مشروع موازنة 2006 اختلالات في الإنفاق وتشوهات في الإجراءات

الرابط المختصر

يرى اقتصاديون ان مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2006 من أسوأ الموازنات وأكثرها اختلالا ، ففي دراسة أعدها خبير الاقتصاد د.احمد النمري، على الرغم انه من خلال الاطلاع العابر على أرقام الموازنة الجارية لسنة2006 ...يوحي بتقدم كبير للقراءة الأولى، إذ تحقق فيها وفرة بقيمة 157 مليون دينار ناجمة عن زيادة الإيرادات الجارية المقدرة عن قيمة النفقات الجارية المقدرة قياسا بعجز قيمته 549 مليون دينار في سنة 2005.



وفي الظاهر وفي نظرة سطحية عابرة يبدو هبوط قيمة الإيراد المقدر من المنح والمساعدات من 1060 مليون دينار في سنة 2005 الى 236 مليون دينار المقدر في موازنة سنة 2006 وهذا يعزز مبدأ الاعتماد على الذات وتخفيف التبعية.



ويرى النمري حسب دراسته ان وجود التفاوت الحاد بين الرقمين يعكس في الواقع قصورا في كفاءة التقدير المالي والسياسي، فتقدير منح 2005 كان مبالغ به كثيرا وغير مبرر حيث تحقق 520 مليون دينار مما هو متوقع بمعدل 0.5 من المجموع الإجمالي للمنح المنتظرة.



ويستند قانون مشروع الموازنة العامة منذ عام 2005 الى إستراتيجية إصلاح الإدارة المالية المتضمن إجراء تغيرات أساسية في أسلوب الإعداد والأهداف ومتابعة التنفيذ، على عكس أسلوب "التفاوض المضني" السائد سابقا، وذلك تحركا نحو نهج موازنة موجه للحصول على نتائج ايجابية وزيادة الكفاءة والفائدة.





اختلالات في جانب بنود الإيرادات

وفي قراءة موسعة لجانب الإيرادات في مشروع قانون الموازنة لسنة 2006 يتكشف العديد من السلبيات والثغرات من أهمها: قفزت الإيرادات الضريبية المقدرة في سنة 2006 بمبلغ 487 مليون دينار عن القيمة المقدرة لها في سنة 2005 بنسبة زيادة عالية بلغت 35.7% لا تتوازى مع معدلات النمو المتحققة بالأسعار الثابتة وهي 7% كما هي في الأسعار الجارية 11.2%.



ولم تتجاوز نسبة ضريبة المبيعات الى الإيرادات الضريبية الكلية 23%في 4991، وقد تواصل نموها منذ اعتمادها نتيجة تعديلات تشريعية رفعت نسبتها العامة من 7% في سنة 4991 الى 10% في سنة 59، والى 31% في سنة 99 ثم الى 61% في بداية شهر حزيران سنة 4002، فيما رافق رفع النسب السابقة وضع تشريعات جديدة لتوسيع نطاق سريانها لتطال المزيد من الخدمات والسلع، وليخضع لها المزيد من الصناعيين والتجار الصغار مع تواصل تخفيض حد التسجيل ليكون حاليا في حدود 50 الف دينار مبيعات للصناعي وللتاجر على حد سواء، علما بان المساواة بين الصناعي والتاجر ليس عادلا اذ ان المساواة بين غير المتساوين ليست بالعادلة فيما تم تسمين متواصل لضريبة المبيعات لان ثقلها الرئيس يتحمله الفقراء وأصحاب الدخل المحدود المتدني والمتوسط.

وقد ارتفع تقدير حصيلة ضريبة المبيعات في سنة 6002 بمبلغ 240 مليون دينار عن القيمة المقدرة في سنة 5002 وبنسبة 8.82%.

و على الرغم من ان الحصيلة المقدرة لضريبة الدخل في سنة 6002 تزيد بمبلغ 58 مليون دنيار من القيمة المقدرة في سنة 2005 وبنسبة 6.83% فان نسبتها الى إجمالي الإيرادات الضريبة لم تتجاوز 4.61% والى الإيرادات المحلية البالغة11%، والى مجموع الإيرادات 0.1% والى الناتج المحلي الإجمالي المقدر لسنة 2006 3% فقط.

ومنذ سنة 1995، ونتيجة مسلسل تعديلات تخفيض نسب ضريبة الدخل على شرائح الدخل العالية من حوالي 40% الى 52% في المتوسط مرشحة لمزيد من الهبوط قريبا، فان الأهمية النسبية لهذه الضريبة استمرت في التراجع مقابل تواصل الارتفاع في الأهمية النسبية لضريبة المبيعات.

الانقلاب التشريعي الضريبي الذي تواصل منذ سنة 1995 هدف الى المس بضريبة الدخل وتقليص أهميتها النسبية لصالح أصحاب الدخول الأعلى رغم أنها الضريبة الأكثر عدالة اجتماعيا، والأكثر دستورية في موازاة النص في الدستور الأردني بان تكون الضريبة متصاعدة مع تصاعد الدخول.

