مواطنون: نساء المناطق الشعبية أكثر عرضة للعنف

العنف ضد المرأة من أكثر القضايا الشائكة ليس في مجتمعنا العربي فحسب بل في كافة أنحاء العالم، فهناك الكثير من المنظمات الحقوقية

 

التي تدافع باستمرار عن حق المرأة وتحسين مستواها ومعيشتها وتخفيف من حد الظلم الممارس بحقها بكافة أشكال العنف

 بعض من المواطنين في الشارع الأردني رأوا أن أكثر النساء اللواتي يتعرضن للعنف هن اللواتي يعيشن في المناطق الشعبية التي تكون فيها نسبة التعليم متدنية إلى حدا ما، ولكن بعض من استطلعنا أرائهم أوضحوا أن المؤسسات الحقوقية قد أعطت المرأة امتيازات للمحافظة على كرامتها.
رغم هذا يعتقد الأغلبية منهم أن النساء يتعرضن للعنف بسبب تدني مستوى التعليم، إلا أن هناك الكثير من الدراسات تشير إلى أن العنف ليس له علاقة بالمستوى التعليمي أو الطبقات الاجتماعية، وإنما تعود إلى التربية السليمة والأخلاق التي يكتسبها من الدين الإسلامي.
 إذ يرى انس 25 عاما بان العنف الممارس ضد المرأة أصبح اقل وطأة مما كان عليه قبل 20 عاما ولكنه لا ينكر أن زمن العنف قد انتهى ويقول:" الرجل أصبح أكثر وعيا وتقديرا للمرأة، والمرأة أيضا على دراية أكثر بحقوقها".
 ويضيف:" فغيرة الرجل من المرأة تؤدي به إلى استخدام أساليب العنف معها، كالضرب الجسدي أو اللفظي أو النفسي، أو منعها بالقوة من الخروج من منزلها، وهذه الطريقة غير لائقة بالتعامل مع المرأة على الإطلاق، وتنعكس سلبا عليها وعلى تصرفاتها، وربما تسبب الأذى لزوجها بطريقة غير مباشرة".
 ويرى أنس أن أكثر المناطق التي يتواجد بها العنف هي" المناطق الشعبية وهذا بحكم معتقداتهم وارتباطهم بالعادات والتقاليد، والمفاهيم الخاصة المرتبطة بالمرأة ". ويتفق زكوان نهاد مع انس بان" العنف يتواجد بكثرة في المناطق الشعبية، بعكس المناطق الأخرى، التي تكون فيها نسبة الوعي والثقافة بين الرجل والمرأة متكافئة وهناك تفاهم بين الزوجين، فالمناطق الشعبية يحكمها دخل معين وبالتالي تكون نسبة التعليم اقل".
 وبين إن "العنف أصبح يأخذ منحى نفسيا أكثر منه جسديا " المؤسسات الحكومية لعبت دورا بإعطاء المرأة امتيازات للمحافظة على حقوقها، إذ تشكي المرأة زوجها في اللجوء إلى تلك المؤسسات في حالة تعرضه لها بالضرب،  لذا أصبح العنف النفسي أكثر استخداما أكثر من غيره".
 ويشجع زكوان انتشار تلك المؤسسات كحماية الأسرة وغيرها وذلك من خلال تسليط الإعلام عليها، وعمل ندوات ومحاضرات لتوعية المرأة والرجل.
 أنواع العنف ضد المرأة مختلفة بإشكالها، فتصف هديل بان" أشدها هو العنف اللفظي والكلام الجارح واللاذع". وتضيف:"من الضروري توعية الزوج والأسرة بكفيه التعامل مع المرأة، والمحافظة على حقوقها والأخذ بها، لان المرأة هي التي من يقع عليها العنف ".
 وترى هديل أن العنف ليس مقتصرا على فئة معينة، فالمتعلم والجاهل والغني والفقير جميعهم يمارسون العنف اتجاه المرأة، ولكن يعود ذلك إلى مدى فهم وتقدير الرجل للمرأة، واحترام حقوقها وتقديرها". 
 في حين رأت حليمة بان العنف يقتصر على طبقة معنية في المجتمع وتحديدا في المجتمعات التي تكثر فيها نسبة الأمية، واعتبرت أن للعائلة دورا كبيرا في تعزيز العنف أو تقلصه، وتقول:" فالعنف يحدث على أهون الأسباب ربما زواج شاب من فتاة رغما عنه يدفعه إلى استخدام العنف معها وهذا إذا ما حدث انسجام بينهما بعد الزواج".
 من ناحية حقوقية...
