معلومات مغلوطة حول الأزمة المناخية ومطالبات في ترسيخ مفهوم العدالة المناخية

الرابط المختصر

 

 

 ترى رنا 26 عاما أن ازمة التغير المناخي  هي خدعة ابتكرها علماء لتبرير تمويل منحهم البحثية، وأن كل المصطلحات التي نسمعها حديثا مثل العدالة البيئية، العدالة المناخية، قمة الامل الاخير كلها مصطلحات رنانة فقط لجلب الانتباه  وان الكوكب في تغير مستمر منذ ان نشأ وما نمر به من ارتفاع لدرجات الحرارة امر طبيعي وان النظام البيئي قادر على مواجهة ذلك لوحده.

 

فيسبوك أكبر مصدر للمعلومات المغلوطة حول الازمة المناخية

حديث رنا ليس غريبا فقد كشفت دراسة حديثة في تحليل لمئات الآلاف المنشورات عن أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في زيادة حجم المعلومات الخاطئة بشأن تغيُّر المناخ، واعتمدت الدراسة التي صدرت مؤخرا عن منظمة "ريل فيسبوك أوفرسايت بورد" (وهي منظمة مراقبة مستقلة)، ومنظمة "ستوب فاندينج هييت" (وهي منظمة بيئية غير ربحية) على أكثر من 195 صفحة ومجموعة على فيسبوك.

ووجدت الدراسة أنَّ 818 ألف منشورٍ تقلل من أهمية أزمة المناخ، وتنكرها أيضًا، وسط مشاهدات متزايدة لهذه المنشورات على فيسبوك، والتي قدرت بـ1.36 مليون مشاهدة يوميًّا.

الباحثون القائمون على دراسة منظمة "ريل فيسبوك أوفرسايت بورد" اوضحوا في تصريحات صحفية  إنَّ فيسبوك يعرقل طموحات "كوب 26"، باعتباره أكبر مصدّري المعلومات المغلوطة حول الأزمة المناخية حول العالم.

وتنوّعت أسماء الصفحات والمجموعات التي حللتها الدراسة، والبالغ عددها 195، ما بين أسماء مثل "تغير المناخ أمر طبيعي"، و"تغير المناخ حماقة"، و"الواقعية المناخية".

الدول النامية هي الأكثر تضررا من تبعات التغير المناخي

مديرة منصة اوراق ميديا وهي أول منصة متخصصة بالإعلام البيئي ناطقة باللغة العربية د.زينة حمدان ترى أن هناك حرب خفية تلعبها الدول الصناعية المسببة في أزمة التغير المناخي من خلال إقناع الشعوب في الدول النامية ان ازمة المناخ خدعة وان ما يعانيه من جراء التغير المناخي عار عن الصحة .

واضافت ان الحكومات في الدول المتضررة عليها النظر بجدية في دور المعلومات الخاطئة حول المناخ على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة مع انتهاء قمة غلاسكو للمناخ "كوب 26" في اسكتلندا، والتي استمرت 12 يوما.

هذا ما أكدته مديرة مشروع الطاقة والمناخ الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة فريدريش إيبرت المهندسة دنيا كسبي، بقولها أن الدول النامية هي الأكثر تضررا من تبعات التغير المناخي التي تسببتها الدول الصناعية على مر التاريخ وعلى صعيد مستقبلها.

وأشارت أن قضية التغير المناخي سواء من الدول الصناعية المسببة أو الدول النامية المتأثرة جميعها معرضة لكوارث تتعلق بالطبيعة والفقر والآثار السياسية والإقتصادية والإجتماعية وعلميا يتوقع الخبراء تفاقم تلك الكوارث في السنوات القليلة المقبلة مما يستدعي العمل الجاد المشترك وإلا سوف نصل لنقطة خطر مصيرية لا رجعة عنها.

العدالة البيئية مطلب للدول المتضررة

بينت كسبي أن مفهوم "العدالة البيئية" ينبثق عن تفاوت عملية انبعاثات الغازات الدفيئة وفقا للمنطقة الجغرافية للفرد، إذ تعتبر الدول الصناعية هي المسبب الأساسي في وجود وتفاقم مشاكل التغير المناخي على عكس الدول النامية التي تعد المتضرر الأول منها.

وأضافت أن نسبة الغازات الدفيئة التي تصدرها الدول الصناعية تفوق قدرة الأرض على تحملها والتعايش معها ومواكبتها بالتالي نتج عن ذلك ما يطلق عليه بالتغير المناخي تبعا لعوامل بشرية؛ وهنا يتطلب تحقيق العدالة البيئية للحفاظ على الكوكب من عبث البشرية.

وشددت كسبي على أنه من غير العدل أن تعاني الدول النامية تاريخيا ومستقبلا من تأثيرات التغيرات المناخية والتي تتأثر بها أكثر من الصناعية، سيما وأن البنى التحتية لا تستطيع مواكبة نتائج التغيرات المناخية والإنحباس الحراري.

وأشارت أنه ضمن إتفاقيات التغير المناخي الدولية لا يجوز أن تتساوى جميع الدول بنفس نسبة المساهمات في خفض الانبعاثات الكربونية إذ لابد أن تكون تفاوته وفقا لنسبة الانبعاثات وحجم الضرر لكل دولة.

