ملاحظات على مشروع قانون التخطيط.. وبعض مصطلحاته “يكتنفها الغموض”

الرابط المختصر

 كشف رئيس قسم المعلومات والتشريع في ديوان التشريع والرأي الدكتور إبراهيم هبيشان، عن تشكيل لجنة من 5 باحثين ومستشارين لدراسة وصياغة مشروع قانون التخطيط والتعاون الدولي لسنة 2023، منذ إحالته من مجلس الوزراء إلى الديوان في شهر شباط ( فبراير) الماضي، قائلا إن هناك العديد من الملاحظات عليه، كما أن بعض المصطلحات فيه “يكتنفها الغموض”. 

وجاءت تصريحات هبيشان، خلال جلسة حوارية نظمتها هيئة تنسيق منظمات المجتمع المدني “همم” أمس، بمشاركة مساعد الأمين العام لوزارة التخطيط والتعاون الدولي أحمد الحويان، وكذلك مشاركة ممثلين عن طيف واسع من ممثلي الجمعيات والمجتمع المدني. 

وبيّن في مداخلته، أن مشروع القانون عليه العديد من الملاحظات حاله كحال أي مشروع قانون، وأن بعض المصطلحات يكتنفها الغموض بحاجة إلى إيضاح، مشيرا أيضا إلى أن بعض النصوص الواردة فيه بحاجة إلى “دمج وإعادة صياغة”، وفقا للنسق التشريعي المعمول به في ديوان التشريع والرأي. 

وأكد هبيشان خلال حديثه، أن سياسة الديوان إشراك الأطراف ذات العلاقة في دراسة أي مشروع قانون أو نظام وأن التعاون موجود، مضيفا أن مشروع هذا القانون هو قيد الدراسة وتم عقد جلستين اثنتين إلى الآن، ومنوها بأن بداية الأسبوع القادم ستتم دراسة المشروع بشكل موسع. 

من جهته، قال الحويان إن هناك نهجا إصلاحيا لدى وزارة التخطيط في الإطار التشريعي بتنفيذ خطة التحديث الاقتصادية، من خلال وحدة دعم السياسات، وقال: “نحن ببساطة نظرنا إلى قانون عمره نحو خمسين عاما، وضعنا الأطر العامة ونظرنا إلى المستجدات..القوانين تتضمن الأطر العامة”، مبينا أنها لا تتناول التفسيرات والتعليمات. 

وأوضح خلال عدة مداخلات له، بأن ديوان التشريع والرأي يقوم بالمشاورات وإتاحة الفرصة لأي مؤسسة أو جهة لتقدّم ملاحظاتها، وأضاف “نحن قد شاورنا عدة جهات، ولكن لم نعمل وفق آلية رسمية لذلك formal process، ولكننا أخذنا بعين الاعتبار، أن ديوان التشريع والرأي يتيح المجال لاستقبال الملاحظات وسيتم النظر فيها وهناك مراحل دستورية أيضا.” 

إلى ذلك، جددت منظمات مجتمع مدني انتقاداتها لمشروع قانون التخطيط والتعاون الدولي لسنة 2023 لما يتضمنه من “قيود” إضافية على مواردها فيما يتعلق بآلية التمويل الأجنبي وما وصفوه بغياب مأسسة الشراكة معهم. 

وقالت منسقة “همم” عبير مدانات خلال الجلسة إن العديد من الأسئلة أثارها مشروع القانون المقترح، من بينها سبب غياب المجتمع المدني عن المشاورات، ومدى انسجامه مع مبادئ الدستور والاتفاقيات الدولية، ومدى دعم مشروع القانون خاصة فيما يتعلق بآليات التمويل الأجنبي لبيئة عمل منظمات المجتمع المدني، وكذلك أسباب غياب نصوص تلزم وزارة التخطيط بحفظ حقوق مقدمّي طلبات الحصول على التمويل الأجنبي ضمن معايير الشفافية.

وقالت إن مشروع القانون لم يلزم الحكومة بمأسسة بيئة داعمة للمجتمع المدني. 

واستعرض من جهته مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض، مذكرة قانونية أعدتها “همم” تتضمن 6 ملاحظات حول مشروع القانون المقترح رفعت لديوان الرأي، وكانت “الغد” قد نشرتها في عددها يوم أول من أمس. 

وقال عوض من جهته، إن مشروع القانون يعكس “قيودا” على المجتمع المدني ولا ينظّم الحصول على التمويل الأجنبي، مضيفا أن “القيود غير مبررة والأصل التخفيف منها، وهذه ليست آليات تنظيمية”، وداعيا إلى تحديد مصادر التمويل المحرّم أو المحظور لدى الحكومة وإحالة اختصاص ملاحقة المخالفين إلى القضاء. 

