
مدير الأمراض الصدرية: علاج مجاني وخطة وطنية للقضاء على "السل" خلال ثلاث سنوات

رغم توفر علاج مرض السل مجانا في وزارة الصحة وارتفاع نسبة الشفاء منه إلى 100% عند اكتشافه مبكرا، لا يزال البعض يشعر بالخجل من الإصابة به، معتبرين المرض وصمة اجتماعية.
في المقابل، تبذل الوزارة جهودا مكثفة للقضاء على المرض خلال السنوات الثلاث المقبلة، من خلال تنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحته، وتعزيز التعاون مع الجهات المعنية، وتوفير الأجهزة الطبية والعلاجية، إلى جانب إيصال الكوادر الطبية إلى مختلف المحافظات لإجراء الفحوصات اللازمة.
وبحسب تقديرات الوزارة، بلغت نسبة حالات السل المكتشفة في عام 2024 نحو 2.4 لكل 100,000 شخص، أي ما يعادل 274 حالة بين الأردنيين وغير الأردنيين، منها 167 حالة سل رئوي، وهو النوع الأكثر خطورة، مما سيضع الأردن في المرتبة العاشرة عربيا من حيث عدد الحالات الجديدة.
تشير إحصاءات عام 2022 إلى تسجيل 223 إصابة بالسل، مع انخفاض ملحوظ في أعداد المصابين والوفيات المرتبطة به، أما في عام 2017، بلغ عدد الإصابات 324 حالة، منها 203 حالات بين الأردنيين.
كما أظهرت دراسة عالمية انخفاضا كبيرا في معدل الوفيات الناجمة عن المرض في الأردن بين عامي 2000 و2013، حيث سجل 0.8 حالة وفاة لكل 100,000 نسمة.
أعراض المرض
مدير الأمراض الصدرية وصحة الوافدين والصحة المهنية، ومدير البرنامج الوطني لمرضى السل، الدكتور إبراهيم المعايعة، يوضح لـ"عمان نت" أن علاج مرض السل متوفر بالكامل في وزارة الصحة، ويقدم مجانا لجميع المقيمين على أرض المملكة، سواء كانوا أردنيين أو غير أردنيين، رغم أن تكلفة علاج الحالة الواحدة تتراوح بين 7,000 و12,000 دينار.
ويشير المعايعة إلى أن مرض السل تسببه بكتيريا وينقسم إلى نوعين، السل الرئوي والسل غير الرئوي، موضحا أن السل الرئوي هو الأكثر خطورة نظرا لكونه معديا، وتشمل أعراضه السعال المستمر لأكثر من أسبوعين دون استجابة للعلاج، انخفاض الوزن، التعرق الليلي، التعب العام، والارهاق، إضافة إلى ضعف المناعة.
وعلى الصعيدين المحلي والإقليمي، يوضح المعايعة أن نسبة الإصابة بالسل في الأردن منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية، ويرجع ذلك إلى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المرض، ورغم الارتفاع الطفيف في الإصابات عالميا، فإن منطقة شرق المتوسط، التي ينتمي إليها الأردن، تعد من أفضل المناطق من حيث انخفاض معدلات الإصابة.
أهداف الاستراتيجية
لتطبيق الاستراتيجية الوطنية للقضاء على السل، تعمل الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الهجرة الدولية، حيث قامت بعدة إجراءات، منها، تحديث جميع المراكز الصحية في المملكة، وتركيب 12 جهاز أشعة حديثا في مختلف المحافظات، إلى جانب تشغيل ثلاث سيارات أشعة متنقلة تجوب جميع المناطق، واستلام جهاز أشعة محمول على الكتف للوصول إلى المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها بالسيارات.
كما أطلقت الوزارة برامج تدريب مستمرة للأطباء في المراكز الصحية الشاملة والفرعية، إلى جانب حملات توعية مجتمعية، شملت إنتاج فيديوهات تثقيفية بالتعاون مع ممثلين، للتوعية بطرق الوقاية والعلاج.
وفي خطوة لتعزيز دقة التشخيص، أصبح الأردن من أوائل الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تشخيص حالات السل، حيث زودت جميع أجهزة الأشعة بأجهزة ذكاء اصطناعي تساعد في تحليل الصور الطبية وتحديد الحالات المحتملة دون الحاجة إلى تدخل أخصائي الأشعة في كل حالة.
طرق الوقاية من السل
يواجه دعم مرضى السل تحديات عدة، أبرزها نقص التمويل، وفقا لما ذكره معايعة كما لا يزال المرض ينظر إليه على أنه وصمة عار لدى البعض، مما يدفع المصابين إلى تجنب الحديث عنه أو الاعتراف به، مرجعا ذلك جزئيا إلى الصور النمطية التي رسختها بعض الأعمال الدرامية التي تصور السل كمرض مشين، رغم توفر العلاج الفعال له.
ويؤكد المعايعة أن التزام المرضى بالعلاج يساهم في شفائهم شبه التام، إذ يصبح المصاب غير معد بعد الأيام الأولى من بدء العلاج، مما يمكنه من ممارسة حياته الطبيعية داخل المجتمع، شرط الاستمرار في العلاج والمتابعة مع الطبيب المختص.
يشدد المعايعة على أهمية إجراء الفحوصات للكشف عن السل، خاصة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، مثل مرضى الكلى والسكري والإيدز، مشيرا إلى أن هناك استراتيجية واتفاقيات مع مؤسسات طبية، مثل مركز الحسين للسرطان، لضمان فحص مرضى السرطان والسكري والكلى للكشف المبكر عن السل، موضحا أن بعض الفئات أكثر عرضة للإصابة، من بينهم المصابون بالأمراض المزمنة.
أما بالنسبة للوقاية العامة، ينصح المعايعة بضرورة ارتداء الكمامات، وتجنب الأماكن المزدحمة التي تزيد فيها احتمالات العدوى، إضافة إلى اتباع نمط حياة صحي يشمل التغذية السليمة، التهوية الجيدة، ممارسة الرياضة، والامتناع عن التدخين والأرجيلة، حيث يعد التدخين أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالمرض.
ويصادف اليوم، الرابع والعشرين من آذار، اليوم العالمي للسل، الذي يحتفل به الأردن إلى جانب دول العالم، بهدف تسليط الضوء على أحد أخطر الأمراض المعدية التي لا تزال تشكل تحديا صحيا عالميا، وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى استمرار إصابة الملايين سنويا، ما يستدعي تعزيز الجهود للقضاء عليه بحلول عام 2030.