من يملك معايير الرقابة على الفضاء الالكتروني؟

من يملك معايير الرقابة على الفضاء الالكتروني؟

 أعداد لا تحصى من المواقع الإلكترونية الصحفية والاجتماعية والمدونات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية، فمن يتولى مراقبة وضبط عملها؟ و ما المسموح قوله وما الممنوع قوله في هذه الشبكات ومن يحدد سقف الحرية المتاحة للمواقع الإخبارية منها على وجه الخصوص؟

 أمور متعددة تدفعنا للتساؤل في ظل وجود إمكانية لمراقبة الشبكات الاجتماعية وعالمها الافتراضي وما يسمى "الجرائم الإلكترونية" التي كان آخرها محاكمة الطالب الجامعي عماد العش الذي تمت إدانته على خلفية ما نسب إليه من أقوال ورأي أرسل به إلى أحد المواقع الإلكترونية حيث قدمت محكمة أمن الدولة دليلا على أنها كانت تراقب المنتدى الذي شارك برأيه على صفحاته، ومع وجود هذه الرقابة التي تمارس على الشبكات والمنتديات من الحكم فيها في ظل غياب نص قانون واضح وصريح يضبط عملها ؟

 يستعرض المحامي د.يونس عرب المختص في الجرائم الإلكترونية في حديثه لبرنامج عين على الإعلام الذي يبث على أثير راديو البلد تاريخية المسألة، ويوضح أنه "منذ عام 1996 تقدم عدد من الأفراد والمنظمات الحقوقية و منظمة الآسكو بوضع مشروع قانون تنظم المسؤولية الجزائية للبيئة الرقمية و تعاقب الجرائم الالكترونية التي تنتهك الحريات الشخصية والقانون يوميا مثل الهاكرز والتجسس و الاحتيال وانتحال الشخصية " .

 و على الرغم من مرور 19 عاما من المطالبة بوجود قانون خاص بالجرائم الإلكترونية في أكثر من منبر يأمل عرب بأن لا يقر مجلس الوزراء القانون الذي من المنتظر إقراره من قبل مجلس الوزراء منذ كانون أول 2009 ويتكون من 19 مادة و تم نشر مشروعه على الموقع الإلكتروني لديوان الفتوى والتشريع في مجلس الوزراء .

 ويرى عرب أن هذا القانون بقوله "هذا القانون يستهدف بشكل مباشر تجريم النشر الصحفي وملاحقة المواقع الصحفية ضمن ضوابط الحكومة الأردنية، حيث جاء في نص مشروع القانون ( لا يجوز نشر أي مادة تتعارض مع النظام العام )، فتحديد النظام العام من قبل أشخاص سيؤدي إلى الوقوع في إشكالية إطلاق الأحكام الشخصية وعدم الاحتكام إلى النص العادل والمتوازن والمنضبط".

 وعن كيفية تعامل المحاكم الأردنية مع القضايا المتعلقة بالجانب الإلكتروني في ظل غياب قانون خاص بالجرائم الإلكترونية يبين المحامي عرب " أن المحاكم تعاقب المجرم باستخدام تعديلين في قانون العقوبات و تستخدم أيضا قانون الاتصالات بالإضافة إلى المادة 38 بموجب قانون المعاملات الإلكترونية رقم 50 لعام 2001 ."

 وفيما يتعلق بالمواقع الصحفية الإلكترونية " فيتم التعامل معها على أنها مطبوعات، وذلك استنادا إلى قرار محكمة التميز بموجب وبأمر خطي من وزير العدل، ويمكن بهذا القرار ملاحقة مضمون نصوص المواقع الصحفية الإلكترونية بداعي وقوعها ضمن أفعال يعاقب عليها قانون المطبوعات والنشر"، وفقا للمحامي عرب.

