مرشحون أموالهم وهداياهم تسبقهم إلى قواعدهم الانتخابية

الرابط المختصر

سياسة الرشى الانتخابية التي يسلكها المرشحون تنتشر في كثير من الدوائر الانتخابية. وهي في المحصلة جذب لأصوات الناخبين.

على عكس المرشحين فان حظ الناخبين قويا في الانتخابات النيابية التي يجرى الحشد اليها حاليا, كون الاستعدادات لها صادفت قبيل شهر رمضان المبارك وفيه وبعيده, فاستغلها العازمون على خوض معركة الانتخابات النيابية, ايما استغلال.

وطيلة أيام رمضان الماضية انكب هؤلاء في زيارات مكوكية متواصلة الى منازل المواطنين للاطمئنان عليهم وتقديم شتى صور الدعم العيني والمادي لاسرهم سواء أكانت أسراً عفيفة محتاجة أم اسراً تعتبر ما يقدم من المرشح زيادة الخير خيرين, باعتبارها مفتاحاً لعداد أصوات الاقرباء أو الجيران او من يمون او يؤثر عليهم او يزكيه عندهم.

ويعتبر شهر رمضان فرصة ثمينة للراغبين في الترشح للانتخابات النيابية وخوض غمارها على امل الوصول إلى قبة البرلمان.

وإذا لم يصل لقبة البرلمان فانه يكفيه شهرة انه ترشح الى الانتخابات النيابية, ولم يحالفه الحظ, ويحمل لقب مرشح نيابي حالت الظروف لفوز .

ورغم ضيق الوقت خلال شهر رمضان المبارك امام المرشحين في القيام بجولات اثناء النهار, الا انهم يجدونها فرصة سانحة لكسب مزيد من أصوات الناخبين عبر اظهار انهم قريبون من المواطنين ويتحسسون أحوالهم وظروفهم الاقتصادية, وان هدفهم خدمة المواطن, وان الله منعم ومفضل عليهم, وان خدمتهم تكليف وليس ترشيفاً, وان خوضهم للانتخابات من اجل التعاطف معهم كونهم الأقرب معرفة في ظروفهم.

إنهم يقومون بالطواف على المنازل لتوزيع المساعدات المالية التي تتفاوت من أسرة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر, ومن مرشح إلى آخر حسب ملاءته المالية وكم قد رصد لحملته الانتخابية لكي يصل إلى قبة البرلمان .

وتتصدر أحاديث المواطنين حاليا كرم المرشحين الخيري الذي تدفق, هذا العام, وبالذات بشكل ملحوظ في شهر رمضان المبارك.

ويتسابق المرشحون على تقديم طرود الخير التي تنهال على منازل المواطنين, ويبقى على المواطن اختيار المرشح الذي تدفق عليه مال الكرم الحاتمي.

فيما استغل بعض المرشحين ومديري حملاتهم الانتخابية الشهر الفضيل لإقامة موائد للإفطار واستغلالها للدعاية الانتخابية قبل انطلاقها فعليا.

وفي المقابل هناك من توجه بالدعوات لإقامة الولائم لحشد أعداد كبيرة من المدعوين لتناول طعام الإفطار التي يحضرها الأطفال قبل الكبار ومنهم ليس له أصوات قبل المسجلين.

ويقول احد مديري حملات احد المرشحين: إن حراكا قد بدأ يلحظه في تجاوب الناخبين مع أجواء الانتخابات.

ويعزو مدير الحملة ذلك إلى نشاط المرشحين وسخائهم الذي لم يتوقف قبل شهر رمضان وخلاله, مؤكدا أن الأيام المقبلة ستشهد سخونة وتصاعدا في الحراك الانتخابي.

ويتحدث بعض المواطنين بأن أنصار المرشحين ومديري حملاتهم يطرقون ابواب منازلهم كل يوم وهم يحملون اسما لاحد المرشحين يطلقون عليه القابا تتضمن كل شيء ما عدا فاتح القدس فهو ناصر الفقراء والمظلومين, ورجل البر والإحسان, وصاحب الأيادي البيضاء والقلب الرحوم وغيرها, التي لا تظهر إلا عند إجراء الانتخابات النيابية والبلدية .

