مشروع لتنظيم عمل الباعة المتجولين

الرابط المختصر

اختزنت من الماضي في الذاكرة صورة بائع البسطة او العربة المتجولة في احياء عمان منذ عشرات السنين, وكان سكان الحي ينتظرون البائع منذ الصباح الباكر ليشتروا حاجاتهم اليومية من المستلزمات الاستهلاكية والحلويات الشعبية كالسمسمية وغزل البنات اضافة الى الكعك والبيض والزعتر وغيرها.

اليوم اصبحت الصورة مغايرة تماما في ظل التطور والرفاهية وامتداد المحال التجارية والتوسع باقامة المولات الكبرى فاصبح البائع بعربته البسيطة يشكل مخالفة قانونية يتوجب عليه دفع غرامة او حجز العربة.

في المسلسلات التركية والسورية التي احتلت مكانا على شاشات الفضائيات العربية نجد بائع العربة جزءا من الماضي حتى ان شكل العربانة يتماشى مع المطلوب من اجراءات صحية لحفظ الطعام او الحلوى من التلوث.

وعلى ارض الواقع كثير من المواطنين لا يملك سوى قيمة كعكعة السمسم والزعتر او البيض بعد رفع سعر ساندويشة الفلافل وحتى البسطة رغم بساطة ما يباع عليها الا انها تشكل حاجة لدى البسطاء من المواطنين الذين يلجأون اليها لقلة ما في جيوبهم من نقود.

الا ان الصورة تبدلت في الوقت الحاضر بحيث اصبحت البسطة ظاهرة غير حضارية ويتم بيع بعض البضائع غير نظيفة واحيانا فاسدة وبوساطة تجار يستأجرون عمال البسطات لترويج بضائعهم ورغم قلة عددهم الا ان الجهات الرسمية غير جادة في معالجة اوضاعهم وفق تأكيد الكثيرين منهم.

باعة العربات او البسطات لا يتعدى دخلهم منها العشرة دنانير يوميا وهو مبلغ لا يكاد يكفي لشراء كيلو لحم واحد وهم كغيرهم من قطاعات المواطنين ينظرون بعين الامل الى ان تتبنى الجهات الرسمية قضيتهم لوضع حلول ملائمة تضمن استمرار عملهم من دون ان يشكل مخالفة للقانون.

مشروع مواطن في مدينتي الذي تنفذه مؤسسة تطور لدعم قدرات الشباب والممول من الاتحاد الاوروبي ويشمل مناطق سحاب, الاشرفية, وبيادر وادي السير نفذ عددا من الورش لتأهيل اصحاب البسطات وتثقيفهم للقيام باعمالهم بصورة صحية وقانونية.

العرب اليوم التقت العديد من باعة البسطات للحديث عن همومهم ومشاكلهم حيث يقول محمد نبيل من سكان الوحدات ويبلغ من العمر 28 عاما والذي يبيع مكانس وقشاطات مختلفة  ويعمل على عربة متنقلة انه فقير ولا يستطيع فتح محل بسبب عدم توفر رأس المال ويؤكد نبيل ان ابرز الصعوبات التي يواجهها في عمله اليومي هو منع امانة عمان له من ممارسة مهنته والقيام بمصادرة بضاعتة وقال : يبلغ راسمالي مابين 50- 60 دينارا مشيرا انه في اغلب الاحيان يجلب البضاعة بالدين واوضح انه غير متعلم بسبب الفقر ولم يتلق مساعدات مالية اوعينية وقامت جمعية الشابات المسلمات باعادة تأهيله لتعليمه على المشي بسبب اعاقة في القدمين وهو صغير ويضيف بانه يمشي لمسافات طويلة بعربته ابعد من الوحدات والاشرفية ويصل الى سحاب والرجيب ويعيل 12 فردا هم ثمانية اولاد ووالديه العاجزين من دون راتب تقاعدي من اي جهة ويعيش اوضاعا اقتصادية صعبة.

اما البائع ابوسيف ويبلغ من العمر 36 عاما ويبيع سندويشات الكباب على عربته يقول ان تعليمه ابتدائي وهو متزوج ويعيل 8 أطفال اضافة الى والديه وشقيقته - وهناك اثنان من اولاده على مقاعد الدارسة وهو يعمل على العربة منذ ما يزيد على 10 سنوات.

