مطالبات بتعويض مشتري العقار في حال عدم التزام البائع

مطالبات بتعويض مشتري العقار في حال عدم التزام البائع
الرابط المختصر

لجوء بعض المقاولين في الآونة الأخيرة إلى اتباع أساليب جديدة في التحايل على المواطنين عند شرائهم العقار ببيعهم شققا "قيد الإنشاء" أكثر من مرة، دفع عددا من المواطنين للمطالبة بفرض تعويض لمشتري العقار، وذلك لعدم التزام البائع بتسجيل عقد البيع في دائرة الأراضي والتسجيل والالتزام بعقد وعد البيع.

ويعمد مقاولون على بيع الشقة وهي تحت قيد الإنشاء لأكثر من مشتري بتقاضيهم دفعه أولى على الشقة وبعد الانتهاء منها يقوم المقاول بتحديد أعلى سعر تقاضاه من المشترين لإتمام عملية البيع وإبطال العمليات الأخرى وإرجاع النقود لكن بعد اللجوء على القضاء.     
 
وهذا ما حدث مع المواطنة سوزان التي ما زالت  تجوب المحاكم منذ خمسة أشهر مطالبة بتعويضها عن العطل والضرر " لجأت إلى القضاء من اجل استرجاع دفعة المبلغ الذي قبضه المقاول والمطالبة بالتعويض عن الضرر، ولكي يأخذ القانون مجراه يلزم الكثير من الوقت وأحيانا سنوات، وإذا حلت المشكلة أيضا بطريقة وديّة فإنها ستأخذ أشهر من المفاوضات".
 
وبينت سوزان الطريقة التي اتبعها المقاول في بيعها للشقة وكيف تحايل عليها "عملية الاحتيال التي اتبعها المقاول كانت في إصراره حتى آخر لحظة على بيع الشقة لنا، حتى انه كلّفنا في شراء مطبخ وفي نفس الوقت كان يماطل وعلمنا بعدها بطريقة غير مباشرة انه قد باع الشقة لأناس آخرين".   
 
وفي دراسة علمية أعدها الخبير القانوني د. تيسير العساف طالب فيها بفرض تعويض لمشتري العقار في حال عدم التزام البائع بتسجيل عقد البيع في دائرة الأراضي والتسجيل، وبين أن التشريعات الأردنية المتعلقة بالأراضي أن الحقوق على العقارات لا تنتقل إلا بتسجيلها واعتبر التسجيل ركنا شكليا يترتب على تخلفه بطلان البيع.
 
وتقول سوزان أن المشكلة الآن في القانون الذي لا يؤمّن حماية للمواطنين أو التعويض عن الضرر، حيث انه لا يوجد أي رادع للمقاول بان يفكر في مثل هذا التصرف، وتزيد "القضية تسير الآن في مجراها وتمكنا من الحجز على إحدى شقق المقاول، وقام بعدها المقاول بإيداع كامل المبلغ في المحكمة ولم يعترف بالضرر الذي خلفه، وفي نفس الوقت ما زالت المحكمة تنظر هل فعلا نستحق أن يحكم لنا بدل تعويض عن الضرر؟".
 
ومن جهته، أكد عضو اللجنة القانونية النيابية النائب مبارك العبادي أن المشتري أحيانا يساهم في جزء من هذه المشكلة لعدم لجوءه إلى الاستشارة القانونية " أي عملية بيع خارج دائرة تسجيل الأراضي هو بيع باطل، لكن أحيانا المشتري لا يلجأ إلى محامي أو مستشار قانوني ليأخذ رأيه القانوني في المسالة، وهذا يرتب عليه تحمل التصرفات التي يقوم بها بعض المقاولين والمالكين".
 
ويضيف العبادي انه "يتوجب على المشتري والبائع أن يراجعوا دائرة تسجيل الأراضي وينظموا ما يسمى "بعقد الوعد بالبيع"، وهذا العقد يسجل لدى دائرة الأراضي ويدفع عنه الرسوم القانونية وفي حال انتهاء المقاول أو صاحب شركة الإسكان أو الشقة من تشطيبها يتم تسجيل هذا العقار باسم الموعود بالبيع".

من جهته، لفت الخبير العساف إلى أن التشريعات ''لم تفرض التعويض أو إمكان إلزام من نكص عن تنفيذ التزامه إما بالتعويض أو بإلزامه بتسجيل وإعطاء المشتري حق رفع دعوى صحة العقد بمواجهة البائع بدل إبلاغه أن عقده باطل وحرمانه من التعويض''.

ولاحظ العساف، في دراسة نشرت بكتاب صدر أخيرا بعنوان ''السجل العقاري: دراسة قانونية مقارنة''، أن التشريعات الأردنية والقانون المدني الأردني ''لم تعالج بكافة نصوصها وجوب تسجيل القضايا التي موضوعها الأموال غير المنقولة واعتباره شرطا لقبول الدعوى''.

واعتبر أن هذا الأمر يشكل ''ثغرة في التشريعات يؤدي إلى ضياع حقوق المتداعين وإلى صدور أحكام غير متطابقة مع واقع السجل العقاري''، وطالب بتعديل هذه التشريعات حفظا للحقوق.

وتعد الدراسة التي نشرها العساف مرجعا أصيلا في التشريعات القانونية المتعلقة بالعقارات، خصوصا في الأردن، لكونها أول دراسة علمية تتعلق بالسجل العقاري الأردني، وتعالج المشاكل الناجمة عن تعارض التشريعات ووجود تناقض بين نصوصها ونقص في بعضها.