محللون: الحرب مع إسرائيل بدأت للتو
أحداث الحرب على غزة الأخيرة طرحت على الطاولة السياسية سيناريوهات عدة، إما بحل الدولتين أو فتح باب المفاوضات الفلسطينية– الفلسطينية
من جديد والسعي وراء مصالحة بين القيادات الفتحوية والحمساوية بقيادة مصرية، فضلا على تربع دول الممانعة على الخارطة السياسية.
الأمر الذي يخشاه الاردن هنا، هو بالتأكيد الوطن البديل، وتحديداً بعد ما قيل حول الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية على الأردن بهذا الخصوص أثناء الحرب على غزة؛ وهذا ما دعا الكثير من المحللين السياسيين إلى ترجمة الموقف الأردني الرسمي "الغاضب" من إسرائيل إلى الضغوطات التي يتعرض لها الأردن في هذا الإطار.
التأكيد الأردني حول قيام دولة فلسطينية على التراب الفلسطيني دائماً ما جاء على لسان الملك عبد الله الثاني وحكوماته، وهو الذي فضل عدم المشاركة في قمة غزة الطارئة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة متضامناً مع غياب اكبر دول محور الاعتدال المملكة العربية السعودية ومصر، رغم ان الاردن اكبر المتأثرين من تداعيات ما بعد محرقة غزة، وفقا للكاتبة رنا الصباغ.
الملك عبد الله الثاني في خضم الحرب على غزة، راى ان هناك مؤامرة تحاك ضد الشعب الفلسطيني مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن ومصر.
فالأردن في مقدمة دول المنطقة المعنية بما يجري من متغيرات ويحتاج قبل غيره الى مقاربات سياسية جديدة لمواجهة كل السيناريوهات بما يضمن مصالحه الوطنية والقومية وإعادة رسم خريطة علاقاته الاقليمية والدولية.كما يرى المحلل السياسي فهد الخيطان.
فلم تصمد محاولة عمان النأي بنفسها عن سياسة المحاور منذ بدء العدوان، عندما فضلت هذه المرة الوقوف في "الوسط" لتوازن بين علاقاتها الوثيقة مع مصر والسعودية من جهة، والحفاظ على زخم التحسن الأخير الذي طرأ على علاقاتها مع قطر وسورية. كما ترى الكاتبة رنا الصباغ في مقالتها التي عنونتها "لكمة" قمّة غزة في الدوحة وخيارات الأردن!.
ورأت الصباغ، ان بوصلة الدبلوماسية الأردنية كانت اتجهت للاستدارة بعد ترسخ القناعة بفشل الرهان الاستراتيجي على الرئيس الأمريكي جورج بوش، الذي يغادر البيت الابيض غدا، ووعده الإلهي بقيام دولة فلسطينية مستقلة مع نهاية ولايته الرئاسية الثانية.
رئيس تحرير جريدة العرب اليوم طاهر العدوان، بين أن الأردن قد غاب عن قمة غزة الطارئة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة يعود لعدم مشاركة السعودية كبرى دول محور الاعتدال في القمة، وأضاف" ذلك يعود إلى العلاقات الوثيقة بين الطرفين واعتماد الأردن بشكل كبير على هذه العلاقات على الساحة العربية، فالأردن أحرج من أن يحضر قمة تعارضها السعودية".
وكان لا بد على الأردن، وفق طاهر العدوان، المشاركة في القمة واتخاذ قرار بمعزل عن الموقف السعودي "فما يحصل في غزة قريب جدا من مصالح الأردن الإستراتيجية القريب من القضية الفلسطينية التي هي قضية داخلية وخصوصا أن السعودية بعيدة كل البعد عن الحدث".
الكاتب والمحلل السياسي سلطان الحطاب رأى ان المعركة ما تزال في اوجها، معتقدا ان الاردن سيخوض المعركة بضراوة بعد وقف القتال في غزة،" المعركة السياسية التي ستعقب وقف اطلاق النار في غزة الأصعب على الأردن، وبذلك ستخوض الاردن معركة ضارية بعد وقف القتال في غزة لان الاسرائيليين يريدون توظيف عدوانهم على غزة في استثمارات سياسية قد تصيب المصالح الوطنية الأردنية مباشرة بمعنى عدم قبول دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة من جانب إسرائيل وهو ما كان التوافق عليه في المجتمع الدولي ويعني ذلك خطر على الامن الوطني الأردني ومن هنا يبدا قلق الاردن".
واعتقد الحطاب ان التوتر في العلاقة الاردنية الاسرائيلة الدبلوماسية ستشهد مزيدا من التوتر، خاصة بعد وقف اطلاق النار.
ويعزو الحطاب خيار الأردن ليكون بين دول الاعتدال لطبيعة التركيبة وللظروف الانسانية فالاردن راى ان قمة قطر ابتعدت بالمعالجات ابتعادا يكرس الانقسام الفلسطيني حين جاءت بفصائل ممثلة للشعب الفلسطيني ولم تأت بمنظمة التحرير الفلسطينية من خلال رئيسها محمود عباس، لا يمكن ان يكون فصيلا بديلا عن التمثيل الفلسطيني مهما كان حجمه وعمدت قطر الى استدعاء فصائل فلسطينية تتحدث باسم الفلسطيني وهذا يعتبر امر خطير ويتحفظ عليه الاردن".
ويختلف الاردن في مواقفه عن دول الاعتدال بعض الشي، كما يقول الحطاب، الا ان مراقبون يرون ان الاردن اختلط موقفه مع الموقف السعودي الذي فضل عدم المشاركة، رغم الضرر الملحق على المملكة.
وأضاف الحطاب،" الأردن مواقفه واضحة من البداية ويختلف قليلا عن مواقف دول الاعتدال لجهة المخاطر الواقعة عليه ولجهة محاذاته لفلسطين ويختلف عن دول الممانعة لأنه ليس لديه ترف رفع الشعارات وليس لديه طرف يتحدث بلغة غير قابلة للتطبيق، فالأردن إذا أراد أن يذهب باتجاه خيار آخر غير خيار السلام، فالأردن سيطلب تمويل جيشه وتسليحه ليكون قادرا على التكلم بلغة الممانعة".
رنا الصباغ رأت أن ثالوث قطر العربية و حماس الفلسطينية، وإيران الفارسية سدد "لكمة" قاضية أطاحت بما تبقّى مما يعرف بمحور الاعتدال العربي، بعد أن عقدت قمة "غزة" الطارئة في الدوحة بمن حضر، كاشفة عمق معركة "العرب ضد العرب" بعد أن كفّن العدوان الإسرائيلي شرعية النظام الرسمي.
فهذه الجبهة وفقا للصباغ نسفت قمّة الكويت الاقتصادية التي ستعقد بنصاب شرعي اليوم الاثنين، بحسب ساسة ودبلوماسيين، كم أجهضت مشروعا انهمك وزراء الخارجية العرب في كتابته أواخر الأسبوع لطرحه على القمّة. مشروع "جماعة"الكويت يفترض أن يتضمن دعوة إلى وقف العدوان الإسرائيلي وفتح جميع المعابر وإنهاء الحصار وفق آلية المبادرة المصرية،مع الالتزام بتخصيص بليوني دولار لإعادة إعمار القطاع المنكوب ونصف بليون للسلطة الوطنية الفلسطينية.
بإعلان إسرائيل انتهاء العدوان البربري على قطاع غزة بعد 24 يوما مخلفا ما يزيد عن 1300 شهيد وأكثر من 5000 جريح، يرى مراقبون أن الحرب لم تحمل "منتصرا حقيقيا" في حرب غزة.
قلبت الحرب على غزة الموازين السياسية قلبا وقالبا، بعد مضي 24 يوما توقف شلال الدم بعد إعلان مبدئي لكل طرف، الاسرائيلي والحمساوي، لوقف اطلاق النار، واي خرق للاتفاق سيعاود الطرفان اعلان الحرب ولن تنام عيون الطرفين الا بالانتصار.
فاسرائيل كما يرى مراقبون تريد تصفية حساباتها في القطاع والقضاء على الحكومة الحمساوية غير الشرعية –الارهابية- كما تصنفها اسرائيل.
الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي رأى أن العدوان البربري على قطاع غزة جاء من خرم ابرة الخلاف الفلسطيني الداخلي، وأضاف" اعتقد أن الجانبين الفلسطينيين المتصارعين ما زالا في حالة صدمة وقد يمضي وقت ليس بالقليل قبل أن تتضح الموضوعات والاصطفافات الجديدة لكلا طرفي الأزمة الفلسطينية الداخلية، فجرح غزة بدلا من أن يقرب بين الفلسطينيين باعد فيما بينهم وهذا واضح في أن الأداء البائس والمرتبك وأحيانا الانتهازي للسلطة الفلسطينية في رام الله وجعل فرص تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية أصعب ملاذ مما كانت عليه قبل العدوان وقد شاهدنا كيف حمل كل مسؤولي السلطة الفلسطينية مسؤولية هذا العدوان لحماس رغم أن إسرائيل من خرقت التهدئة وكأن من يقوم بالعدوان هي المقاومة وليس قوات الاحتلال الإسرائيلي".
واعتقد الرنتاوي أن الخلاف الفلسطيني سيكون له نتائج عكسية على مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية،" سمعنا مرارا وتكرارا أن رؤساء السلطة لن يعودوا إلى غزة من خلال الدبابات وأنهم سيعودون من خلال الحوار والمصالحة، ولكن الأداء السياسي يبرهن عكس ذلك، أي أرادوا الاستقراء بالمبادرات السياسية التي ترتبت على العدوان وهذا ما لمسناها في جوهر المبادرة المصرية وأيضا في قرار 1860 وأيضا في قرار وزراء الخارجية العرب لقمة الكويت والنص الختامي في قمة الخليج، وان هذا العدوان الأخير على غزة ليس إلا وسيلة لتصفية الحسابات الفلسطينية الداخلية وسيلة لانتصار الفريق الفلسطيني على حساب الآخر، تارة تحت غطاء الشرعية وكأن حماس ليس جزء من الشرعية الفلسطينية".
وعن ما حدث في غزة من أحداث دامية، يرى الرنتاوي أن ذبح غزة لم يتم من الجانب الإسرائيلي فقط بل انخرطت فيه أطراف فلسطينية وعربية، على حد تعبيره.
وتساءل الرنتاوي لما الإصرار على أن تستأنف المصالحة الفلسطينية بوساطة مصرية؟، وتابع:" لما لا تكون واسطة عربية أو سعودية أو تركية على سبيل المثال، لما لا تترك لجامعة الدول العربية؟ فعلى ما يبدو فأنهم يريدون جمع الأوراق بيد مصر تمكنهم من إدارة اللعبة وتمكن السلطة الفلسطينية من العودة إلى قطاع غزة وهذا رهان خطير يضع السلطة الفلسطينية في خانة الشك والاتهام".
الخبير بالشؤون الإسرائيلية د.غازي السعدي لم يجد أي من الأطراف منتصرا في هذه الحرب، معتبرا أن الحرب لم تنتهي بعد على حد قوله، وأضاف،" إسرائيل تقول أنها حققت أهدافها وهذا غير صحيح لان الصواريخ لا زالت تنهال على اسرائيل، وحماس تقول انها انتصرت وهذا غير صحيح لان الجيش الاسرائيلي لا يزال على ارضها، فإسرائيل كان أمامها خيارين الأول وقف إطلاق النار، والثاني وهو احتلال قطاع غزة بالكامل فبعد النظر إلى الموضوع من كافة الزاوية رأت إسرائيل أن ذلك سيكلفها خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجيش".
وإسرائيل كما يبين السعدي أنها صاحب القرار الأول والأخير في بدء ووقف الحرب متى تشاء فهي لم تستمع إلى الأطراف الأخرى وطعنت مصر في ظهرها التي كانت تحاول مليا وقف إطلاق النار من خلال مباحثات مكوكية بين الطرفين الحمساوي والإسرائيلي.
عريب الرنتاوي، اعتبر أن الفصائل الأخرى في فلسطين كان موقفها ضعيفا في الحرب على غزة رغم مباركتها للمقاومة،" التيارات الأخرى في فلسطين ضعفت على مدى السنوات كون الصندوق القومي الفلسطيني هو الذي يقوم بتمويلها، فكان واضح مدى الوهن والضعف في هذه الحرب من قبل الفصائل فهي قامت بتنظيم مسيرات ذا طابع الخمسة نجوم ولم تبادر لإطلاق انتفاضة ثالثة نصرة للجرح النازف في غزة، والذي حال دون ذلك السلطة الفلسطينية وتنسيقها الأمني مع إسرائيل، فتحولت الضفة الغربية يوما بعد آخر إلى امتداد للاحتلال الإسرائيلي".
غازي السعدي، اتفق مع ما جاء به الرنتاوي بان هذه الفصائل والتيارات ضعيفة بالأساس، مبينا انه لا بد من إعادة اللحمة الفلسطينية –الفلسطينية والمصالحة بين فتح وحماس وتشكيل حكومة وطنية تكون قادرة على ادارة الصراع من جهة، وإعادة الأعمار في قطاع غزة من جهة اخرى، لانه دون حكومة وطنية ستبقى المعابر مغلقة وخاصة معبر رفح. على حد قوله.
سلطان الحطاب، أكد على أن النظام العربي لا بد أن يضغط بكل ما أوتي من قوة على الأطراف الفلسطينية من اجل أن تتحد لإنشاء حكومة وحدة وطنية كون الخطر يحيق بوحدة التراب الفلسطيني.
إستمع الآن











































