منتدون يؤكدون ضرورة بلورة حل عربي سياسي للأزمة السورية
أكد المشاركون في الصالون السياسي الذي عقده مركز دراسات الشرق الأوسط حول تطورات الملف السوري مساء أمس تحت عنوان "مستقبل سوريا بين حضور الدور الدولي والإقليمي وغياب الدور العربي"، أكدوا على ضرورة بلورة مشروع حل سياسي عربي للحرب في سوريا بتفاهم عربي ودولي وإقليمي، داعين الأردن إلى لعب دور مؤثر في مثل هذا المشروع باعتبار أن الأردن من أكثر الدول تأثراً بالأوضاع في سوريا.
وأشار المتحدثون خلال الصالون السياسي الذي أداره الشريف فواز شرف الدبلوماسي الأردني الأسبق وحضره ثلة من الشخصيات السياسية والأكاديمية، إلى ما شهده الملف السوري من تدخلات دولية وإقليمية عملت على إدامة حالة الصراع لتدمير سوريا وتبرير التدخلات الأجنبية في المنطقة واستنزاف مواردها، في ظل غياب موقف عربي موحد تجاه حل الملف السوري واستمرار الاستقطابات والتباينات في مواقف الدول العربية تجاهه.
واعتبر المتحدثون أن غياب الموقف العربي الموحد تجاه إيجاد حل سياسي في سوريا سيجعل من الدول العربية خاضعة لتحركات المشاريع الدولية والإقليمية التي ستسعى لتحقيق مصالحها على حساب المصالح العربية، في ظل تحول سوريا إلى ساحة للصراع والتنافس الدولي.
وأكد الشرف فواز شرف في تقديمه على ضرورة الخروج بموقف عربي موحد تجاه رسم مستقبل سوريا في ظل ما تشهده من تداخل الأدوار الدولية سواء ممثلةً بالولايات المتحدة وروسيا أو إقليمية ممثلةً بإيران وتركيا، في حين أن الدور العربي في سوريا يفتقر إلى توحيد الرؤى لمعالجة الملف السوري.
فيما استعرض الخبير العسكري والاستراتيجي الفريق المتقاعد الدكتور قاصد محمود المشاريع الفاعلة في سوريا باعتبارها موضع اهتمام من مختلف الأطراف لما تتمتع به سوريا من موقع استراتيجي جغرافياً وسياسياً واقتصادياً، نافياً وجود مشروع حقيقي للحل السياسي في سوريا.
ورأى محمود أن المنطقة تشهد ثلاث مشاريع إقليمية تتمثل بالمشروع الصهيوني الساعي لإطالة أمد الصراع في سوريا بغرض تدمير مقومات الدولة فيها وبسط الهيمنة الصهيونية في المنطقة، في حين يسعى المشروع الإيراني لتوسيع نفوذه في سوريا والمنطقة، فيما اعتبر محمود أن المشروع التركي في سوريا يسعى لضمان المصالح التركية فيها لما تمثله سوريا من عمق استراتيجي للأتراك مع ضمان عدم قيام دولة كردية على حدود تركيا الجنوبية.
وحسب محمود تتمثل المشاريع الدولية بالمشروع الأمريكي المرتبط عضوياً بالمشروع الصهيوني والهادف لضمان المصالح الأمريكية في المنطقة، فيما تسعى روسيا لضمان مصالحها ونفوذها في الشرق الأوسط واستخدام الورقة السورية للمساومة على ملفات أخرى كالملف الأوكراني .
فيما تناول الدكتور محمد البشير مراحل الدور العربي تجاه الأزمة في سوريا والصراع على منطقة الشرق الأوسط، معتبراً أن العديد من الدول العربية تحولت أدوارها لخدمة المشاريع الدولية والإقليمية في المنطقة وباتت تدور في فلكها لتحقيق مصالح قطرية ضيقة ما تسبب بحالة من الانقلاب على حراك الشعوب التي خرجت لتطالب بالإصلاح وعَمِل على خلق صراعات داخلية في عدة دول عربية .
ورأى البشير أن أدوار عدد من الدول العربية كان سلبياً تجاه الملف السوري ما عمل على تحقيق الأهداف الغربية بإطالة أمد الصراع، مؤكداً على ضرورة إعادة الدور العربي المأمول استناداً إلى تحقيق قيم الديمقراطية واحترام الاختلاف الفكري والسياسي والعمل وفق القواسم المشتركة بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية .
من جهته تحدث المحلل السياسي عاطف الجولاني حول الدور المطلوب عربياً تجاه حل الأزمة السورية في ظل غياب قدرة أي طرف على حسم الصراع عسكرياً وغياب أي مؤشرات لوجود حل سياسي ينهي الازمة في ظل حالة التنافس والصراع بين الأطراف الفاعلة في الملف السوري، حيث أكد أن الأولية الآن هي وقف شلال الدم السوري والتأكيد على وحدة التراب السوري وإعادة اللاجئين إلى ديارهم، والخروج من حالة الفوضى والاستقطاب الطائفي الذي تشهده المنطقة ومواجهة خطر التطرف.
واعتبر الجولاني أن ثمة عدة سيناريوهات للحل السياسي، ومن ذلك الوصول لحل توافقي بين الأطراف السورية، أو الوصول لحالة توافق عربي على إنهاء الأزمة السورية، معتبراً أن حالة التباين الحاد سواء في مواقف الأطراف السورية أو مواقف الدول العربية تجعل من الصعب تحقق هذين الخيارين.
كما أشار الجولاني إلى ضعف المؤسسة الدولية مما يجعل من الصعب الوصول إلى توافق دولي في ظل تباين مواقف القوى العظمى وحالة الصراع بينها على تحقيق مصالحها، فيما اعتبر أن إيجاد حل سياسي بتفاهم عربي وإقليمي ودولي سيكون قادراً على معالجة الأزمة السورية وسيوفر حلاً لأزمات إقليمية أخرى خاصة في ظل تفاهم عربي مع إيران وتركيا.