مسرح رمضاني في عمّان: السياسة على الإفطار لا تمغص!

الرابط المختصر

في الوقت الذي تصاب فيه النشاطات الثقافية والفنية الأردنية بخمول خلال شهر رمضان المبارك، يبدو النشاط المسرحي هو النشاط الوحيد الذي يعيش خلال هذا الشهر، ويتحول شيئا فشيئا إلى "فلكلور" يزدهر في العاصمة عمان فقط.فعمان، على رغم محاولاتها المبذولة في شكل متواصل لخلق جو مسرحي يكسر جمود المدينة ليلا، تظل فاقدة لحركة مسرحية فاعلة. وهذا الجمود تحول إلى سبات يصحو منه المسرح في شهر رمضان فقط، وفي أوقات الإفطار على وجه الخصوص.



الفنان المسرحي نبيل صوالحة الذي يقدم مسرحية جديدة كل رمضان ينظر إلى الأمر في شكل أكثر إيجابية ويعتبر أن "النشاط المسرحي يزداد في رمضان، ولكنه لا يتوقف خلال السنة. هناك طلب لمسرحية جديدة في كل عام، والكاتب بطبيعته كسول، لكن عرض مسرحية جديدة في رمضان بات واجب. ورمضان شهر المسرحيات الجديدة التي تعالج آخر القضايا".



والمسرح الأردني الذي يتركز في عمان، شأن غالبية النشاطات الفنية والثقافية الأخرى التي تقام في المملكة، عانى فترة انحسار بعد ازدهاره في شكل كبير مطلع التسعينات، بعدما فقد الفنانون الأردنيون مكانتهم التلفزيونية عربيا عقب حرب الخليج، والقرار الخليجي الذي قضى بمنع عرض الأعمال التلفزيونية الأردنية على شاشاتها، احتجاجا على الموقف الأردني من الحرب في ذلك الوقت. وكان انتكاس الأعمال التلفزيونية مصدر سعد للمسرح في الأردن، فازدهر وصار قادرا على جذب الجمهور. لكن الوضع لم يستمر، وعاد النشاط المسرحي إلى سباته متركزا في مسابقات ومهرجانات حققت نجاحا، لكنه يظل في خانة "النجاح الموسمي" وغير القادر على التعبير عن حالة فنية عامة.



لكن الوضع اختلف من سنوات قليلة، وصار النشاط المسرحي يتكثف في شهر رمضان. وخلال هذا الشهر تعرض مسرحيات جديدة، كلها تحمل طابعا سياسيا، وتعرض في فنادق عقب "بوفيه" إفطار.



صوالحة، الذي يعرض مسرحيته الرمضانية هذه الأيام في مطعم فندق فخم في عمان، يرى أن الإنتاج المسرحي ينشط في رمضان "لان إنتاج مسرحية جديدة مكلف، وفي رمضان هناك إمكانية لأن تغطي تكاليف المسرحية وتأخذ أجرك. أما في الصيف، فليس مؤكدا أن تغطي المسرحية تكاليفها من النص والموسيقى والديكور والإخراج".



وعلى رغم أن كثيرين لا يصنفون هذه المسرحيات ضمن النشاط المسرحي الحقيقي ويدرجوها في خانة "مسرح الطعام"، فإن هذه العروض تلقى رواجا وإقبالا كثيفا لو قورن بالإقبال عليها في الأيام العادية - بدون طعام. هذا غير أن غالبية هذه العروض تنطلق في رمضان، وتظل لأيام قليلة بعد انقضائه.



لكن لصوالحة رأي في هذا القول، إذ يعتبر المسرح "خشبة في أي مكان تقف عليها وتقدم عرضا وأنا سعيد جدا بتقليد أميركي وهو المسرح مع العشاء، وأنا سعيد أيضا بالناس الذين يأتون إلى حضور مسرحيتي وأعدادهم كبيرة ليس للإفطار فقط، وإنما لإشباع فضولهم في معرفة ماذا لدى نبيل صوالحة وفرقته من جديد".



طبعا لا رابط منطقيا بين موضوعات المسرحيات وشهر رمضان. فهذه العروض التي يقوم ببطولتها فنانون كوميديون تتكرر وجوههم منذ سنوات طويلة على خشبة المسرح، سياسية – كوميدية دوما، ومادتها الأساسية مستقاة عادة من قضية راهنة محليا. وصوالحة لا يرى في هذا التركيز على السياسة مسرحيا "شأنا أردنيا خاصا، فهو أمر موجود في كل بلدان العالم".



وعلى ما في فكرة الإفطار على وقع السياسة من منغصات ومعيقات هضمية، إلا أن هذه الفكرة تظل الأكثر رواجا والأكثر جذبا للجمهور. فالمسرح في المملكة سياسي دائما، ولا مجال لـ "نجاح" مسرحية لا تتعاطى مع شأن غير ذلك، سواء عرضت في رمضان أو في غيره من الشهور.


أضف تعليقك