اشكال الرشوة وشراء الاصوات

يبدو أن أسلوب »شراء الأصوات« قد تغير هو الآخر وتعددت أشكاله وطرقه المعتمدة, ورغم تحريم شراء الأصوات شرعا وقانونا, الا ان ذلك يتم من خلال اعداد كبيرة من المرشحين الذين تحول ظروفهم للوصول إلى كل منزل, إلا أن أفعالهم الخيرية تسبقهم, وتتمثل بتقديمهم طرود الخير التي يرفقون بها البروشور الخاص بهم الذي يظهر فيه سيرتهم الذاتية.

وينقسم الشراء إلى قسمين, إما مباشرة او غير مباشرة, فالمباشر يتمثل في ارسال مواطنين لاداء العمرة الى جانب تقديم مبالغ مالية لهم, وتزويد سائقي الحافلات بمبالغ مالية  مابين 300- 400 دينار اردني لشراء الموز والتفاح والعصائر والشوكولاته والبسكويت, وتوزيعها على المعتمرين, الى جانب توزيع طرود الخير ومبلغ مالي يتراوح مابين 200 - 300 دينار اردني. وهذه الاسعار تتفاوت من مرشح لاخر, حيث لكل صوت, وكل مكان له قيمته, فمن يقول ان الصوت يبدأ من 100 دينار.

فيما بعض المرشحين يفضلون الالتقاء بمفاتيح الحي أو الحارة أو العشيرة أو القبيلة لشرح مضامين برامجهم الانتخابية وتقديم المساعدات المالية النقدية, إلى جانب دفع فواتير العلاج, والمياه, والكهرباء, وأجرة المنزل, والبقالة, والجيران, والقسط الجامعي, وتشغيل العاطلين عن العمل مع فريق حملته الانتخابية.

ولضمان تصويت المواطن لصالح هذا المرشح او ذاك فان المرشح الذي يدفع سواء مباشرة منه او من خلال مديري حملته الانتخابية او مفاتيحه, او السماسرة المتخصصين بالسمسرة, فالضمانة الوحيدة هي القسم على القرآن.

كما ان هناك من يلجأ الى الشراء الفردي المباشر, أي عبر احد افراد العائلة الى جانب تقديم الهدايا بأشكالها, ودعم الأنشطة الاجتماعية, التي يشترط ان تكون برعايته أو تسمى باسمه, والسعي الى توظيف الباحثين عن وظيفة.

وظائف وهمية

ويقوم بعض المرشحين بتعيين بعض الناخبين من أبناء الدائرة, في وظائف خاصة وهمية خلال مدة الانتخابات, وبرواتب مجزية أو العمل في الحملة الانتخابية, للمرشح مقابل مكافآت كبيرة.

ومن الأساليب الجديدة قيام المرشح بتأجير منزل أحد الناخبين, وبسعر عال جدا خلال فترة الانتخابات.

اخر الابتكارات

ولكن يبدو ان بعض المرشحين لا يقنع حتى بالقسم فآخر الابتكارات هي في الاتفاق على تزويد الناخب بجهاز خلوي مزود بكاميرا, لتصوير ورقة الاقتراع التي يكتب عليها اسم هذا المرشح.

وكشف ورقة الاقتراع لمندوب المرشح, اضافة الى الوسيلة القديمة الجديدة وهي الطلب من احد الناخبين وضع ورقة تشابه ورقة الانتخاب في صندوق الاقتراع وتسليم الورقه الاصلية الى احد مديري حملة المرشح ليعطيها للناخب البائع لصوته الاخر مدوناً عليها اسم المرشح وهكذا يستمر مسلسل اخراج ووضع ورقة الاقتراع .

ويقول أحد المواطنين ويدعى هزاع الاحمد إن شراء الاصوات يتم من خلال توزيع طرود غذائية, مشيرا ان كثيرا من المواطنين رفضوا استلامها واخذها لانها تزامنت مع انطلاق الاستعدادات لاجراء الانتخابات, واعتبروها اهانة لهم وشراء لذممهم.

