مطالبات بتفعيل عملية التأهيل النفسي لضحايا " الاتجار بالبشر" ودمجهم بالمجتمع

الرابط المختصر

 

رغم الجهود المبذولة في مكافحة الاتجار بالبشر، والتي ساهمت بتصنيف الأردن ضمن المستوى الثاني في المؤشرات العالمية للتصدي إلى هذه المشكلة، إلا أن خبراء في الشأن العمالي، يعتبرون أنه لا يزال هناك تحديات لا تحقق الحد الأدنى من المعايير الدولية في هذا الخصوص.

 

ومن هذه التحديات بحسب تقرير صادر عن بيت العمال، بأنه ما زال هناك العديد من الإشكاليات في ملاحقة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، ومنها طول أمد التقاضي، ووضع حد للانتهاكات التي يتعرض لها عاملات المنازل، وبشكل خاص الحرمان من الأجور، حجز حريتهن، التأخر في دفع الأجور، إضافة إلى إشكالية نظام الكفالة المتمثلة بعدم قدرة العامل على تغيير مقر عمله إلا بموافقة الكفيل.

 

كما أن عدم وضوح تعريف جريمة الاتجار بالبشر، يعد معوقا أمام وصول الضحايا للعدالة وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

 

ورغم صدور نظام دور إيواء ضحايا الإتجار بالبشر لعام 2012 بالإستناد إلى هذا القانون للمساعدة على تأهيلهم نفسيا واجتماعيا، إلا أن عملية إنشاء دور إيواء متخصصة وفق المعايير الدولية ما زالت متعثرة وتراوح مكانها.

 

مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان، ليندا كلش تؤكد ان الأردن وصل إلى مرحلة متقدمة في مكافحة الاتجار بالبشر، إلا أن هناك بعض الأمور تحتاج إلى معالجة لعل أهمها تفعيل عملية التأهيل النفسي للضحايا وإعادة دمجهم بالمجتمع.

 

وتوضح كلش أن المعرضين لخطر الاتجار بالبشر يحتاجون إلى برامج رعاية وتأهيل، تنقذهم من أن يكونوا ضحايا مرة أخرى أو متاجرين بالبشر .

 

تقرير بيت العمال يشير الى أن البيانات المتعلقة بقضايا استغلال غير الأردنيين في العمل تشكل الحجم الأكبر من بين أشكال الإتجار بالبشر الأخرى، في وقت لم يصادق الأردن لغاية الآن على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم لسنة 1990.

 

 

الأرقام المسجلة لحالات الاتجار بالبشر لقطاعات العمل المختلفة ضئيلة بالمقارنة مع حجم هذه القطاعات وعدد العمال المتوقع تعرضهم للانتهاكات خاصة العمال غير الأردنيين، الأمر الذي يتطلب إنشاء قاعدة بيانات دقيقة وموحدة خاصة للعمالة الوافدة.

 

أشكال الاتجار بالبشر

 

وفق دراسة أعدها مركز تمكين، تبين أن أكثر حالات الاتجار بالبشر تعود إلى الاستغلال الاقتصادي، خاصة في قضايا العمل، وأن أكثر المعرضين للاستغلال هم من العمالة المهاجرة، وتحديدا عاملات المنازل، والعاملين في القطاع الزراعي.

 

ومن أشكال الاتجار بالبشر الاستغلال الجنسي، وتجارة الأعضاء التي تتم خارج الأردن، حيث يتم استغلال الضحايا وظروفهم الاقتصادية لبيع اعضائهم، كما أن عمالة الاطفال والتسول يعد من أحد أشكال الاتجار بالبشر.

 

ومن الخطوات التي وضعت الأردن بالمقدمة في مجال التعامل مع هذه الاشكالية، هو إدراج التسول المنظم ضمن مفهوم جريمة الاتجار بالبشر بموجب القانون المعدل لقانون الاتجار بالبشر رقم (10) لسنة 2021م.

 

وتضمن القانون إنشاء "صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر"، والمخصص لتقديم المساعدة القانونية للمجني عليهم والمتضررين من هذه الجرائم، وتعزيز الحماية القانونية من مظاهر استغلال الأطفال في جريمة التسول.

 

التشريعات والاتجار بالبشر

 

من جهتها، ترى المحامية المتخصصة بقضايا الاتجار بالبشر أسماء عميرة، إن الدستور الأردني نص في مادته (13) على أنه لا يفرض التشغيل الإلزامي على أحد، وكفلت المادة 23 منه معايير العمل اللائق.

 

وتوضح عميرة أن الأردن صادق  على اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية باستثناء الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم لسنة 1990، لافتة إلى أن المواثيق التي صادق عليها الأردن لتشكل منظومة متكاملة لمنع وقمع الاتجار بالبشر.

 

وكفل العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية بوضع التزام على عاتق الدول الأعضاء بمنع أي ممارسة تقضي الى الاسترقاق والعمل الجبري وحماية الأفراد من هذه الممارسات.

 

وانضم الأردن  للاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 والبروتوكولين الملحقين بها المتعلقة بمنع وحظر الاتجار بالبشر بخاصة النساء والأطفال ومكافحة تهريب المهاجرين لسنة 1962، كما صادق على 26 اتفاقية عمل دولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.

 

وأصدر الأردن قانون إبطال الرق عام 1929 وقانون منع الاتجار بالبشر عام 2009 والذي تم تعديله العام الماضي، وحملت التعديلات الجديدة الكثير من الإيجابيات ومنها إضافة التسول المنظم كصورة من صور الاتجار بالبشر، وتغليظ العقوبات، والسماح بالإقامة المؤقتة للضحية (من الجنسيات الأخرى) في المملكة إلى حين استكمال الإجراءات الضرورية للتحقيق والمحاكمة.

 

و للتوعية بمخاطر الاتجار بالبشر كانت قد قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2013 أن يكون الثلاثين من تموز من كل عام يوما دوليا لمناهضة جريمة الإتجار بالبشر والتذكير بخطورتها التي لا تقف عند حدود زمان أو مكان.