"مهنية" التلفزيون تستهين بحقوق الطفل هذه المرة

الرابط المختصر

مرة أخرى يبدو أن التلفزيون الأردني يرتكب عبر شاشته الخطأ تلو الآخر، وهذه المرة لم يكتف بتقديم مواد لا تهم الجمهور أو أنها قدمت بطريقة ناقصة، أو أن مقدم البرنامج أخطاً في إيصال الفكرة، بل على العكس فقد تابعنا كل ما ذكر ويزيد.حيث تابع كثيرون مساء الثلاثاء 14 أيار من برنامج "الوطن للجميع" الذي تعهد مقدمه الإعلامي نجم الدين الطوالبة "بأنه سيكون جريئاً، وسيركز على الوقائع المهمة في الوطن" بحسب رده على معاتبة من مشاهدة لتراجع مستوى البرنامج عبر موقع عين على الإعلام، ولكننا لم نشهد أياً ممن تعهد به.
بل على العكس فقد صدمنا ونحن نشاهد متابعة البرنامج لقضية الطالبة التي اعتدت عليها مدرستان بالضرب قبل أسابيع بعد أن قامت إحداهن بربطها في إحدى نوافذ مدرستها في عمان، بحسب صور عبر هاتف نقال صوره أحد جيران المدرسة بعد ارتفاع حدة صياح الطالبة "ميادة" ست سنوات وزميلة أخرى لها بنفس الصف.
وللوهلة الأولى تفاءلنا بمتابعة البرنامج للخطأ الفادح الذي ارتكبته معلمتان، اكتفت وزارة التربية والتعليم بعد التحقيق والتشكيك برواية الطفلة أن أوقفت المعلمة التي قامت بربط الطفلة وضربها، عن العمل لمدة أسبوعين-بحسب البرنامج- ولكن طريقة المعالجة للأسف أصابت الجميع بالذهول.
إذ أنه لا قانون محلي ولا ميثاق دولي يسمح بأن تستجوب طفلة بسبب اعتداء عليها من حيث المبدأ بهذا الشكل وبعلنية فجة، فكيف إذا بالطريقة التي تحدث فيها الطوالبة مع الطفلة التي أنكرت بالتأكيد لوجود الكاميرات والميكرفون وطاقم البرنامج أنها تعرضت للضرب، حيث لم يسعف مقدم البرنامج حسه الإنساني إلا بالتعبير"يعني افهم من هيك عمرك ما رح تنسي كتبك؟ وهو السبب الذي قالته الطفلة أنه كان وراء عقابها وردت بالقول "سأحضرهم جميعاً المرة القادمة" ، ورد الطوالبة بصوت يحاول أن يكون مراعياً لطفولتها "أحسن المرة الجاي هيك أحسن"
وكل ذلك بث عبر التلفزيون الأردني بشاشتيه الأرضية والفضائية، وهو أمر مناف لكل الأعراف الإنسانية، إذ يتفق جميع القانونيين أن اتفاقية حقوق الطفل الذي صادقت عليها الحكومة الأردنية، والقوانين المحلية تنص على منع الجهات القضائية المختصة لاستجواب حدث بشكل علني دون وجود أخصائي نفسي وضرورة أن تعامل التحقيقات والمحاكمات الذي يكون طرفها طفل بسرية تامة، ويحظر الإعلان عن إسم الطفل أو إظهار صورته بأي شكل من الأشكال.
وهذا الحال بالنسبة لقضية تحقق فيها جهة رسمية، إذاً فمن باب أولى أن نحترم نحن الإعلاميون براءة الطفولة وحقها في حماية خصوصيتها لا أن نساهم في استمرار الإساءة بحجة متابعة حادثة، والأدهى أن المتابعة من قبل التلفزيون كانت "لنفي الإساءات لصورة الأردن"
فالطوالبة وعبر برنامجه الذي تعهد به على متابعة قضايا الوطن، عالج المشكلة وهو يضع المشاهد في صورة أن كل المتابعات الصحفية لهذه القضية كانت مبالغ فيها وتستهدف صورة الأردن في الخارج وأن وزارة التربية غير مقصرة في واجباتها، وأن مديرة المدرسة لم تكن تعلم بما يحدث داخل الصفوف –رغم أن الجيران سمعوا –وهي لم تسمع!
بل ويزيد بالقول في مقدمة البرنامج"أن الطفلة أنكرت أنها تعرضت للضرب أثناء التسجيل معها" وهو للمفارقة عكس ما رأينا في تسجيل الهاتف النقال الذي عرض في الحلقة نفسها!
التربوية رباب العبادي تحدثت مع التلفزيون مباشرة، مستنكرة أسلوب الطوالبة في انتهاك طفولة الطالبة، واعتبرت أن ما حدث عبر التلفزيون خطأ كبير يجب متابعته، وتقول أن من أجاب عليها على الهاتف قال إنه مدير البرامج ولم يطّلع على مضمون الحلقة"
واستمراراً للتهاون الذي تناول فيه الطوالبة هذه القضية بإنسانية طفلة، أعلن في نهاية الحلقة" أن وزارة التربية مشكورة واستمراراً لجهودها الحثيثة برعاية الطلبة قررت تخصيص قطعة أرض لبناء مدرسة جديدة بدلاً من المبنى القديم المستأجر للمدرسة" التي تم فيها الاعتداء على إنسانية طفلة بربطها كالحيوانات عقاباً على نسيان كتبها...وأكمل التلفزيون هذا الانتهاك بأن حذرها بعدم تكرار هذا الفعل "المشين" مرة أخرى.
 
مقال  

أضف تعليقك