"مركز دراسات الشرق الأوسط" يعلن ملامح الاستراتيجية العربية الجديدة للتعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي

الرابط المختصر

عقد مركز دراسات الشرق الأوسط اليوم السبت في الأردنّ، مؤتمراً صحفياً، أعلن فيه ملامح "الاستراتيجية العربية الجديدة للتعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي"، والتي تناولت تحليل البيئة الاستراتيجية فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، بالإضافة إلى الرؤية والأهداف والإمكانات ونقاط القوة والتحديات ونقاط الضعف، والفرص المتاحة، والأساليب والإجراءات الاستراتيجية المقترحة على المستويات الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية ضمن هذه الاستراتيجية.

وأكد رئيس مجلس الأمناء للمركز د. محمد أبو حمور، خلال المؤتمر الذي عُقد في قاعة المركز في العاصة الأردنية عمّان، أن المركز يطمح إلى أن تكون هذه الدراسة مفيدة لصناع القرار، وأن ما ورد فيها من أفكار واستراتيجيات قد تتقاطع مع أفكار واستراتيجيات مؤسسات صنع القرار في دول عربية.

بدوره أوضح مدير المركز د. بيان العمري، أن الاستراتيجية تمثّل خلاصة جهد عشرين عاماً بذلها المركز بمشاركة رجال دولة وخبراء استراتيجيين وأمنيين وسياسيين وأكاديميين وإعلاميين وقيادات في القوى السياسية والاجتماعية والعربية والفلسطينية، والتي تبلورت من خلال ندوة عقدها المركز نهاية العام الماضي 2021، بعنوان "نحو ملامح استراتيجية عربية جديدة للتعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي"، وشارك فيها نحو 60 من الخبراء والأكاديميين ورجال السياسة من 7 بلدان عربية، وقُدِّمت فيها 23 ورقة بحثية ومداخلة علمية للخروج بهذه الاستراتيجية.

وأشار العمري إلى أن عملية بناء الاستراتيجية وصياغتها استندت إلى سلسلة من البرامج العلمية والفكرية والأكاديمية المتعددة، وهدفت إلى رسم مسار فكري واستراتيجي يساهم في خدمة المسار السياسي والاستراتيجي العملي، الفلسطيني والعربي، تجاه إدارة الصراع لصالح الأمن القومي والمصالح العربية، وتجاه تحقيق المصالح والحقوق الفلسطينية الثابتة.

وشدد على أن تَوفّرَ مثل هذه الاستراتيجية في ظل تحولات القضية الفلسطينية، يضع القيادات الرسمية والشعبية العربية والفلسطينية أمام مسئولية استثمار الفرص ومواجهة التهديدات، وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، وعزل إسرائيل، وبما يفتح للأمة العربية وللشعب الفلسطيني البدائل والخيارات العديدة لهذه المواجهة.

وبين العمري أن المركز أوصل هذه الاستراتيجية للزعماء والقادة العرب كافة، ولقادة القوى السياسية العربية والفلسطينية جميعاً، ولعدد كبير من المفكرين والأكاديميين العرب، وأن العمل متواصل لضمان وصولها لكل المعنيين بالصراع وبالقضية الفلسطينية، وستنشر اعتباراً من اليوم على موقع المركز وعلى حسابه في فيس بوك للوصول إليها مباشرة.

بدوره أشار رئيس المركز جواد الحمد إلى التحوّلات التي شهدتها المنطقة والقضية الفلسطينية خلال الأعوام الأخيرة، وبين أن الاستراتيجية المقترحة تطرح رؤية واقعية للتعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي في مواجهة واحتواء وتحجيم التمدد الإسرائيلي والمشروع الصهيوني التوسّعي، وخفض مخاطره على القضية الفلسطينية وعلى الأمن القومي العربي ومصالح الأمة العليا، في ظلّ انسداد أفق التسوية للقضية الفلسطينية، واستمرار الانقسام الفلسطينيّ وغياب المشروع الوطني الفلسطيني الجامع، واستئناف اتجاهات التطبيع العربي، وتعدد الأزمات الإقليمية المتداخلة.

وأكد أن الاستراتيجية تتطلع إلى استثمار الإمكانات والمقوّمات على مختلف المستويات كعدالة القضية الفلسطينية، وامتلاك الدول العربية عموماً ودول الطوق خصوصاً إمكانات عسكرية نظامية كبيرة، إضافة إلى المقاومات الشعبية المسلحة الفلسطينية واللبنانية، والتعاطف العربي والإسلامي الشعبي والدولي.

وتناول الأهداف الاستراتيجية من حيث احتواء التمدد الإسرائيلي ومواجهة المشروع الصهيوني في العالم العربيّ، وإنهاء الانقسام الفلسطيني وإعادة إنتاج مشروع وطني فلسطيني يتلاءم مع تطورات القضيّة الفلسطينيّة، ودعم وإحياء وتفعيل خيار المقاومة كحق مشروع، عربياً ودولياً، ومنع تصنيفه بالإرهاب دولياً، وتعبئة الشعوب العربية وتوعيتها بمخاطر وعدائية إسرائيل والمشروع الصهيوني عليها وعلى الدول العربية، ووقف وإنهاء مسارات التطبيع العربية- الإسرائيلية واحتواء انعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية وعلى الأمّة العربية.