يقول أبو يوسف انه لا يملك المال لتطويرعربته الى محل داخل الاسواق الشعبية التي تقيمها امانة عمان في بعض الاحيان اضافة الى ان الاسواق الشعبية يمتلكها المدعوم اما نحن بلا دعم حسب قوله ويضيف الاسواق الشعبية بعيدة عن الزبائن ومعظمهم من عمال ومراجعي  كراجات  اصلاح السيارات في الوحدات وهو ثابت في مكانه يقوم باخفاء عربته أثناء جولات الامانة ويبيع الساندويشة الواحدة بنصف دينار وراسماله 30 دينارا من مواد اللحمة والخبر والبندورة السلطات والفحم ويؤكد بان معدل دخله اليومي يصل الى 10 دنانير.

واكد انه على استعداد لفتح محل في اي سوق شعبي بالقرب من المنطقة ولو مترا في متر مقابل الترخيص والعمل القانوني كبديل عن  المرمطة الا انه يستدرك ويقول ان الكشكات للمتنفذين ولدى سؤالنا إياه حول كيف للمستهلك ان يتأكد من سلامة المبيعات المكشوفة قال : انا متاكد وجاهز للفحص ولا توجد طريقة اخرى غير مخافة الله.

عامل وافد يبيع على عربة لوزا اخضر عندما اقتربنا منه وعرفنا عن انفسنا باننا نعد تقريرا عن البسطات المتنقلة قال ارجوكم لا تصوروا فانا عامل وافد ابيع لصالح معلمي الاردني بطريقة النسبة من الغلة بيني وبين صاحب العربة الذي يدير اكثر من واحدة واكتفى بالقول بان لديه عقد عمل ساري المفعول.

اما حسن علاء الدين - يبيع المرطبات التمر هندي في الصيف وفي فصل الشتاء يبيع  قشطة  - يبلغ من العمر 30 سنة - متزوج ولديه ولد 3 سنوات وبنت 5 سنوات ويعمل في هذه المهنة لاكثر من 3 سنوات يقول بانه يقوم بشراء دلو 20 لترا عصير توت من صاحب محل في المنطقة بـ 12 دينار ويقوم ببيع الدلو بـ 18 دينارا تقرييا وبحسب الحركة في السوق ويوضح بانه لا يعمل لحسابه الشخصي.

ويشرح لنا علاء الدين عن مهنته ويقول ان بائع العصير يجب ان يتحرك وان لا يكون ثابتا في مكان اما زبائنه فهم المارة والعمال وغيرهم ولا يفيد المحل في سوق شعبي لان اغلب الاسواق بعيدة عن الاحياء السكنية اضافة الى ان اصحاب العربات لا يملكون المال من اجل فتح محل ولا يستطيعون تحمل عبء ترخيص ومواد خام وكهرباء وماء وغيرها من الامور.

 اما عن ابرز الصعوبات التي تعترض عمله فهي اي الامانة تقوم بجولات تفتيشية تصادر بها هذه البضائع.

 من جهة اخرى اكد احد مهندسي امانة عمان ومدير احدى المديريات المشرفة على تنظيم البسطات الثابتة والمتحركة لـ العرب اليوم مفضلا عدم ذكر اسمه ان نسبة البسطات المتحركة في وسط البلد قليل وان المشكلة تكمن في البسطات الثابتة والتي يقوم اصحابها بوضعها امام المحلات التي تقوم بدفع الضرائب والتراخيص او ان يقوم صاحب المحل المرخص بالاعتداء على الارصفة المخصصة وفق قانون التنظيم للمشاة.

وقال ان اغلب اصحاب البسطات المخالفة يبيعون مواد منتهية الصلاحية وان بعضهم من اصحاب السوابق ويبيع مواد ممنوعة وغيرها واضاف ان الامانة استثنت بسطات الموز المتحركة بقوله: سمحنا لهذه العربات بالبيع من اجل تشجيع الزراعة المحلية موضحا بان البسطات مخالفة لقانون تنظيم امانة عمان وهو اعتداء على التاجر المرخص الذي يدفع الضرائب وتخضع بضائعه للفحص وغيرها من شروط تنطيم المدن.