محللون إسرائيليون: نتنياهو لم يغير قواعد اللعبة ضد حماس وعمل على تعزيز قوتها مقابل إضعاف السلطة الفلسطينية

الرابط المختصر

يرى محللون سياسيون إسرائيليون أن بنيامين نتنياهو منذ عودته إلى منصب رئيس الوزراء في إسرائيل في نهاية آذار عام 2009، أي بعد نحو عقد من الزمن. طبق سياسة فرق تسد بين الضفة الغربية وقطاع غزة، على عكس حكومة إيهود أولمرت السابقة. أي أنه في حين انتهجت حكومة أولمرت سياسة كانت تعنى بإضعاف قطاع غزة وتعزيز السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن نتنياهو ذهب في الاتجاه المعاكس: إضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز قوة حماس. 
وقالوا "قد يبدو الأمر بعيد المنال، ولكن هذه الكلمات قيلت علنا من قبل المقربين منه، ومن ثم أيضا من قبل وزير المالية في الحكومة الحالية، بتسلئيل سموتريتش. فقد نظر هؤلاء إلى السلطة الفلسطينية التي أعلنت معارضتها للعنف، كعدو، وحماس، التي أعلنت دائما عن رغبتها في تدمير إسرائيل، كحليف محتمل؛ وكمنظمة يمكنك القيام بأعمال تجارية معها. لأنه كان يخشى أن يجبره تعزيز السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية على إجراء مفاوضات سياسية، وربما حتى الذهاب إلى اتفاق سياسي يخفض دعم التسوية".
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي آفي يسخاروف في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ينتقد كثيرون في اليمين الإسرائيلي الانفصال بشكل رئيسي بسبب تعزيز حركة حماس، لكن في الواقع لم تقم حكومات نتنياهو في أي وقت منذ عام 2009 بأي خطوات كان من الممكن أن تؤدي إلى عكس الاتجاه، أي إنهاء حكم الحركة في غزة. وكانت أهم مناورة برية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة لحكومة أولمرت، خلال عملية الرصاص المصبوب، التي قادها قائد المنطقة الجنوبية آنذاك ووزير الأمن الحالي يوآف غالانت، حيث وصلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى مركز مدينة غزة، وكان السيف مرفوعاً على رأس الحركة التي كانت قد سيطرت قبل عام ونصف على القطاع وطردت السلطة الفلسطينية منه، بحسب
وقال "منذ ذلك الحين، استمرت جميع حكومات نتنياهو في اتجاه الحفاظ على حكم حركة حماس. وكانت صفقة شاليط في عام 2011 هي أبرز هذه التحركات (الإفراج عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا مقابل عودة الجندي المخطوف)، وكذلك إدخال الأموال القطرية لغزة، والمزيد من البضائع، ومؤخرًا منح تصاريح عمل للعمال الغزيين في إسرائيل. لقد أراد نتنياهو شراء السلام، وفي الوقت نفسه تدمير خيار التسوية السياسية مع الفلسطينيين".
وأضاف "منذ عام 2009 تغير رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، ورئيس الشاباك ومجلس الأمن القومي، ولم يبق في منصبه إلا نتنياهو، وهو الذي قاد وهو المسؤول عن تحويل حماس إلى حركة قوية. لقد نفذ أسوأ موجة قتل في تاريخ إسرائيل. والآن لديه الفرصة لتغيير هذا الاتجاه ووضع حد له. إن اندلاع الحرب يوم أمس السبت، والإنجاز العسكري الأكبر لحماس، يوفر فرصة لإنهاء قمع الحركة وحكمها في قطاع غزة".
"لكن في الوقت الحالي، يبدو أن نتنياهو وإسرائيل لا يريدان تغيير قواعد اللعبة. وبالأمس صرح رئيس الوزراء نتنياهو بأن إسرائيل ستخوض حربا لتدمير القدرات العسكرية لحماس. وهذا ليس هدفا كافيا. وهذا هدف سمعناه من قبل في جولات سابقة وسينتهي بـ لقد وجهنا ضربة قاتلة لمجموعة صواريخ حماس، وفي غضون أشهر أو سنوات قليلة سنعود إلى جولة عسكرية أخرى، أكثر عنفا وحتى أصعب من الحالية"، على حد قول يسخاروف.
وتابع أنه "من المستحيل الاستمرار في القبول بحكم حماس في قطاع غزة بعد ما حدث بالأمس، والذي سيحدث في اليوم التالي؟ لا أعلم، لكن استمراره في الحكم أخطر على إسرائيل من الفوضى واحتلال القطاع. وستكون هناك تكاليف باهظة مقابل ذلك، لكن استمرار حكم حماس سيجلب معه أسعارًا باهظة أيضًا".
بدوره، قال المحلل السياسي بن كاسبيت في موقع "واللا" العبري، إن حركة حماس انتصرت بالفعل بعد شنها عمليتها العسكرية "طوفان القدس" ضد إسرائيل امس السبت، مبينا أن "حقيقة تمكنها من مفاجأة أفضل المخابرات في العالم، والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط، لن تمحى قريباً من أذهان اللاعبين في المنطقة. وقبل خمس سنوات حذر العقيد يوسي لانغوتسكي من أن الجدار الذي أقيم على حدود غزة لن يمنع التسلل. وبالأمس صباحا تبين أنه كان على حق".
وأضاف "نحن لسنا في نفس وضع المفاجأة عام 1973 التي شكلت خطرا وجوديا حقيقيا على إسرائيل. والمفاجأة الحالية لا تشكل تهديدا وجوديا. حماس غير قادرة على التغلب على إسرائيل. لكنها انتصرت بالفعل بهذا المعركة. والحقيقة أن تمكنها من السيطرة عليها لساعات طويلة، مما أسفر عن مقتل المئات من الإسرائيليين وأسر آخرين. إن النظام الأمني في الشرق الأوسط، والذي يعتبر من أكثر الأنظمة الأمنية خبرة وتطوراً في العالم، لن يمحى قريباً من أذهان اللاعبين في المنطقة. ومن أجل استعادة شيء مما كان عليه الردع الإسرائيلي، علينا أن نعمل بجد ولفترة طويلة".
من جهته، قال ناحوم بارنيع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنه بالرغم من التكلفة العالية للجدار في غزة والبالغة ثلاثة مليارات ونصف المليار شيكل (نحو مليار دولار) فوق الأرض وتحتها، بالإضافة إلى أجهزة الاستشعار والكاميرات، إلا أنه انهار أمس السبت، مع اندلاع عملية "طوفان القدس"، وكان جدارًا من ورق. 
وقال إن "هناك أربعة وجوه للتخلف عن السداد في 7 أكتوبر، وأول إذلال كان الذكاء. والثاني في كيفية تجاوز العائق. والثالث هو السهولة التي عاد بها عناصر حماس مع الأسرى، والرابع هو بطء رد الجيش الإسرائيلي".
وأوضح أن الحادث الذي وقع في غزة له آثار سياسية وسياسية بعيدة المدى. وسوف يصبح وزنه واضحا في المستقبل. والخوف من حرب متعددة الساحات في الشمال، والضفة الغربية والقدس، وغزة، الأمر الذي سيزيد من تقليص مساحة المناورة العسكرية.