ الكمية كاملة".

يبين الصقر أنهما يحصلان على 35 ديناراً في كل يوم يذهب فيه لقطف العكوب، "في الموسم نجمع أكثر من  700 دينارا".

ويؤشر إلى أنه يعاني من حساسية الجلد، ويبقى حذرا عند قطف العكوب، غير أنه يعاني من "نقص كبير في الوزن في تلك الفترة؛ بسبب المشي لساعات ومسافات طويلة وتسلق الجبال الوعرة". 

 

من جانبه، يقول رئيس النقابة المستقلة للعاملين والعاملات في قطاع الزراعة (قيد التأسيس) مثقال الزيناتي، إن مئات العمّال يستفيدون من موسم العكوب كمصدر للدخل، قد يكون مصدرا رئيسا لبعضهم.

يتابع حديثه إلى "المرصد العمّالي" بالقول: "فصل الربيع الوقت الملائم للعكوب ويستمر حتى نهاية شهر نيسان، وعادة يباع الكيلوجرام بدينارين، أما الكمية التي تجمع فمتفاوتة، وبالتالي يتفاوت المبلغ الذي يجمعه العمّال". 

ويوضّح أن نبات العكوب ينمو ويتكاثر في المناطق البريّة والجبال الوعرة غير القابلة للحراثة، "يتواجد العكوب بكثرة في جبال الطفيلة والكرك وعجلون".

وعلى رغم أن العكوب يوفر مصدر دخل جيّد، فقد يواجه العمّال مخاطر عديدة، منها: الأشواك الحادة للعكوب، وبسبب الجبال الوعرة والمنحدرة قد يتعرض العمّال لانزلاقات وكسور، أو حتى هجوم من الحيوانات المفترسة مثل الكلاب الضالة والضباع.

وعلى ضوء ذلك، يؤكد الزيناتي أنه يمكن أن يتعرض العمّال لإصابات ناتجة عن استخدام أدوات حادة مثل السكين والمقص وغيرها من الأدوات المستخدمة في القطف، إلا أن أكثر الحوادث تكون انزلاقات وكسور.

 بينما تؤشر السميرات، إلى أنها ترتدي قفازات لكي لا تتعرض لخطر الأشواك والأدوات الحادة، "رغم أنّي ارتدي زوجين من القفازات المخصصة للأعمال الخطرة، فقد يدخل الشوك أحياناً في يديّ، وشوك العكوب قاس". 

وتوضّح لـ"المرصد العمّالي" أنها تعرضت كثيراً لهجوم من الحيوانات المفترسة وسلمت بأعجوبة، "إحدى المرات بمنطقة عيون الذيب في مأدبا، هاجمني والمجموعة ضبع وسلمنا منه بالهروب على الجهة الثانية من المنطقة، ومرة أخرى هاجمني كلب مفترس وأنقذني منه راع كان متواجدا في المكان".

وعلى جانب آخر، مقارنة بالسنوات الماضية فقد قل تواجد العكوب في الطبيعة؛ بسبب الأساليب الخاطئة لبعض الأشخاص في قطف العكوب، الأمر الذي يؤثر على البيئة وأيضاً على دخل مئات العمّال.

وتؤكد السميرات أن بعض هؤلاء يستخدم الفأس ويقطع العكوب من جذوره، الأمر الذي يمنع نموه مرة أخرى، وهذا "يؤذي البيئة ويؤثر على رزقنا".

 

أضف تعليقك