 واوضح الاحمد ان هناك سيارات تتنقل بالطرود ليلا ونهارا, وتحتوي هذه الطرود على المواد الغذائية ويصل سعر كل طرد الى 50 دينارا إلى جانب مبلغ مالي .

ويضيف لدى المواطنين احباط يسيطر جراء تصرفات النواب السابقين الذين أهملوا حق المواطن وانشغلوا بهمومهم الذاتية.

وقال الاحمد ان معظم المرشحين يتخذون من أصوات المواطنين الذين نسوا حقوقهم عندما كانوا نواباً او في منصب عام, ويدعون الى انتخابهم مثلما انتخبوه في المرة السابقة موضحا ان هذا المرشح نسي أن المواطنين لن يكرروا انتخابه.

ويتوقع احد مديري حملات احد المرشحين في العاصمة طايل المناصير ان تزداد حركة المرشحين ومؤيديهم ومؤازريهم ومديري حملاتهم خلال اجازة عيد الفطر السعيد, لافتا الى ان بعض المرشحين يقومون بهذه الزيارات الى منازل المواطنين في العيد لاول مرة. وقال المناصير لا استبعد قيام المرشحين بدفع العيديات الى الاطفال والنساء.

الرأي الديني

ويقول مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة ان رأي الشرع يحرم قيام المرشح بدفع مبالغ مالية إلى الناخبين, نظير التصويت له في الانتخابات, كما يحرم على الناخب استقبال هذا المال.

ويقول: إن مجلس النواب له واجبات وعليه أعباء كبيرة, فهو من جهة سلطة تشريعية ومن المعلوم أن التشريع لله عز وجل فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله تعالى.

واضاف الخصاونة أن التصويت في الانتخابات النيابية أمانة ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها ويؤديها بالشكل الصحيح وهي كذلك شهادة سيسأل عنها أمام الله تعالى الذي يقول: (ستكتب شهادتهم ويسألون), وبما أن المسلم سيسأل عن هذه الشهادة أمام الله تعالى فلا يجوز له أن يأخذ شيئاً من المال أو الهدايا ثمناً لصوته وشهادته من أي من المرشحين مقابل انتخابه.

واضاف هذا يؤدي إلى أن يصل إلى مجلس الأمة من ليس أهلاً لذلك , وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة, قال كيف إضاعتها يا رسول الله ? قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.

واشار الخصاونة أنه يحرم على المرشح كذلك أن يدفع المال للناس مقابل انتخابه وحشد الأصوات لصالحه سواء أكان نقداً أم هدايا ومن يفعل ذلك كيف يؤتمن على مصالح وطنه ومقدراته?

واشار الى انه من غير اللائق بالمواطن الأردني أن يتعامل مع قضية الانتخابات بهذا الأسلوب, ومن غير اللائق أيضاً على النائب أن يحشد الأصوات لصالحه بهذه الطريقة مما يذم به المجتمع أن تكون المجالس النيابية قائمة على شراء الضمائر, وماذا يتوقع ويتأمل ممن يرى المال كل شيء فيبيع صوته أو يشتري صوت غيره ? وما يتوقع منه إذا صار صاحب قرار.

وتابع أن المواطنين جميعاً ذكورهم وإناثهم, شبابهم وشبانهم يرون أن الشخص الذي يتبع هذا الأسلوب لا يصلح أن يكون نائباً يمثلهم في مجلس الأمة, وأن المواطن الأردني لا يبيع صوته ولا ضميره وإن وجد شيئاً من ذلك فهي تصرفات نادرة يجب أن نحاربها ونقف ضدها لا سيما وأن القانون يعتبر بيع الأصوات وشرائها جريمة يعاقب عليها.

ويقول الباحث في الشؤون الاسلامية د.عبدالله العقيل إن الانتخابات جزء من دائرة الشورى والنصيحة, فالقضية إذن ليست مجرد ضجة إعلامية أو احتفالية سياسية, لجلب التأييد وحشد الدعم لهذا المرشح أو ذاك أو الوقوف مع هذا الحزب أو ذاك, بل الأمر أكبر من ذلك.

أضف تعليقك