منتدون: الوضع القائم غير قابل للاستمرار

الرابط المختصر

أكد المتحدثون في الندوة التي أقامها مركز دراسات الأمة مساء اليوم تحت عنوان “الإصلاح السياسي في الأردن… المفهوم ‏والإمكان” على أن الوضع القائم في إدارة شؤون الدولة ليس قابلاً للاستمرار في مختلف الصعد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مما ‏يتطلب تحقيق إصلاح يستند إلى وجود إرادة رسمية تدرك أن تحقيق الإصلاح أقل كلفة من عدمه.‏

 

وحذر المتحدثون في الندوة التي أدارها رئيس مجلس إدارة مركز الأمة للدراسات الدكتور رامي عياصرة من ان استمرار النهج القائم ‏في إدارة الدولة سيكون له كلفة على الوطن والمواطن في ظل ما يمر به الأردن من تفاقم للأزمات الداخلية واحتقان شعبي واتساع ‏فجوة الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة، وتحديات خارجية تهدد الأردن دولة ونظاماً وشعباً وهوية، مما يتطلب انسجام الإرادة الرسمية ‏مع الشعبية عبر إصلاح يحقق المشاركة الشعبية في صنع القرار على وتحقيق المبدأ الدستوري “الشعب مصدر السلطات”.‏

 

وأشار وزير الخارجية الاسبق الدكتور مروان المعشر في كلمة إلى التجارب السابقة للجان الإصلاح في الأردن، وعدم تنفيذ ما صدر ‏عنها من مخرجات عبرت عن توافق وطني نحو تحقيق الإصلاح لا سيما فيما يتعلق بمخرجات لجنة الميثاق الوطني والاجندة ‏الوطنية والتي لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لتنفيذها وما جرى من عرقلتها من قبل ما وصفه “بقوى الوضع ‏القائم والعقلية الأمنية التي كانت ترى في الإصلاح كلفة أعلى بكثير من عدم تحقيقه” بحسب المعشر.‏

 

وأكد المعشر أن ما تضمنته الاوراق النقاشية الملكية جاء متوافقاً مع كثير من مخرجات هذه اللجان، لكن مع استمرار تجاهل تنفيذ هذه ‏الاوراق من قبل الجهات المؤثرة في صنع القرار والتعامل معها على انها مبادئ عامة رغم ما تشكله هذه الأوراق من عنصر قوة ‏كونها صادرة عن الملك، ما يؤكد عدم توافق القوى داخل السلطة التنفيذية بما في ذلك القوى الأمنية حول هذه الاوراق التي اعتبرت ‏مرجعية للجنة تحديث المنظومة السياسية المشكلة مؤخراً، مما يتطلب حوراً بين قوى السلطة التنفيذية تزامناً مع الحوار بين مكونات ‏المجتمع حول الرؤية الإصلاحية التي تضمنتها الاوراق النقاشية.‏

 

وأضاف المعشر ” على عقل الدولة الإدراك أن الإصلاح هو ضرورة داخلية للعبور بالأردن نحو مستقبل آمن، وفجوة الثقة الواسعة ‏بين المواطن ومؤسسات الدولة لن يتم تجسيرها بإصلاحات تجميلية أو وعود لا يتم تنفيذها مما يفاقم من حالة الإحباط الشعبي، ‏فالوضع القائم ليس قابلاً للاستمرار، والظروف الخارجية تغيرت، ومن الخطأ ربط تحقيق الإصلاح بالمتغيرات الخارجية بما في ذلك ‏تطورات القضية الفلسطينية، فالإصلاح هو ضرورة وطنية ملحة لا تقبل التسويف والمماطلة، والفرصة متاحة اليوم لتحقيق إصلاح ‏بشكل متدرج وآمن مع التأكيد على أن الهوية الوطنية الأردنية هوية جامعة بحسب الدستور”.‏

 

