"ملتقى النص المسرحي الأردني": أسئلة الكتابة ونقدها

الرابط المختصر

لطالما شهدت التظاهرات المسرحية خلال العقدين الأخيرين، في أكثر من بلد عربي، ندوات وجلسات نقدية حول ما أُطلق عليها أزمة النص المسرحي، من دون الوصول إلى خلاصات يمكن البناء عليها، حيث يرى فريقٌ أن علّة التأليف للمسرح تكمن في التفكير من خارجه، مستشهداً بكبار التجارب العالمية التي تعاملت مع عناصر الخشبة والممثّل والمُخرج والمضمون، الذي لا يعني بالضرورة نصّاً مكتوباً جاهزاً مثل حال القصّة أو الرواية.

أمّا الفريق الآخر، فيعتقد أن الأمر يجتاز المسرح ليشمل التلفزيون والسينما، حيث الكتابة الدرامية تحتاج إلى حِرَفيّة عالية تُفقَد في العالم العربي، وأن الأمر ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى لحظة تأسيس المسرح، رغم بروز بعض النصوص خلال الستينيات والسبعينيات، إلى جانب وجهات نظر عديدة تناقش الأزمة بأبعاد مختلفة.

تنطلق بداية الشهر المقبل النسخة الأولى من "ملتقى النصّ المسرحي الأردني" في عمّان بتنظيم من "مختبر السرديات الأردني" و"مؤسّسة عبد الحميد شومان"، والتي تتضمّن جلسات مغلقة لمجموعة من الباحثين والمسرحيين والكتّاب، من دون مشاركة الجمهور.

تحمل الدورة الحالية اسم الكاتب الأردني جمال أبو حمدان (1944 – 2015) الذي ترك عشرات النصوص السردية في القصّة والرواية والمسرح، ومن أبرز نصوصه المسرحية "الجراد" (1965)، و"حكاية شهرزاد الأخيرة في الليلة الثانية بعد الألف" (1975)، و"القضبان" (1987)، و"ليلة دفن الممثّل جيم" (1993)، و"زمان آخر" (2002)، و"بترا إنْ حكت" (2009)، وغبرها.

تتضمن الدورة الأولى جلسات مغلقة لباحثين ومسرحيين من دون مشاركة الجمهور

في حديثٍ إلى " العربي الجديد"، يشير الكاتب المسرحي والقاص مفلح العدوان، رئيس "مختبر السرديات الأردني"، إلى أنه من خلال متابعة المهرجانات المسرحية المحلّية والعربية، يُلاحظ قلّة الاهتمام بكتّاب النصّ المسرحي، ومعاينة مشاريعهم وتجاربهم في كتابة النص، رغم أن أحد أهم عناصر المسرح هو النص، وهو أوّل لبِنة في بناء معمار أي عمل مسرحي.

ويضيف: "من مراجعتنا لفعاليات الساحة المحلّية في الأردن، لم نجد أيّ ملتقى أو مؤتمر متخصّص في النصّ المسرحي، رغم حضور كتّاب مسرح مهمّين في الأردن، ولهم تجاربهم وإسهاماتهم في مدوّنة وسردية المسرح الأردني والعربي، وتمّ الاشتغال على نصوصهم المسرحية محلياً وعربياً، وكثيرٌ منهم فاز بجوائز عربية. ولاقى كتّاب المسرح التكريم في المهرجانات والمؤتمرات العربية، لكنْ لم نلحظ محلّياً وجود حاضنة أو نشاط أو ملتقى يُعنى بالنص المسرحي، ويعمل على تقديم مراجعات ومعاينات ونقد وتحليل لنصوص المسرح الأردني". 

مفلح العدوان: يناقش الملتقى أسباب أزمة النص المسرحي، وهل هي حقيقية أم مفتعلة؟

ويرى العدوان أن "إطلاق الملتقى يتيح الفرصة للمعنيين بكتابة المسرح وكذلك أطراف الفعل المسرحي من مخرجين وفنانين ونقّاد للقاء ومعاينة ومراجعة أسباب أزمة النص المسرحي، وهل هي حقيقية أم مفتعلة؟ وما السبيل لتجاوز هذه الأزمة، كما يوفر فرصة للحوار واللقاء والنقاش والتحليل، خاصّةً أن كثيراً من كتّاب المسرح جاؤوا من رحم الأدب ــ من الرواية والقصّة والشعر ــ وأبدعوا في مجال المسرح وكتابته، ولكنّ بعضهم انسحب باتجاه كتابة الدراما التلفزيونية لجوانب لها علاقة بالسياقات المادية والانتشار الأوسع".

وختم بالقول إن "هناك كثيراً من الموضوعات التي من الممكن أن يناقشها ويطرحها مثل هذا الملتقى، ليُصار إلى البناء على المخرَجات والتوصيات التي ستجيء نتيجةَ التشريح العلمي والتحليل الواعي والنقاش البنّاء لكلّ ما يتعلق بالنص المسرحي الأردني".

يضيء برنامج الملتقى تجاربَ كتّاب النصّ المسرحي في الأردن، والجوانب والقضايا التي طُرحت في نصوصهم مثل استلهام التراث والتاريخ، وكذلك كتابة مسرح الطفل، والنصوص المسرحية الجديدة وكيفية التعامل معها، ومواكبة النقد والإعلام، من خلال أوراق يتمّ تقديمها بموازاة شهادات عدد من كتّاب النص المسرحي، إلى جانب جلسة عن النص المسرحي الخاصّ بجمال أبو حمدان وشهادات حوله، بحسب العدوان.

ومن بين المشاركين، يحضر كلّ من الفنانين والمخرجين: عبد اللطيف شما ولينا التل وباسم الدلقموني ومجد القصص وعمر النقرش وفراس الريموني وأسعد خليفة؛ والشعراء والكتّاب: طاهر رياض وهاشم غرايبة وهزاع البراري وهيا صالح وحسن ناجي، إلى جانب الأكاديميّيَن والناقدين محمد عبيد الله وصبحة علقم.