 وتسرد المحامية المختصة بشؤون وقضايا المرأة السيدة سمر عساف مثالا لحالة عنف ضد المرأه وتقول "أعطي مثالا لحالة معينة، كانت بالنسبة لي من أصعب الحالات التي أتعامل معها، ولم أتوقع في يوم أن أصادف كمثل هذه الحالة، وهي امرأة تعرضت للتعذيب وبشكل مخيف من زوجها وأبنائها المجبرين على تعذيبها خوفا من أن يقع العنف عليهم من قبل الأب، والمرأة بقيت صامتة وسلبية، لما يحدث لها خوفا من ثقافة العيب والمفاهيم الخاطئة التي تحملها، حتى وصلها هذا الأمر إلى الانتحار لتخلص من حالها، بعد 14 عاما من العذاب، وبعدها قررت الانفصال عن زوجها، ولكن جاء هذا القرار متأخرا، بعد أن عرضت أولادها إلى نفس المشكلة والأمراض النفسية التي يحملها والدهم، فانا وضعت اللوم على السيدة التي كانت مغلفة بمفهوم خاطئ يسمى الصبر وكان الأولى لها أن تعالج المشكلة لا تزيد من وطأتها وتولد عدة مشاكل يصعب حلها".
 وعن سلبيات تقبل المرأة للعنف بصمتها عنه دون الدفاع عن نفسها، لتصبح ضحية فيما بعد، تقول المحامية العساف بقولها:" صمت المرأة وتقبلها للعنف الموجه لها من قبل الرجل سيساهم في تفاقم المشكلة لا حلها، وسيتمادى الرجل ويزيد من العنف ضدها ولن يقف عند حد معين، وعلى المرأة التخلص من ثقافة العيب التي قد تؤدي بالنهاية  إلى تدمير حياتها وحياة أبنائها أيضا، لأن المشكلة لن تقتصر عندها وحسب، بل ستولد في نفوس أبنائها ما يكنه زوجها من أمراض نفسية، فعندما يشاهد الأبناء والدهم يمارس العنف ضد أمهم، سيغرس في نفوسهم أن هذا الأمر طبيعي ومفروغ منه، ومن هنا لن تكون حالة الأب الوحيدة التي تمارس العنف بل سيعززها في أبناءه لتكرر مأساته مما سيزيد الأمر تعقيدا".
 وتتابع عساف بأنه" لا الدين الإسلامي ولا القانون يسمح بان تصبر المرأة على ظلم يقع عليها، حتى ولو كانت إيهانه بسيطة، فبعدنا عن ديننا وقلة فهمنا له، ساهم في ازدياد هذه المشكلة، فضلا عن أهمية معرفة المرأة بالقوانين التي تتعلق بها وتحميها من أي عنف ضدها".
 بعض من المواطنين أكدوا على أن العنف يكثر في الشرائح التي تزداد نسبة الأمية فيها، بينما لا توافقهم المحامية سمر عساف الرأي بقولها" إن زوج السيدة التي ذكرت قصتها سابقا من الأشخاص المتعلمين والحاصلين على شهادة الدكتوراه وللأسف، وهذا يدل على انه ليس من الضروري أن يكون متعلما لكي يتعامل مع زوجته، ولكن ما يلعب دور في السلوكيات اتجاه أي أمر هي البيئة التي ينشئ فيها والظروف التي يعيشها، وسوء المفاهيم الخاطئة التي يحملها عن المرأة والتي قد استمدها من بيئته أو من عائلته، تؤدي إلى هذا الفعل، وبخاصة إذا كان والده تعامل مع أمه بهذه الطريقة".
 "فالتعليم وحده لا يحد من تلك المشكلة فالأساس هي التربية والدين والأخلاق، علما بان أكثر الدراسات أثبتت أن التعليم ليس له علاقة بالعنف وإنما التربية والأخلاق والرادع الديني الحقيقي".
 وذكرت المحامية عدة أسباب تحقق للمرأة التجنب من التعرض لأي شكل من أشكال العنف بقولها:" بداية يجب أن نبدأ بالأطفال وهذا من خلال المرشد الاجتماعي في المدارس، وذلك بالتقرب من الأطفال ومحاولة معرفة هل إذا كانت لديهم مشكلة نفسية أو ظروف اجتماعية، والعمل على مساعدتهم في حلها وتخلص منها من البداية".
 وترى انه من الضروري أن" التخلص من ثقافة العيب اتجاه الطبيب النفسي المعالج لتلك الحالات، والتعامل مع هذا الأمر بكل بساطة ودون تعقيد، والتخلص أيضا من اعتقادنا بأنه من يزور الطبيب النفسي مصابا بالجنون، فنشر الوعي حول هذه النقطة ضروري جدا، لان كل إنسان منا معرضا لظروف اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية، واللجوء إلى الطبيب النفسي عند الحاجة له يخفف من تلك الضغوطات، بمجرد الحديث عنها سيجد في ذلك راحة ويتخلص منها".
 وتختم عساف حديثها بان" للنساء دور مهم وكبير بمعرفة حقوقها  التي تصب لصالحها، وان لا تساهم بتفاقم المشكلة بصمتها، مهما كانت طبيعة العنف الموجه لها سواء معنويا أو جسديا، ولا تقول أن الحال سيتغير وحده، بل يجب اخذ التدابير والإجراءات اللازمة لحل هذه المشكلة، دون حتى الرجوع إلى الطلاق، وان تعلم جيدا بان المرأة من يقع على عاتقها دورا كبيرا في نشأت جيل سليم نفسيا وصحيا".
 

أضف تعليقك