مفاوضات أشد صعوبة مع ليفني
تميل أكثر السيناريوهات ترجيحا ، إلى التنبؤ بنجاح تسيبي ليفني في الحفاظ على الائتلاف الحاكم منذ شارون مرورا بأولمرت وحتى ثاني رئيسة للوزراء في تاريخ إسرائيل....هذا الائتلاف كما هو معروف يضم أساسا كلا من كاديما 29( مقعدا) ، العمل 19( مقعدا) ، شاس 12( مقعدا) ، وأحزابا أصغر وأقل شأنا ، تؤمن نصابا للحكومة وشبكة أمان لها في مواجهة الليكود وهجمات حجب الثقة المرتدة.
ترجيح كفة هذا السيناريو ، ينطلق من فرضية تقول ان فشل ليفني في تشكيل
الحكومة ، سيجعل الانتخابات المبكرة "شرا لا بد منه" ، وهي انتخابات
تخشاها ليفني وباراك على حد سواء ، الأولى لأنها تقف على رأس حزب سياسي
طارئ على الخريطة السياسية - الحزبية في إسرائيل ، وهو مهدد بالتلاشي بين
دورة كنسيت وأخرى ، والثاني لأنه يقف على رأس حزب ذي منحنى بياني هابط ،
لم توقف انحداره التبدلات المتسارعة في قيادته خلال السنوات الماضية ، ما
يبقي الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية مفتوحة لحزب واحد منافس:
الليكود بزعامة نتنياهو ، وهو الحزب الذي تعطيه كافة استطلاعات الرأي
مكانة الصدارة من بين جميع القوائم واللوائح الحزبية المتنافسة.
نحن إذن أمام سيناريوهين ، كلاهما لا يحمل بشائر خير عميم للفلسطينيين...
فالانتخابات المبكرة ستأتي بنتنياهو ، مفجر "انتفاضة النفق" والرجل الذي
أعاد رسم قواعد اللعبة والاشتباك مع الفلسطينيين على نحو مغاير تماما
لأوسلو ومدريد وفلسفة الأرض مقابل السلام.
أما مجيء ليفني على رأس الحكومة الإسرائيلية القادمة ، فسيجعل المفاوضات
الصعبة أصلا مع فريق أولمرت أشد صعوبة ، ومن تابع مساري المفاوضات
الفلسطينية - الإسرائيلية ، يدرك من دون عناء ، أن قناة قريع - ليفني كانت
أشد صعوبة وتعثرا من قناة عباس - أولمرت ، ولهذه الصعوبة سببان رئيسان:
الأول ، أن هذا القناة تخطت العموميات إلى التفاصيل ، والشيطان كما يقال
يقبع في التفاصيل ، والثاني ، أن السيدة ليفني تتبنى مواقف أشد تطرفا من
أولمرت أقله حيال موضوع اللاجئين ، والمسألة لم تعد سرا بعد أن كشفت عنها
ليفني ذاتها ، في أكثر من موقف وتصريح علنيين.
تجسيدا لتعهدات قطعها أولمرت لشاس ، وهي التزامات ستقطعها ليفني للحركة
الدينية ، لن تكون القدس مدرجة على مائدة البحث الجدي والتفصيلي العميق
بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، أو على الأقل ستظل أي توافقات على هذا
الصعيد مكتومة ومرحلة إلى "اتفاق رف".
لكن الأهم من هذا وذاك ، أن ليفني أعلنت مرارا وتكرارا ، أنها لن تقبل
بعودة لاجئ فلسطيني واحد إلى وطنه ، ولن تقبل بالاعتذار أو الأسف
للفلسطينيين ، ولن تقبل بتحمل المسؤولية عن النكبة والهجرة والتهجير أو
حتى أن تشارك في تحمل قسط من المسؤولية عن المعاناة الممتدة لستة عقود ،
لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني.
بهذا المعنى ، يبدو أن المفاوضات العاثرة زمن أولمرت ستزداد تعثرا زمن
ليفني ، والمواقف الإسرائيلية المتعنتة زمن أولمرت ستزداد تعنتا زمن ليفني
، الأمر الذي يجعل حل "دولتين لشعبين" أشد صعوبة وأبعد منالا من جهة ،
ويضع على "المحك العملي" من جهة ثانية ، كافة التهديدات والتحذيرات لفريق
السلطة والرئاسة والمنظمة وأمانة السر وحكومة تصريف الأعمال ، بدءا من
التلويح بحل السلطة والتراجع عن حل الدولتين إلى تبني خيار الدولة الواحدة
الثنائية القومية ، مرورا بإشهار سلاح المقاومة كما نقل على لسان أحمد
قريع مؤخرا ، قبل أن يوضح مستدركا بأنه يقصد المقاومة السياسية السلمية
واللا عنفية.











