ويرى المعشر أن الإصلاح المطلوب هو ما يفرز برلماناً مكوناً من كتل حزبية برامجية مع إعادة النظر في آلية تشكيل مجلس الأعيان ‏عبر انتخابات تحقق التوازن بين التمثيل الديمغرافي والجغرافي بشكل تدريجي وآمن، وبما يفضي إلى حكومات برلمانية صاحبة ‏ولاية عامة، وضمان كرامة المواطنين وحرياتهم وتفعيل دور الشباب في الحياة الحزبية والسياسية وتعظيم دور المحافظات في تحديد ‏أولوياتها التنموية، ووقف التدخل الامني في الحياة السياسية والعامة.‏

 

فيما أكد اللواء الركن المتقاعد الدكتور رضا البطوش رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات سابقاً على أن استمرار النهج القائم ‏في إدارة الدولة سيكون له كلفه الكبيرة على ديمومة الدولة في ظل ما يواجهه الأردن من تحديات، مشيراً إلى ما يمر به الأردن من ‏إشكالية في التعامل مع الأزمات الداخلية نتيجة ما وصفه بالتفرد الأمني في إدارة الشأن العام وتعطيل مؤسسات الوطن الدستورية ‏واستهداف المؤسسات الوطنية كما جرى مع نقابة المعلمين والشخصيات السياسية والوطنية والتضييق عليهم، وقمع الحريات العامة ‏وتفتيت العشائر، واستمرار حالة الفساد في مؤسسات الدولة وعدم محاسبة من تسبب بالفشل في مختلف المجالات السياسية ‏والاقتصادية والاجتماعية مما فاقم من فجوة الثقة والاحتقان الشعبي.‏

 

وأكد البطوش ضرورة توفر الإرادة السياسية لتحقيق التنمية السياسية والإصلاح والسير بالخطى نحو الحكومات البرلمانية ذات ولاية ‏عامة وتجسيد مبدأ الشعب مصدر السلطات ويحقق الشراكة الشعبية في صنع القرار، وتعزيز الحريات العامة، وإقرار قانون انتخابات ‏يعبر عن الإرادة الشعبية عبر استراتيجية آمنة ومتدرجة وفق إطار زمني متفق عليه لتحقيق الإصلاح المنشود بما يحمي النظام ‏السياسي، ويحقق مصالحة وطنية شاملة ويلغي نهج الإقصاء، داعياً الملك عبدالله الثاني “لقيادة ثورة بيضاء للتغيير قبل فوات الأوان” ‏وبما يحقق المصالح العليا للوطن والمواطن.‏

 

وأضاف البطوش ” الإصلاح الذي لا يقود إلى الاستقرار السياسي للدولة والحفاظ على النظام السياسي ولا يأخذ بالاعتبار التهديدات ‏الإسرائيلية التي تستهدف الأردن والهوية الوطنية ويسعى لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، سيكون له آثار سلبية على ‏الأردن والأمن الوطني في ظل ما يمر به الأردن من تحديات داخلية وخارجية، فالعبور نحو المئوية الثانية وسط استمرار الق خلق ‏حالة غير مسبوقة من الجمود على مختلف المجالات، وأضعف من عناصر قوة الدولة وآلية صنع القرار وإفساد مبدأ تلازم السلطة مع ‏المسؤولية وفاقم من الاحتقان المجتمعي وغياب الدور الدستوري لمؤسسات الدولة ويجعل مفهوم الدولة العصرية في مهب الريح”.‏

 

وأكد البطوش ضرورة ضمان المشاركة السياسية لجميع المواطنين على أساس الهوية الوطنية الجامعة، وتحقيق التنمية الاقتصادية ‏عبر إعادة النظر بالنهج الاقتصادي القائم على أساس الجباية، وإطلاق الحريات العامة والإفراج عن كافة معتقلي الرأي وإطلاق حوار ‏وطني للتوافق على مسار الإصلاح وإجراء انتخابات نيابية جديدة على أساس قانون انتخابات يعبر عن الإرادة الشعبية بشكل متدرج وآمن.‏