وأكد الحمد ضرورة إنهاء الخلافات والتجاذبات العربية الداخلية والبينية، ووقف وتحجيم التدخلات الإسرائيلية سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً في الشأن الفلسطيني الداخلي، وعدم السماح لإسرائيل بالتأثير (سياسيّاً، عسكريّاً، أمنيّاً، اقتصاديّاً، اجتماعيّاً، أو غيره) على العلاقات الفلسطينية- العربية، والعربية- العربية، وتثبيت وتعزيز المكتسبات الإقليمية والدولية للقضية الفلسطينية فلسطينياً وعربياً، والبناء عليها بوصفها فرصاً متاحة.

ورأى الحمد أن تحقيق أهداف الاستراتيجية يتم على المستوى الفلسطيني بتوافق سياسيّ وطنيّ، ومقاومة شعبية نشطة في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام ١٩٤٨، ومقاومة مسلحة ضد الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، ودور حيوي ونشط لفلسطينيي الشتات في مسيرة النضال الفلسطيني والمواجهة مع إسرائيل والمشروع الصهيوني في العالم.

ويكون على المستوى الأردنيّ بتعزيز معادلة الردع وتعديل ميزان القوى لصالح الأردن، وإعادة تقييم شاملة لسياسة الأردن تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية، واستمرار تفعيل السياسات والدبلوماسية النشطة في إدانة إسرائيل، والنظر في بدائل التموضع السياسي الأردني عربياً وإقليمياً ودولياً، خاصة أن الوثيقة تعتقد أن إسرائيل تستهدف وجود الأردن ومصالحه ضمن الأهداف الاستراتيجية للمشروع الصهيوني.

ولفت الحمد الانتباه إلى أن تحقيق الأهداف على المستوى العربيّ يكون بإعادة إنتاج مشروع عربي تكاملي يضمن الحد الأدنى من تحقيق المصالح للدول العربية وشعوبها، وإعادة النظر في "المبادرة العربية للسلام" مع إسرائيل بدءاً بتجميدها، والتلويح بالتراجع عن كافة الالتزامات العربية التي نصّت عليها، وإطلاق مبادرة عربية عالمية منفتحة على كل الدول والهيئات والشخصيات التي تناهض إسرائيل واحتلالها لفلسطين كبديل للمبادرة العربية، ودعم جهود ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين دولياً، وعزل إسرائيل سياسياً على المستوى الدولي، ودعم كافة أشكال المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل والمشروع الصهيوني.

ورداً على استيضاحات طرحها مندوبو وسائل الإعلام، أكد العمري وصول نص الاستراتيجية إلى الزعماء العرب والفصائل الفلسطينية، وحكومات عدد من الدول، ورؤساء برلمانات، والعمل جارٍ للتوّسع لإيصالها للعدد من مراكز الأبحاث والمفكرين وقادة الرأي والإعلاميين.

وأوضح أن الباحثين والخبراء المشاركين في إعداد الاستراتيجية يمثلون 15 دولة عربية، وهم شخصيات دبلوماسية وسياسية وعسكرية واستراتيجية وقانونية وإعلامية وأكاديمية.

فيما بيّن الحمد أن القضية الفلسطينية حصلت على مكاسب سياسية على المستوى الدولي، مستشهداً بنتائج التصويت في منظمة الأمم المتحدة لصالح الجانب الفلسطيني، وداعياً إلى استثمار هذه المكاسب لصالح القضية الفلسطينية.

وبين أن مراكز الدراسات تقوم بواجبها في خدمة صناعة القرار، وتفكيك التحديات وبيان الفرص، وتوصلت إلى رؤية استراتيجية واقعية خلال (2022-2030)، وأن المركز سيشجع الجميع على تبنيها وتطويرها وتحويلها إلى خطط تنفيذية عملية، وفق هذه الاستراتيجية.

وحول أهمية طرح هذه الاستراتيجية في هذا التوقيت، أوضح الحمد أنه لأول مرة يتم اقتراح استراتيجية شاملة للعرب والفلسطينيين على حد سواء، تتناول الرؤية والأهداف والوسائل على المديين القريب والمتوسط (2022-2030)، وأن هذه الاستراتيجية المقترحة بنيت على محصلة المسارات السياسية والمقاومة بكافة أشكالها والعمل الدبلوماسي، وقدمت قراءة دقيقة للبيئة الاستراتيجية التي يفكر واضعو الاستراتيجية في ظلالها، وأنها تتمتع بمكونات متكاملة على صعيد الرؤية والأهداف الاستراتيجية، وتقدم تصورات عن الفرص المتاحة، وتنتهي بطرح أسس استراتيجية للتخطيط والتنفيذ تحت عنوان الأساليب والإجراءات، وتجسّر العديد من التباينات والفجوات بين المواقف والسياسات العربية باستخلاص المشتركات التي تحقق الأهداف العربية والفلسطينية في الصراع.

وأكد أن العديد من الدول والأطراف الرسمية ناقشت مضمون الاستراتيجية مع المركز، وبين أن الاستراتيجية أخذت بالاعتبار توجهات وسياسات مختلف الأطراف، وأن التفاعلات مع الاستراتيجية كانت متفاوتة بين مختلف المؤسسات والجهات.