مستودعات الأدوية قوى بحجم القانون!

مستودعات الأدوية قوى بحجم القانون!
الرابط المختصر

رغم أن الأدوية هي المادة الوحيدة المسعرة في الأردن من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء والتي تخضعها لتسعيرٍ مركزي منذ عام 2005 إلا أن هناك أدوية لا تزال أسعارها تفوق الحدود.

"المؤسسة" تدخلت في العام 2008 وقامت بإغلاق مستودع أدوية يعد واحدا من أكبر المستودعات، في خطوة وصفت "بالتصعيدية" لكن أمين عام المؤسسة محمد الرواشدة قال حينها إن المؤسسة استندت على قانون الصحة العامة المعدل الذي يخوله بإغلاق أي مؤسسة خالفت القوانين من حيث تركيبة الدواء واللواصق والأسماء.

ويبدو أن علاقة المؤسسة العامة للغذاء والدواء مع مستودعات الأدوية تدخل بين حين وآخر بحرب، لجملة أسباب منها حجم المخالفات التي تكبدها المؤسسة على المستودعات جراء مخالفات متنوعة، وارتفاعات متتالية لأسعار أدوية ترى المستودعات أنها تسعى لهامش ربح "غير ذلك تغلق أبوابها" فيما يعود الأساس إلى تراكم ديون على مؤسسات صحية من جراء شراءها الأدوية، فيما ترى المستودعات أن الديون قاربت على المائة مليون دينار.

تستند المؤسسة في إجراءاتها العقابية بنص قانون الصحة العامة المعدل لسنة 2008 في فقرته (د) من المادة 11 والتي تنص على ما يلي "إذا كانت حالة المخالفة وطبيعتها تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على الصحة العامة، يجوز للوزير إغلاق المستشفى أو المركز العلاجي ، كليا أو جزئيا ، دون حاجة لتوجيه إخطار ولا يسمح لأي منهما بالعودة لممارسة عمله تلا بعد إزالة أسباب المخالفة".

"مؤسسة الغذاء والدواء تركز دوما على المستودعات الصغيرة وتتجاهل في الوقت ذاته كبرى المستودعات وهي معروفة"، يقول مدير مستودع أدوية تعرض مستودعه لإغلاق قبل سنة لبيعه أحد أصناف الأدوية بسعر مرتفع، ويقول إن المؤسسة تتدخل في شؤون مستودعات الأدوية ما له من انعكاسات خطيرة فسعر الصنف الدوائي مرتبط بالأسعار العالمية.

غير أن المؤسسة العامة للغذاء والدواء تنأى عن نفسها "تقصد" مستودعات بعينها وتقول إنها تعمل ضمن القوانين، ويقول مدير قسم الرقابة والتفتيش فيها تحسين العبادي أن المؤسسة تعمل بناءً على المادة 47 من قانون الصحة العامة المعدل لسنة 2008 بالتالي لا يوجد تركيز فالمخالف سيخالف.

قانونيا، المخالفات تتم بناء على تقديرات المحكمة وحجم الضرر، غير أن الأحكام التي صدرت أواخر العام الماضي بحق 3 مستودعات أدوية خالفت القوانين تم صدور قرارات بحبس المتورطين من 5- 10 سنوات، ودفع غرامة مالية تقدر ب10 آلاف دينار.

يؤكد العبادي أنهم يتجاوزا حجم المستودع ولا ينظروا إلى فاعليته أو نافذية مديريه أو مدى اتصاله بمتنفذين، "المخالفة تبقى مخالفة ومجردة عن أي مرجعية يتم مخالفة هذه الشركة أو المستودع مهما كانت سطوته فالجميع تحت القانون".

يستورد الأردن ما نسبته 80-85% من الأدوية الأجنبية لتزويد المؤسسات الصحية احتياجاتها من الأدوية فيما تقوم مستودعات الأدوية برفد 1800 صيدلية منتشرة في كافة أرجاء المملكة احتياجاتها من الأدوية، كما تشمل المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية والخدمات الطبية الملكية ووكالة غوث اللاجئين.

