مهما تعددت أشكالها..العنصرية لا شكل لها

الرابط المختصر

مهما تعددت أشكال العنصرية على مر التاريخ، فإنها تبقى عنصرية، تقع خارج الزمن، لا يحددها شكل، ولا تخضع لقانون أو شريعة؛ فلحركتها الأفعوانية سبيل في التملص ولطبيعتها غاية في التنصل من جلدها فتتخفى بهيئة الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو..

وإن كانت عنصرية القرون الماضية أكثر سواداً، فإن عنصرية القرن الحادي والعشرين أكثر انسلاخاً وتلوناً وتعقيداً.

عاملات المنازل إحدى ضحايا عنصرية "البريستيج"، مع التحفظ على المسميات،  التي تخضع  لأهواء بعض الأرستقراطيين، ولا بد من ذكر أن التمييز العرقي والطبقي له دور في هذه الأهواء.
 
ديسي الثلاثينية، من الفلبين، معمم عليها كباقي العاملات المنزليات في النشرات التعريفية لبعض المسابح والتي تنص "لا يسمح للخادمات باستخدام مرافق النادي، ولا يسمح بتواجدهم في منطقة برك السباحة".
 
مازالت ديسي متفاجئة، بعد فترة طويلة من تعرضها لهذه العنصرية، فتتساءل بكلمات متعثرة عن الأسباب فيما إذا كان عرقها الشرق آسيوي أم هرمية المجتمعات بموقعها كعاملة منزلية وراء هذا التمييز "وفي كلتا الحالتين فهي عنصرية موجهة ضدنا".
 
عبير النعيمات، إحدى المشرفات على مسابح مدينة الحسين للشباب، تتذرع بتضايق أعضاء النادي من دخول العاملات المنزليات إلى برك السباحة خشية من عدم نظافتهم."لذلك نفضل عدم دخولهم".
 
وما يثير الاشمئزاز هو اشمئزاز السيدة حنان من فكرة دخول العاملات إلى برك السباحة معبرة عن حرصها للذهاب إلى الأماكن التي "يوحي لها زوارها بالنظافة" ، بالرغم من وجود خادمة منزلية وافدة في بيتها.
 
وتقول حنان بأن هذا التعميم غير عنصري، وإنما شبيه بتعميمات أخرى كأن يمنع النزول إلى البرك بثياب غير مخصصة للسباحة.
 
 وعبرت رئيسة جمعية حقوق المرأة العاملة، عايدة أبو راس، عن استغرابها من تغلغل العنصرية في المجتمع حتى في أبسط الأمور "ألا يشمئز هؤلاء من العاملات المنزليات عند اعتنائهم بأطفالهم أو طهي الطعام لهم؟!".
 
وأشارت أبو راس  إلى عدم ورود أي شكوى للجمعية حول هذا الموضوع، مؤكدة على إجراء تحقيق فوري فيه.
 
 
نبال، فتاة في العشرين من عمرها، كانت عائدة في أحد الأيام من الجامعة تتضور جوعاً، مما أرغمها على التوجه إلى أحد المطاعم المخملية في طريقها، ولكنها شعرت بالخجل من الحجاب الذي ترتديه عندما رفض موظفو المطعم إدخالها لهذا السبب.
 
من المؤكد أن هيئة نبال لم تكن توحي بمشروع إرهابية جاءت لتنفذ عملية ، لكن التعميم ربما جاء من باب الحرص على صورة المطعم الذي يعتقد أن رواده من السياح والمتأثرين بنمط الحياة الغربية لا يروق لهم رؤية محجبات في المكان!
 
وهذه العنصرية تأتي في كثير من الأحيان بشكل معكوس؛ أي على غير المحجبات وتحديداً في مجال العمل.
 
وأكدت المحامية إنعام العشي، مديرة البرامج والأنشطة في المعهد الدولي لتضامن النساء، عدم وجود قانون أردني يجرم العنصرية بأشكالها معتبرة بأن العنصرية في المجتمع الأردني "قانون غير مكتوب".
 
وتابعت العشي بأن على الحكومة الأردنية استصدار قوانين خاصة حول التمييز العنصري بجميع أشكاله "ليتم تجريم هذه السلوكيات العنصرية".
 
 ويحق للذين تعرضوا للتمييز العنصري بالتقدم بشكوى رسمية، برأي العشي، ولكن "ربما القوانين الأردنية غير واضحة وفضفاضة في هذه المسألة، بالإضافة إلى عدم تقدم من يتعرضون للتمييز العنصرية بالشكاوي"
 
 وبالتأكيد فإن الدستور الأردني ينص حرفاً على أن الأردنيين "أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين".
 
 كما أن الأردن هو أحد الموقعين على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ولكن الدستور والاتفاقيات الدولية الموقعة حول التمييز العنصري لم تنعكس على القوانين الأردنية كما انعكست في بعض الدول الغربية كقانون العلاقات العرقية البريطاني الذي صدر في عام 1976، وعدل عام 2003 تماشياً مع مرسوم الاتحاد الأوروبي للمساواة العرقية.