وارتفعت حصيلة الإيراد من الضرائب الجمركية على المستوردات في سنة 2006 بمبلغ 201 مليون دينار وبنسبة 94% عن رقم الإيراد المقدر في سنة 2005، المفارقة تتصل بكون مسار حصيلة الإيراد من الرسوم الجمركية السنوية في اتجاه هبوطي منذ نهاية التسعينات ومرشحة لهبوط أكير، إلا انه لوحظ في سنة2005 قفزة في زيادة إيراد الموازنة من الرسوم الجمركية عن المقدر وبقيمة 57 مليون دينار، وبنسبة 63%، وكان ذلك نتيجة انطلاق حركة المستوردات من عقالها لتصل الى رقم قياسي في نهاية شهر أيلول سنة 2005 الى 1445 مليون دنيار والى عجز تجاري غير مسبوق بقيمة 3713 مليون دينار متوقع ارتفاعه ويشكل احد اكبر الأخطار على وضع ومستقبل الاقتصاد الوطني.



ومن هنا فان زيادة الإيراد من الرسوم الجمركية ليس ايجابيا في مقابل تضخم العجز المتواصل في الميزان التجاري الذي من شأنه استنزاف موارد البلاد واحتياطياتها من العملات الأجنبية، ما يثير التساؤل والاستغراب تركيز الإعلام الحكومي على حدوث بعض النمو في الصادرات فيما يتجاهل زيادة اكبر بكثير في رقم المستوردات بحيث تكون محصلة الجانبين حدوث زيادة غير مسبوقة ومتواصلة في رقم العجز في الميزان التجاري الذي يتجاهله الإعلام الرسمي بدوره.







اختلالات في جانب بنود إنفاق الموازنة

الملاحظ ان الأرقام الإجمالية لجانب الإنفاق في موازنة سنة 2006 زادت قليلا عن أرقام مثيلاته في سنة 2005 وزادت النفقات الرأسمالية في 2006 بمبلغ 62 مليون دينار عن 2005، وتفوقت مخصصات الجهاز العسكري على مخصصات الجهاز المدني حيث بلغت قيمة الإنفاق على الجهاز العسكري715000 مليون دينار في الوقت الذي بلغت فيه مخصصات الجهاز المدني698572 مليون دينار.



النفقات العامة ارتفعت لتصل من 100 مليون دينار الى288 مليون دون بيان ما المقصود بالنفقات العامة بنسبة تصل الى 35% .



"النفقات الطارئة الأخرى" قفز الرقم المخصص لها من 51 مليون دينار سنة 2005 الى 32 مليون دينار في سنة 2006 بدون ان يكون هناك توضيحا لأسبابها والمطارح المتوقع الإنفاق عليها.



نفقات التقاعد والتعويضات مرة أخرى يتواصل الارتفاع، وبقفزات، في قيمة مخصصات نفقات التقاعد والتعويضات، ومن873 مليون دينار في سنة 4002 الى 414 مليون دينار معاد تقديرها في سنة 2005، والى574 مليون دينار مقدرة في سنة 2006 بزيادة 16 مليون دينار وليس واضحا أسباب ذلك، وحيث يمكن الاستنتاج بعدم إمكانية أو نية الحكومة في إجراء معالجة موضوعية لأزمة نفقات التقاعد بغير محاولة تحميلها على كاهل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.





عجز متزايد للموازنة وكمحصلة لأرقام بنود الإيرادات والنفقات الكلية فان عجز الموازنة تفاقم سنة بعد أخرى، فالعجز بعد المنح والمساعدات ارتفع من351 مليون دينار فعلي في سنة 2006 الى 450 مليون دينار في سنة 2006. اما العجز قبل المنح والمساعدات فبلغ 369 مليون دينار فعلي في سنة 2004 الى 0331 مليون دينار مقدر في سنة 2005 انخفض بعد إعادة التقدير الى 356 مليون دينار ليقدر في سنة 2006بمبلغ 686 مليون دينار.

ويتابع النمري انه نتيجة أخطاء وخطايا السياسات الاقتصادية الحكومية واملاءات صندوق النقد الدولي وغيره من مؤسسات الرأسمالية المعلومة فإن الأردن يعاني من العجزين المتصاعد في الميزان التجاري،والعجز المتزايد في الموازنة. ومن تصاعد رقم المديونية المستمر وخاصة رقم المديونية الداخلية، ولا نستغرب في ظل هكذا أساسيات من ان تستمر مشكلة الفقر والبطالة في التفاقم رغم الوعود الحكومية المتكررة وعالجتها. وأخيرا من المفيد إدراج الجدول رقم 7 أدناه الذي يوضح اتجاهات أرقام الموازنة الفعلية بإيراداتها ونفقاتها وعجزها من سنة 4991 وحتى الآن.



وتأتي هذه الدراسة حول مشروع قانون الموازنة في الحلقة النقاشية الاقتصادية الرابعة عشر التي نظمتها جريدة الأهالي تحت عنوان" موازنة 2006 اختلالات في الإنفاق وتشوهات في الإجراءات"وحضر الحلقة النقاشية عدد من النواب والاقتصاديين والحزبيين الذين قدموا أفكارا وملاحظات أغنت النقاش

أضف تعليقك