مدونة السلوك الوظيفي صارت عامل إخافة وليس تحفيز

مدونة السلوك الوظيفي صارت عامل إخافة وليس تحفيز
الرابط المختصر

ربما مرّ وقت على إقرار وزارة تطوير القطاع العام
مدونة السلوك الوظيفي والتي حرمت بموجبها السلوك الموظف العام من حقه الدستوري بالتعبير عن
رأيه بالاضراب او الاعتصام أو التقدم بعرائض جماعية متعلقة بالوظيفة، إلا أن
الموظفين وبخاصة المعلمين بدأوا يشعرون بعدم منطقية بنود المدونة الآن.

ولأن المعلمين
يعتبرون من أكبر قطاعات الموظفين العموميين في الأردن، فقد بدأوا يتأثرون بتطبيق
هذه المدونة عملياً من خلال دوامهم اليومي في مدارسهم.

ويرى الأستاذ
جروان المعاني أن قضية المد ونة قضية حقوقية تمس كل موظف في البلاد ويضيف "من وضعوا هذه المدونة ليسوا منطقيين أبدا بالتعامل مع حق الموظف سواء
كان معلما أم غير ذلك، نحن نعمل أيضا ضمن إطار الدستور وليس فقط بأنظمتهم بحيث أن
كل من يريد تطبيقه يطبقه على الموظف وكأنه يعمل لديه، نحن في دولة مؤسسية والمفترض
أن تعطي مواطنيها هامش كبير من الحرية حتى يظل مستمرا في إبداعاته، وحينما تحددني
وتؤطرني فأنت تقول لي أن لا أعمل بل علي أن أكون أداة بيد الرئيس الأعلى
مني".

ويعتقد المعلم جروان أن هذه المدونة حملت
الكثير من الظلم للموظف الحكومي لأن "الآليات التي تدعو لها المدونة هي آليات
عقيمة فهي تضعك بشكل مباشر تحت سلطة الرئيس المباشر لك بحيث أن أي فعل يعتبره
تجاوزا يكون مرفوضا مباشرة من قبل المدير المباشر عليك وهذا خطأ جسيم، فمثلاًإذا
اتخذ قرار ما من قبل المدير مثلا ورفض إثنين منا هذا القرار فمعناه أننا نحرض أو
ندعو لإضراب، وإذا قررنا رفعه الى مدير التربية في منطقتنا فسيعتبرونا قد خرجنا عن
إطار المدونة، وهذا خطأ ".

ودعا جروان الى أن "تكون الأبواب مشرعة
بين المسؤول والموظف، أيا كان هذا الموظف معلما أم موظف في وزارة أو مؤسسة حكومية
أن يكون لدى الموظف هامش من الحرية والتعبير عن الرأي، فأنت مجرد أن تكتب في
الصحيفة تعترض على أي شيء في مجال عملك فهو أمر مرفوض وليس لك الحق في أن تقول (لا)
إلا في أدنى الحدود".

واقترح المعلم جروان إيجاد محكمة خاصة بالتربية
والتعليم حتى تستطيع وضع حلول مباشرة لأي إشكاليات تظهر وأصرّ قائلاً "المدونة
يجب أن تكون عامل محفز وليس عامل إخافة".

الصحفي والكاتب سميح المعايطة وجد أن فكرة هذه
المدونة إيجابية كمبدأ، وتصلح أن تكون ميثاق شرف للموظف الأردني العامل في القطاع
العام ليلتزم فيه، لكنه يقول "الإشكالية فيها أنها ذهبت بعيداً الى قيود
وأشياء لا ضرورة للحديث فيها، ووضحت للموظف وكأنها نوع من القيوم على سلوكه،
وبالرغم من انه يمكن للموظف أن يلتحق بأي عضو يراه مناسبا، لكن بعض القيود فيها
كانت حتى على قضايا بسيطة مثل التوقيع على عريضة داخل المدرسة للمطالبة بقضية
خدماتية مثل تحسين دورة المياه، فالعمومية التي فيها جعلت المدونة تأخذ مناحي ليست
مطلوبة".

وانتقد المعايطة في المدونة أنها "خرج بها
وجعلها تظهر كأنها مجموعة من القيود الوظيفية".

لكنه أكد أن التعديل وارد وممكن فيها "المدونة
ليست قانون ولا نظام، ويمكن مراجعتها في أي وقت وخاصة أن هناك وزير تطوير قطاع عام
جديد ويمكن طرح الموضوع عليه للعمل على تعديل المدونة، فهذا لا يحتاج الى مسار
دستوري وبالتالي من السهل تعديل بعض الأشياء فيها لأنه وجد أنها غير مقبولة أو
تجعلها تفسر تفسيرات سياسية أكثر منها سلوكية"

أما المعلم هشام جت فيقول هناك بنود كثيرة في
المدونة تحد من حريتي الوظيفية، فالملك عبدالله أرسى قواعد الحرية، لكننا في
المدونة كنا نتمنى مزيد من الحرية وليس مزيدا من التقييد، وأنا في مجال عملي
بالتعليم مثلاً كنا نفضل لو أن لنا نقابة معلمين، وأن يكون هناك محكمة خاصة
بالتربية والتعليم".

وأشار قائلاً "لا ننكر أن في المدونة
الكثير من الامور الجيدة تهدف الى ضبط لحقوق وواجبات الموظف، لكننا نتمنى أن تلغى
البنود التي تمس الحرية الشخصية أما باقي الحقوق العامة كأن يتعاملالموظف بإخلاص
فنحن بالعكس مع هذه الأمور".

يذكر
أن بعضاً من بنود المدونة تتعارض مع المادة الخامسة عشر من الدستور الأردني والتي
كفلت للمواطن الأردني حرية التعبير والرأي والقول ضمن أحكام القانون، حيث اشتملت
المدونة على عقوبات لكل من يخالف ماورد في المدونة.

وقد
واجهت المدونة انتقادات العديد من الفعاليات الشعبية والمطالبات الحزبية التي دعت
للتراجع عنها على الفور، إلا أن العمل بها استمر دون أي تلويح بتعديل فيها أو
إلغاء.

وأوجبت
المدونة على الموظف فيما يتعلق بتعامله مع رؤسائه التقيد بتنفيذ أوامرهم
وتوجيهاتهم وتعليماتهم وفق التسلسل الإداري. وبينت أنه في حال كانت تلك الأوامر
والتعليمات مخالفة للتشريعات النافذة فعلى الموظف أن يعلم رئيسه خطياً بالمخالفة
الحاصلة، ولا يلتزم بتنفيذ هذه الأوامر والتعليمات إلا إذا أكدها رئيسه خطياً، وله
في هذه الحالة أن يعلم ديوان المحاسبة بالمخالفة الحاصلة، وفي جميع الأحوال على الموظف
أن يرفض تنفيذ التعليمات إذا كانت مخالفتها تشكل مخالفة أو جنحة أو جناية يعاقب
عليها قانون العقوبات أو أي تشريع نافذ آخر.

ونصّت
المدونة السلوكية فيما يخص قبول أو طلب الهدايا والامتيازات والفوائد الأخرى، على
عدم قبول أو طلب أي هدايا أو ضيافة أو أي فوائد أخرى من أي نوع كانت، سواء كانت
مباشرة أو بالواسطة، قد يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على موضوعية الموظف في
تنفيذ مهامه الوظيفية أو من شأنها أن تؤثر على قراراته، أو قد تضطره للالتزام بشيء
ما لقاء قبولها.

وبينت
أنه في حال عدم رفض الهدايا أو الضيافة أو الفوائد الأخرى، أو عندما يعتقد أن قبول
أنواع معينة من الضيافة سيعود بنفع جيد على المؤسسة، على الموظف إعلام رئيسه
المباشر بذلك خطياً، وعلى الرئيس المباشر إعلام الموظف خطياً ما إذا كان يجب رفض
الهدايا أو الضيافة أو الفوائد الأخرى أو الاحتفاظ بها من قبل الدائرة، أو التبرع
بها لمؤسسة خيرية، أو التصرف بها أو الاحتفاظ بها من قبل الموظف المعني.

واشترطت
المدونة لهذه الغاية، أن تقوم الدائرة بفتح سجل خاص بالهدايا المقدمة لها تسجل فيه
الهدايا الواردة على هذه الشاكلة، وكيفية التعامل معها سواء كانت من خلال الاحتفاظ
بها في الدائرة أو التبرع بها أو الاحتفاظ بها من قبل الموظف.

ونصت كذلك على أن تحدد الدائرة الحكومية حقوق
موظفها بوضوح، وأن تعامل أوضاعه الوظيفية على أساس الاستحقاق والجدارة والتنافسية،
فضلا عن توفيرها له ظروف عمل جيدة وآمنة، وأن تضمن له حرية الرأي والتعبير في إطار
القانون، وتكفل له حق التظلم والشكوى.

أضف تعليقك