واستشهد عوض بتصنيفات الأردن المتراجعة ضمن معيار حرية تكوين الجمعيات وعمل المجتمع المدني، في تقارير الرصد الدولية، بما في ذلك تقرير “سوفيكوس” لسنة 2021 الذي خفّض تصنيف الأردن. 

وفي سياق المناقشات حول مسودة المشروع المنشور حتى يوم أمس، على موقع ديوان التشريع والرأي منذ 22 شباط ( فبراير)، قال المهندس بادي بقاعين من المحفّزين “للتدريب”، إن هناك إشكالية كبرى في اشتراطات الموافقات المسبقة على تنفيذ المشاريع التنموية من مجلس الوزراء، وقال إن المجتمع المدني يقدم العديد من البدائل عن الحكومة في تنمية المجتمع متسائلا عن هذا التضييق، إضافة إلى المدد الزمنية التي تشكل عائقا في نص المشروع أمام تسهيل إجراءات الحصول على الموارد. 

من جهته، قال مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، إن الحكومات ما تزال تعترف بالمجتمع المدني وبأي سلطة أخرى مراقبة منذ العام 1989. 

ورأى منصور أن هناك أزمات متتالية منذ عودة الحياة الديمقراطية إلى البلاد بشأن التعاطي مع المجتمع المدني والإعلام، وأن مشروع قانون التخطيط والتعاون الدولي الجديد هو “نتاج لهذه الأزمة”. 

وقالت ناتاشا شوارب من منظمة “ميرسي كوربس”، إن هناك تغييبا لفكرة تمكين “التمويل المحلّي” لمنظمات المجتمع المدني العاملة في البلاد، وأن هناك أيضا عقبات كبيرة أمام آليات التمويل الأجنبي خاصة فيما يتعلق بالسقوف، مشيرة إلى أن بعض السقوف من مبالغ التمويل أو النشاطات البسيطة لا تحتاج بالأصل إلى موافقات مسبقة خاصة المؤسسات التي تقع في المحافظات. 

ومن ضمن المناقشات أيضا، انتقاد ازدواجية الموافقات على مستوى الحصول على التمويل الأجنبي، وعلى مستوى الموافقة الثانية التي فرضها مشروع القانون، على تنفيذ مشروعات تنموية بعد الحصول على الموافقة الأولى. 

وقال المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي داوود كتاّب، إن هناك منافسة عالمية لا بد من أخذها بعين الاعتبار تتعلق بالحصول على التمويل الأجنبي.

وأشار كتاب إلى بيروقراطية الإجراءات في التمويل التي تكبد الحكومة خسارات لبعض تلك التمويلات المخصصة لبرامج معيّنة، قدّر بعضها بالملايين. 

من جهتها قالت الدكتورة فريال العساف من إدارة التخطيط والتوثيق في المركز الوطني لحقوق الإنسان، إن المركز أصدر العديد من التوصيات المتعلقة برفع القيود عن تنظيم المجتمع المدني، بما في ذلك التقرير السنوي الأخير لسنة 2021، والذي تبنى توصية تتعلق بتأسيس صندوق وطني لدعم الجمعيات والمجتمع المدني وتوحيد مرجعية الجهات المشرفة على آلية التمويل. 

وقالت ديمة جويحان من منظمة المركز الدولي للقوانين، إن هناك حاجة ماسة لمأسسة الشراكة بين المجتمع المدني والحكومة، مبينة أن العديد من دول العالم والمنطقة تبنت تشريعات وقوانين للاستشارات العامّة وتقديم العرائض من المجتمع المدني. 

ورأت أن نشر مسودة مشروع القانون على موقع الديوان خطوة مهمة، إلا أنها لا تضمن “مسارا للمتابعة” في سبيل تحسين القانون قبل نفاذه. 

وقالت إن “المجتمع المدني مكمّل للحكومة وهو قطاع خبرة، ونحتاج إطارا تشريعيا لمأسسة الشراكة”. 

وتتمحور مذكرة “همم” حول فلسفة التشريع في التعامل مع المجتمع المدني، وغياب ضوابط الموافقات لآليات تمويله، وإشكالية المدد المقترحة لطلبات المؤسسات للتمويل، وكذلك اشتراطات الموافقات على المشاريع التنموية، والتوسع في صلاحيات مجلس الوزراء في الرقابة على القطاع الخاص والمجتمع المدني، وغياب إلزام التخطيط بإجراءات محددة في حالات التأخير بالنظر في الطلبات. 

أضف تعليقك