ملوك وكومبارس: مسيرة البحث عن أرشيف السينما الفلسطينية المختفي

الرابط المختصر

هي لحظات، وقد تحصل على الأرشيف، لا لقد ذهب الأرشيف، اختفى، احترق، أُتلف، لم يعد له وجود، أنه أرشيف السينما الفلسطينية، قد تجده مدفونا في إحدى المقابر مجهول الهوية، أو تم حرقه بفعل فاعل، ليس هذا المهم، إنما إنسانية المواقف، والبحث عن حياتنا نحن أصحاب القضية لأننا بالنهاية بشر. حاولت المخرجة الفلسطينية عزة الحسن في فيلمها "ملوك وكومبارس"، أن ترصد آثار هذا الأرشيف المختفي عن الوجود منذ ما يقارب العشرين عاما، إنها محاولة يائسة في البحث عن المجهول، لكن صممت المخرجة في البحث عنه في كل من الأردن، لبنان، سوريا وفلسطين، هل وجدته، أم لم تجده، وهل هذا هدفها الوحيد!



يبحث الفيلم موضوع العلاقات الإنسانية، ومعناها البحث عن مفهوم الهوية الفلسطينية اليوم، كقصص إنسانية، يغفلها التاريخ في لمحة، وفكرة الفيلم هو قيام كادر سينمائي إيراني بتصوير فيلم لهم في مخيم اليرموك اللاجئين الفلسطينيين بسوريا، وكان الفلسطينيون هم الكومبارس، وهذا ما أثار خيال عزة ومنه شرعت بالتصوير.



يطرح الفيلم أسئلة على مواطنين، في الدول الأربع، تقوم عزة الحسن بسؤالهم وهي وراء الكاميرا "هل يوجد لديكم شيء مفقود؟"، وتصب الإجابات بين استهجان والاستغراب؛ ما هو المفقود وبين من يرد بأن أمور كثيرة فقدت بهذه الحياة، وعند إفصاح المخرجة بأن أرشيف السينما الفلسطينية هو الضائع، يكون الجواب: عدم الاهتمام، مع ملاحظة أن بعض المقابلات لم تكن واضحة بسبب أصوات ضجيج السيارات وهكذا.



وقد اعتمدت المخرجة على المواقف العفوية المضحكة في كثير من الأحيان، كمقابلة المرأة العجوز في لبنان قرب الشقة المشتبه أن الأرشيف محترق بها، أو الرجل الذي كان يقف قرب العمارة وطالب بأن يتم التسجيل بعد لحظات وهكذا كانت صيغة المقابلة.



يبدأ الحديث عن الأرشيف صراحة في الحوار الذي دار بين المخرجة عزة وصديقتها هبة، وأبيها هاني جوهرية هو أول مصور سينمائي، أرخ هجرة الفلسطينيين من الجسر، واستشهد جراء رصاص اخترق جسده وكاميراته، وهنا تتحدث هبة عن عين أبيها المجردة في التصوير وكيف أرشف بعد الصور المشهور للهجرة الـ67 ومنها المرأة المسنة تقطع الجسر وتحمل أغراضها، أو الرجل الذي يحمل طفلته من جهة وأغراضه من جهة وطفلته الثانية بفمه، تلك المشاهد حفرت في ذاكرة الناس وذاكرة من عايشوا النكبة والنكسة.



وما يلفت الانتباه هو تجاوز المخرجة الأسماء الموجودة في الفيلم من مخرجين ومواطنين، فلم تذكرهم أبدا، تقول حول ذلك "أنها لا تعتمد على الأسماء فالموضوع هو الهدف وليست الأسماء، وللتركيز على ماذا يقال".



تبدأ عزة بمخاطبة المشاهد وتقول "كان جيلي لسه ما نولد، لما بدو يصوروا هزيمة الـ67، وقتها كان الفرق بين الحلم والخيال واضح"، لكن يظهر عدنان مدانات من الأردن وهو في مكتبه يقول للكاميرا "لن تنجح في العثور على هذا الأرشيف، لأنك لست الأولى من حاول ذلك، ربما يعنيني أنا وزملائي في السينما الفلسطينية، لأنه جهد قمنا به وسط حرب وقتال، وجئت للبحث بعد ما يقارب العشرين عاما"، هل أغلقت الأبواب!



مصطفى أبو علي وخديجة الحباشنة، أثنين من الذين أسسوا قسم السينما، تحدثوا عن احتمالات أين اختفى الأرشيف، قد أحرق، أم دفن في إحدى المقابر، أم تدخلت سلطات حكومية عربية وإحراقه. وينتهي اللقاء معهما عند قوله المخرج "كأننا نبحث عن نبتة الحياة، لا نعلم هل يوجد أمل أم لا، نريد شارلك هولمز، كي يبحث عن الأرشيف".



الموسيقى؛ هي إيقاعات سريعة، تظهر في لقطات البحث والانتقال من بلد إلى آخر، أضافت عنصر التشويق للفيلم، لكن ليست في بعض اللقطات.



عزة الحسن، منتجة ومخرجة برامج وثائقية مستقلة، حاصلة على جائزة الجريرسون لأفضل مخرج جديد (الجائزة البريطانية للبرامج الوثائقية/بي بي سي 2002)، حاصلة على جائزة المحلفين الخاصة / أفلام الشاشة العربية المستقلة وأفلام المهرجان وبرامج وثائقية قصيرة / قناة الجزيرة الإخبارية – دولة قطر 2001، حاصلة على شهادة الماجستير في البرامج الوثائقية للتلفاز/ كلية غولدسميث جامعة لندن 1994 وبكالوريوس في دراسات الأقلام والتلفزيون وعلم الاجتماع من جامعة غلاسكو 1993/ اسكتلنده.



ومن أفلامها: ملوك وكومبارس – العنوان البريطاني "المكشوف والمفقود" 2004/ 62 دقيقة، "أقل بثلاثة سنتمترات" 2003 / وثائقي مدته ستون دقيقة وثائقي، "وقت الأخبار" 2002 / وثائقي مدته خمسون دقيقة وثائقي، "هي السندباد" 1999 / وثائقي مدته ثلاثون دقيقة، "فضائل موسى الرئيسة" 1998 / وثائقي مدته ثلاثون دقيقة، "النساء العربيات يتحدثن" 1996.

أضف تعليقك