مؤسسة الغذاء والدواء باتت تركز مؤخرا في حملاتها التفتيشية على مستودعات الأدوية، ويقول العبادي إنهم ضبطوا مؤخرا بعضا من مستودعات الأدوية قامت بتغيير "لواصق التواريخ"، مؤكدا أنه "لا يوجد تجاوزات على رفع أسعار صنوف الأدوية لكنها تكون في إطالة أمد الأدوية بتغيير تواريخها".

د. طاهر الشخشير، نقيب الصيادلة يقول إن مخالفات المستودعات التي حرُرت مؤخرا لم تكن سوى "مخالفات مهنية فقط"؛ من تغيير تاريخ الانتهاء وتجزئة العبوات وتغيير اللواصق وهو يخالف قانون الصحة العامة لكنها ليست أكثر من ذلك.

ويعتبر النقيب أن العقوبات كانت قاسية بحق مستودعات "فالأصل معاقبة مالك المستودع وليس المؤسسة بكاملها، بمن فيهم من عاملين فيه". ويضيف أن ثلاث مستودعات أدوية تم إغلاقها ومعاقبتها في العام 2008 وهذا العام لم يخرج تقرير المؤسسة بعد، هذه المستودعات تم إغلاقها لمدة شهر واحد ثم تم إعادة فتحها.

الشخشير الذي يشغل أيضا منصب الناطق الإعلامي لجمعية مالكي مستودعات الأدوية يقر أن هناك "عدم انضباط" في بعض المستودعات ويقول أن ثمة ورشات عمل بين النقابة والمؤسسة لتوعية الصيادلة ومسؤولي المستودعات حول ما يحق لهم وما لا يحق لهم.

لكن العبادي يكشف عن تورط مصنع أدوية ومستودعين للأدوية ومطبعتين وشركة، بتغيير تواريخ صنوف أدوية خلال الشهر الماضي وهم الآن محالين إلى الإدعاء العام وتم إغلاقهم لفترة محددة.

ويلفت العبادي إلى أن تغيير تواريخ صنوف الأدوية يطال مستحضرات صيدلانية ومكملات غذائية في العادة يلتقطها المفتشون خلال جولاتهم الرقابية. لكن الشخشير يشير إلى أن هناك أسعار أدوية يتعلق تخفيضها بتخفيض أسعار التصدير.

ويبدو أن أزمة وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء مع مستودعات الأدوية تتعدى المخالفات وأمور الضابطة العدلية إلى وجود "مطالبات مالية مستحقة على الوزارة"، تطالب بها المستودعات.

ويكشف أمين عام جمعية مالكي مستودعات الأدوية ثامر عبيدات في تصريحات صحفية سابقة عن مبلغ 45 مليون دينار مرشحا للارتفاع إلى 60 مليون، مستحق على وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية ومركز الحسين للسرطان، ويقول إن المستودعات "لا تتحمل مسؤولية المخاطر الناجمة عن وقف تزويد الأدوية لغرف عمليات المستشفيات ومرضى السرطان".

وتهدد الجمعية بوقف توريد الأدوية إلى جميع المستشفيات الحكومية والجامعية في ضوء عدم سدادها الديون المتراكمة الأمر الذي حد بالمستودعات إلى أن أصبحت عاجزة عن التسديد والدفع للموردين –بحسب عبيدات- بسبب المديونية المتراكمة.

وكانت المؤسسة العامة للغذاء والدواء خفضَت بشهر تشرين ثاني الماضي أسعار الأدوية المستوردة بعد فشل الوزارة من إلزام أصحاب المستودعات من تخفيض أسعار أدويتهم بنسبة تتراوح من 17-20%". في وقت أعلنت فيه عن تخفيض أسعار ما يقارب 3000 صنف من أصل 3600.

ويبلغ عدد أعضاء جمعية مالكي مستودعات الأدوية 20 مستودع أدوية يمثلون كبريات الشركات المصنعة والبحثية، فيما تُشًغل تلك المستودعات ما يزيد عن ألفي موظف معظمهم من الصيادلة والمدربين.

وتنشط عدة جمعيات في مجال تجارة الأدوية في الأردن هي: جمعية مالكي مستودعات الأدوية، جمعية مستوردي الأدوية الأجنبية، والاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية.