معاقون يتحدون عوائق العمل

معاقون يتحدون عوائق العمل
الرابط المختصر

عادة ما تتنوع أسباب معيقات العمل عند الشباب؛ لكن ثمة أسباب توحد حالهم، منها عدم مواكبة تخصصاتهم متطلبات السوق، أو إشباعه بالخبرات التي يحملونها، لكن هذا الحال يختلف عند أصحاب الإعاقات المختلفة.

 

فتحي المصالحة، موظف في وزارة الأشغال، كان يعمل مراسلا لديهم. أجرى فحص إشغال سعيا للتثبيت، وأملا برفع راتبه الذي لا يتعدى 190 دينارا، "وبعد جهد قالوا لي أني غير مؤهل جسمانيا، فهناك الكثير من الشباب ينتظر عملا أحق منك".

فتحي لكونه معاق حركيا يرى أنه لا أحد يلتفت له بل ويذهب إلى حد القول بأنه بات مقتنعا عدم أهليته في الأعمال الإدارية التي يتقنها.

معتز الجنيدي، بطل المملكة في رفع الأثقال عن فئة الإعاقة الحركية، عمل في ثلاثة مؤسسات خاصة تعتبر من كبرى مؤسسات القطاع الخاص بالمملكة، وكلها اجتمعت في تضييقها الحال على أصحاب الإعاقات من حيث التنقل بين السلالم إلى عدم مراعاة وضعه وتحميله مهام لا تتلاءم مع وضعه من باب أن المعاملة واحدة بين جميع الموظفين.

حائز الجنيدي على إجازة في تخصص المحاسبة، يتحدث عن جملة صعوبات واجهها، بدءً من غياب التسهيلات البيئية وصولا إلى عدم قناعة القطاع الخاص بمؤهلات ذوي الإعاقات.

يروي تجربة حصلت معه عندما طلبت إحدى المؤسسات الخاصة عملا فقام بالاتصال بهم وخضع لامتحان مستوى بداية ونجح فيه، وبعد ذلك كانت المرحلة الثانية وهي القدوم إلى مقر الشركة، وعندما قدم يقول الجنيدي "تفاجأ المدير من قدومي على العكازات وقال لي مسرعا أنهم يعتذرون لي من العمل لكوني سأواجه المتاعب من العمل ما معناه أن وجودي غير مستحب".

الجنيدي يعمل حاليا في وزارة الصناعة والتجارة براتب 350 دينارا بالدائرة المالية، ويجد في حاله بأنه واجه التحديات ليكون عاملا كغيره من الناس لا أحد يحاكمه على إعاقته.

حسام مفلح 24 عاما، درس توجيهي صناعي، قدم العديد من طلبات العمل عن طريق المجلس الأعلى للشباب لكن عندما يقولون لي نريد الاتصال معك كأنهم يقولون لي لا مكان لك في العمل بيننا.

ماري سرور، تعمل متلقية اتصالات في إحدى البنوك، تحمل دبلوم محاسبة لكن ذلك لم يسعفها في العمل ضمن تخصصها، ولسبيل العمل تنازلت عن طموح العمل في تخصصها. تقول ماري إنها محظوظة في عملها بالبنك بمبلغ 300 دينار حتى لو لم يلاءم مقدراتها.

يشكل الأشخاص المعاقون في الأردن نسبة 1.23% من مجموع السكان في الأردن وذلك وفق بيانات التعداد السكاني والذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة في العام2004، لكن تلك النسبة يرفضها المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، استناداً إلى الاختلاف على التعريف المستخدم ولميل المستجوبون إلى إخفاء الإعاقة لأسباب اجتماعية.

"لا يوجد قناعة لدى القائمين في القطاع الخاص على مؤهلات ذوي الإعاقة، ووجهت تلك النظرة في بداية عملي، لكنهم سرعان ما غيروا رأيهم بعد ذلك"، ورغم ذلك لم يستطع معتز الاستمرار في عمله، وذلك لعدم مراعاتهم لظروفه الخاصة المتمثلة بالتنقل وساعات العمل الطويلة التي كان عليه أن يتقيد بها.

مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، رصد في تقرير له واقع عمالة ذوي الإعاقة ومدى التزام المؤسسات الحكومية بتنفيذ القوانين من حيث فرصهم في سوق العمل ودور المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين المسؤول الشرعي على تلك الفئة من المجتمع كذلك مدى تطبيق برامج التأهيل والتدريب الخاصة بهم إضافة إلى أعدادهم المقدرة وفقا للمسوحات الميدانية.

وتبين البحوث النفسية والاجتماعية، وفق محمد سامي حرز الله رئيس قسم التأهيل و التشغيل بوزارة التنمية الاجتماعية، بأن الأشخاص العاطلين عن العمل، تتضاءل نظرتهم إلى أنفسهم ويشعرون بأن حياتهم عبء لا طائل من ورائها ولا أهداف أمامهم بالإضافة إلى أنهم يفقدون أمنهم وثقتهم بأنفسهم وتتغلب عليهم مشاعر القلق والدونية وهذا سرعان ما ينعكس على سلوكهم ومشاعرهم نحو الآخرين كما ستزداد المشكلات لديهم والظواهر المرتبطة بالإعاقة كالفقر والتسول والانحراف والتشرد فإذا كان العمل ملحا ولازما لغير المعوقين من أفراد المجتمع ، فهو أكثر لزوما وأشد حاجة بالنسبة لفئات المعوقين.

أبرز ما حققه الأردن، على ما يراه حرزالله، لفئة المعوقين كان بتبني وزارة التنمية الاجتماعية إصدار قانون رعاية المعوقين رقم (12) لسنة 1993 والذي اعتبر انجازا في مجال التشريع والقضايا الإنسانية حيث نصت المادة الرابعة على تأهيل وتدريب المعوقين والعمل على تشغيلهم وتوفير فرص العمل بنسبة (2%) من عدد العاملين لدى المؤسسات التي يزيد عدد عمالها عن (25) فردا .

فيما بلغ عدد الأشخاص المعوقين الذي قام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين من تشغيلهم في مؤسسات القطاع الحكومي والخاص المختلفة 135 شخصا معاقاً في العام 2009.

يكفل قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007 حقوق تلك الفئة في كافة المجالات، غير أنه وفي قراءة لتفاصيله يظهر غياب الرقابة الفاعلة على المؤسسات المختلفة في متابعة تطبيقها لتوفر نسبة 4% من الموظفين من ذوي الإعاقة من عدد موظفي المؤسسة الواحدة.