محرومة من كسرة خبز
نور العمد-عمان نت :في مدرسة البتراء الاساسية القابعة بالقرب من مخيم الحسين ترتادها الطالبة مي صبري ابنة الثانية عشرة سنة بملابسها الرثة البالية وبحقيبتها الممزقة المحمولة على ظهرها النحيل..
نور العمد-عمان نت :في مدرسة البتراء الاساسية القابعة بالقرب من مخيم الحسين ترتادها الطالبة مي صبري ابنة الثانية عشرة سنة بملابسها الرثة البالية وبحقيبتها الممزقة المحمولة على ظهرها النحيل..
وبوجه محروم من السعادة .. تواظب يوميا الذهاب إلى المدرسة شغفا بالعلم وأملا بحياة كريمة كباقي البنات من جيلها...
مي ذات الوجه الأسمر.. تأتي يوميا إلى المدرسة من غير طعام ولا نقود تمكنها من شراء شيء بسيط كغيرها عله يساهم بسد جوعها، ما يجعلها تتعرض في دوامها للغثيان في باحة المدرسة من قلة الطعام..هي معدمة الحال حتى الـ20 قرشا لا يستطيع والدها أن يوفرها لها أو لإخوانها الستة.
فقر مدقع...
مي تقطن في مخيم الحسين داخل بيت ليس له أي معلم ويفتقر لأدنى الشروط الصحية.. باب متهالك لا يقي من زمهرير البرد وحر الصيف ..والمشهد العام مستنقع من المياه ..ملابس رثة بالية ممزقة ملقاة في أنحاء المنزل الخالي من المعالم.. وسرير مكسر وفرشة ممزقة وثلاجة مقفرة خاوية من الأطعمة وحتى شربة الماء.
التقيت مي في منزلها ومنذ أن وطئت قدمي منزلها شممت رائحة الفقر المعتق في جدار منزلها المتهالك...وبدأت مي بالحديث شارحة واقعها المؤلم.
"كثيرا ما اذهب إلى المدرسة من غير فطور ولا نقود مطلقا فإحدى بنات صفي تشفق علي وتعطيني جزء من طعامها..أنا أتعرض للاستهزاء من زميلاتي في الصف لأنني فقيرة معدمة الحال".
في احد المرات تعرضت مي للغثيان لعدم قدرة عائلتها على تامين لقمة كريمة لها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة من ارتفاع وغلاء نهش جيوب الغالبية العظمى من الطبقات المسحوقة في المجتمع.
وتضيف:" قبل أيام معدودة تعرضت للغثيان لأنني كنت تعبه فأيام لم يدخل شيء ببطني، وتم نقلي إلى العيادة الصحية في المدرسة لإسعافي ولم يقدموا لي الطعام". هذا ما جاءت به مي.. ولكن خلال تحدثنا مع المدرسين في المدرسة أكدوا أن أي فتاة وضعها المادي صعب يتم تقديم لها المعونات والطعام.
تغذية مدرسية...
مشروع التغذية المدرسية.. بدأت بتنفيذه وزارة التربية والتعليم على المدارس قبل أعوام، ويستفيد منه حوالي 310 آلاف طالب على مقاعد الدراسة في مراحلهم الأولى يقتصر على المناطق الأقل حظا وفقا لناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم وليد الجلاد.
وأكد الجلاد انه سيتم التوصل إلى التوسع في مشروع التغذية ليشمل أيضا الطلاب في كافة مدارس المملكة بناء على التوجيهات الملكية..وأضاف هذا المشروع تصل كلفته إلى 14 مليون دينار، ويتم توزيع الوجبات على المدارس الأقل حظا وبشكل يومي.. فهناك الكثير من المدارس المنضمة إلى عمان كمنطقة سحاب تحصل مدارسها على الطعام المقدم من قبلنا.
وبين الجلاد إلى وجود بديل آخر عن مشروع التغذية المدرسية للمدارس التي لا تحصل على الوجبة الغذائية "التبرعات المدرسية حيث أن هناك صلاحيات للمدراء المدارس بصرف من هذه التبرعات للطلبة الفقراء.. والتبرعات التي اقصد بها في النقود التي يدفعها الطلاب في بداية كل سنة والتي تقدر بـ 3 دنانير وهذه التبرعات تبقى في المدرسة لخدمة أغراض المدرسة.. وكان 7% منها يذهب إلى الوزارة ولكن الوزير د.تيسير النعميمي اصدر قرار ببقاء هذه النسبة لخدمة المدرسة طلابها".
وقد تعرض مشروع التغذية المدرسية إلى جملة من الانتقادات بعد اكتشاف تسمم مادة الحليب قبل سنة، حيث قد تقرر استبدال الحليب بمادة التمر الغذائية كونها غير معرضة لتلف بشكل سريع.
فطور على الدور!
وبالعودة إلى عائلة مي: يصل بها الأمر في كثير من الأحيان إلى إطعام كل واحد من أولادها الستة على الدور لوضعهم المعيشي الصعب حتى كسرة الخبز لا يقوى الأب على تقديمها لأولاده "في الكثير من الأحيان لا يكون لدينا طعام في المنزل اذهب عند جارتنا التي تحن علينا وتقدم لنا الطعام نريد أن نعيش ما باليد حيلة" وفق مي التي أنهت حديثها بكلمة واحدة " الحال على الله.. احلم بعيشة كريمة لا أكثر ولا اقل".
كسرة خبر..
والدة مي أم مصطفى تحاول حبس دمعتها متلمسة جدار المنزل بطريقة عبثية.. سارحة في أفكارها كيف ستؤمن غذاء اليوم لأولادها.
"زوجي في اليوم يجني ما يقارب الـ 3 دنانير وهذا لا يكفي مطلقا ففي كثير من الأحيان لا نأكل أي شيء محرومين من اللحمة والدجاج حتى كسرة الخبز لا نستطيع أن نوفرها.. يذهبون إلى المدرسة من غير طعام وفي كثير من الأحيان يكون الفطور إن توفر... على الدور".
الشكوى من ارتفاع الأسعار حال عامة تحتاج إلى إجراءات حقيقة لحلها.. .ولكن أن يصل الأمر أن يحرم الفقر والغلاء أطفال من تناول فطورهم أو ما يبقيهم أصحاء وربما على قيد الحياة في أسوأ الأحوال هو كارثة إنسانية تهدد الأمن الاجتماعي وتحتاج ليس إلى إجراء حقيقي فقط وإنما آني وعلى وجه السرعة.