التغير المناخي سبب في تعسر عملية التنمية ومشاكل الفقر والبطالة

توضح د. زينة حمدان أن الدول النامية تعتمد بالدرجة الاولى في اقتصادها القومي على الزراعة و بالتالي هي الأكثر تأثرا بتعسر عملية التنمية ومشاكل الفقر والبطالة، ناهيك عن أنها لا تمتلك أجهزة رصد الكوارث الدقيقة.

واضافت أن الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة ضمن الإتفاقيات الدولية يعنى بالتغير المناخي لضمان ديمومة عملية التنمية، إذ تعتبر جميع القطاعات بمجالاتها متأثرة بشكل مباشر أو غير مباشر من تداعيات التغير المناخي وعلى وجه الخصوص المصادر الاقتصادية والمشاريع الكبرى للدول.

وعن أجندات مواكبة التغير المناخي، قالت أنها لا بد ان تبدأ الدول النامية بتغير مصادر الطاقة وتغير في قطاع النقل وتحويل الصناعات الصديقة للبيئة، وهي أجندات تحتاجها الدول النامية حاليا أشد حاجة من غيرها ذلك لتفادي إنهيار اقتصادها القومي مستقبلا لحساب الدول الصناعية الكبرى.

المشكلات المناخية لا تعرف حدود

وأكدت كسبي أن مشاكل التغير المناخي لا تعترف بالحدود ولا الأعمار ولا الفئات كجائحة كورونا التي تعتبر أخف ضررا على البشرية من التغير المناخي، فمثلا متوقع بعد ذوبان الأقطاب الجليدية عند إرتفاع درجة الحرارة أكثر من النسبة الحالية ستتسبب هذه الكارثة بفقدان مدن ومجتمعات سكنية وربما دول بحد ذاتها.

 

وفي هذا الصدد، نوهت كسبي إلى أن عالم يستنزف كل عام بتسارع الضعف الموارد الطبيعية اللازمة للإستدامة والعيش، مما يتسبب ذلك بضعف قدرة الأرض على تجديدها وتحملها، يأتي ذلك رغم وجود أربعة محاور رئيسية في الاتفاقيات الدولية على رأسها إتفاقية باريس وهي التقليل من الانبعاثات، التكيف مع الظروف، بناء القدرات ونقل التكنولوجيا، وهي المحاور التي يتوجب على الدول العظمى أخلاقيا مشاركتها مع الدول النامية.

وعن دور الدول النامية، استهجنت كسبي ضعف الإرادة الحقيقة لإدارات الدول في تولي التكنولوجيا المحلية الإهتمام المطلوب لا استيرادها رغم توافر القدرات، الأمر يثمر في عملية التكيف والتعايش مع التغير المناخي.

وبينت أن الجهود المتعاقبة لخفض انبعاثات الوقود الأحفوري لم تثمر بعد، إذ أن الحرارة بارتفاع والمشكلات تتزايد والغلاف الجوي يختنق من الانبعاثات التي تثور غضبا على كوكب الأرض.

وعن سلم أولويات هذه الدول، ما تزال البيئة في آخر السلم ومازالت تنظر لجميع المشكلات بنظرة اقتصادية واجتماعية بحتة وتنوح بها وتكرر شكواها للمجتمع الدولي لينقذها، إلا أن الحل يمكن في الوعي بأهمية ربط القطاعات معا للوصول لعمق المشكلة وحلها بالشكل الصحيح.

وقالت كسبي أن التنمية البيئية في الدول النامية على وجه الخصوص تحقق لها التنمية الاقتصادية، إذ توفر فرص عمل وتحارب مشكلتي الفقر والبطالة الأمر الذي يجعلها غنية بالموارد والقدرات ومنتعشه إقتصاديا من هنا يتوجب التحول في طريقة إدارة الأجندات الوطنية وفقا للظروف الراهنة.

منوهه إلى أن العالم لم يصل بعد إلى الحد الذي يوازن بين الإقتصاد والتغير المناخي حتى بعد كل تلك الجهود المنوطة في تطوير القطاعات لتصبح صديقة للبيئة.

وفي العدالة البيئية أيضا، توضح كسبي أن الدول النامية لها الحق والأولوية في إعطاء الآراء التنموية على الصعيد الدولي وتحديد المشاكل ووضع حلولها شريطة أن تكون قابلة للتطبيق، إلى أنه ومن الواجب الأخلاقي أن تلتزم كافة الدول بالمساهمات المحددة وطنيا لتخفيض نسب الإنبعاثات.

الاستثمار في الشباب العربي لصناعة قرارات وطنية ودولية تحمي المناخ

وعن دور الشباب والمجتمع المدني، أكدت كسبي أن الإستثمار بالشباب العربي تحديدا نظرا لما يملكون من امكانيات هائلة تفيد في عملية صناعة القرارات الوطنية والدولية، حيث يعتبر الشباب هم المتأثرين بتلك القرارات وأن القضية بالمجمل هي قضية أجيال قادمة لا حاليه.

من جانبها قالت د. حمدان أن عملية صناعة القرار تتطلب أيضا مشاركة مؤسسات المجتمع المدني والأفراد والأكاديميين، في تغير المفاهيم المغلوطة حول المناخ والتصدي لها من خلال ايجاد محتوى عربي قوي يرفع وعي الشعوب والحوكمات العربية اتجاه قضايا التغير المناخي.

 

·        بالتعاون والشراكة مع مؤسسة فريدريش  إيبرت

 

 

 [D1]