 الصحفي أسامة الشريف يرى أن الرقابة التي تقوم بها أجهزة الدولة على قطاع الاتصالات وشبكة المعلومات والشبكات الاجتماعية أو المواقع الصحفية الإلكترونية قد تقود إلى نمو الرقابة الذاتية حيث يقول " فالفرد العادي و الصحفي والمدوّن وجد في وقت معين في الساحة الإلكترونية مساحة واسعة لممارسة حقه في التعبير عن رأيه وحقه في المشاركة مع ملاحظة غياب معايير الرقابة الذاتية التي لا نعرف هل هي مبررة أم لا".

 وعن كيفية التعامل مع قضايا الحريات الشخصية و المساس بالأخلاق بعيدا عن المواقع الصحفية يقول عرب " على أرض الواقع نجد أن هناك تفاوت في التعامل مع القضايا المتصلة بالمساس بالأخلاق و الانتهاكات للخصوصية عبر الشبكة العنكبوتية ، حيث يجري التعامل مع هذه القضايا من قبل وحدات خاصة في مديرية البحث الجنائي ويتم حلها وضبطها إداريا ، و لا ترتقي هذه الملاحقة لتصبح ملاحقة قضائية، لعدم وجود قانون خاص يردع الجرائم الإلكترونية ويعاقب مرتكبيها" .

 "وفي المقابل فإن أي تحرك أو تعبير سياسي لا يتفق مع التوجهات الرسمية يلاقي تفعيلا لمواد قوانين المطبوعات والنشر والعقوبات وقانون المعاملات الإلكترونية وتتم مداولتها كقضايا بين قضاء أمن الدولة والقضاء المدني، في حين لا وجود لقانون يحمي خصوصيات الأفراد التي تنتهك من قبل شركات الاتصالات بشكل علني ومباشر من خلال بيع وتسويق معلومات عملائها لشركات الدعاية والإعلان داخل وخارج حدود الدولة وهناك تميز في سيادة القانون. "

 فيما يلفت أسامة الشريف إلى مخاطر وأضرار في الدائرة الأوسع لسرقة المعلومات الشخصية واستخدامها، مشيرا إلى "الاختراقات الأمنية التي تحدث لشركات الاتصالات من قبل جهاز الموساد حيث تمت قرصنة المعلومات التي تخص المشتركين، وهناك سطو على البنوك الكترونيا وقد تظهر جرائم الكترونية جديدة في المستقبل وعلينا إيجاد حلول للأثر الرقمي وتبعية التكنولوجيا التي نستخدمها يوميا ، ويجب حماية الفرد من الرقابة المبالغ فيها بحجة حماية الأمن القومي وأمن الدولة ."

 المحامي يونس عرب يؤكد على "أنه بمقدور وإمكانية أجهزة الدولة المختصة مراقبة كل حركة في الشبكة العنكبوتية بتقنية عالية ، باعترافات من أجهزة كبيرة مثل CIA و FBI " و يتساءل مرة أخرى "من يحمي الفرد من استخدام ما يتم مراقبته ضده في يوم ما ؟ ومن يحمي حق الفرد بأن يتمتع بخصوصية ؟ في الوقت الذي لا يوجد فيه قانون يحمي الخصوصية . والمعيار لوجود رقابة موضوعية ؟ "

 ودعا عرب إلى "تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في بلورة معايير الرقابة الذاتية للفرد العادي والصحفي التي تلعب دورا مهما في وجود بيئة ديمقراطية حقيقية ومطلوب منا إنماء ثقافة احترام البيئة الرقمية وعلى الحكومة حماية ذلك برفع يدها عن التدخل في فرض معاييرها الغالب ما تكون شخصية لا تخضع لنصوص قانونية معاصرة، وأن نعمل على قدم وساق لإقرار قانون خاص بالجرائم الإلكترونية يحقق العدالة".

 وكانت محكمة التمييز اعتبرت الموقع الالكتروني من المطبوعات وفقا لتعريف المطبوعة الواردة في قانون المطبوعات والنشر وتخضع لأحكامه باعتباره وسيلة من الوسائل التي يتم فيها تدوين الأفكار والمقالات ونشرها .

للاستماع لحلقة عين على الإعلام

http://www.eyeonmediajo.net/wp-content/themes/EOM/player.php?id=1326

أضف تعليقك