مجلس نيابي منقسم: جدل قانون الجرائم الإلكترونية يحدد الخارطة الحزبية

الرابط المختصر

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية لعام ٢٠٢٤ عاد الشارع الأردني، ليناقش ضرورة إعادة النظر ببعض مواد قانون الجرائم الإلكترونية، بعد إثارة جدل واسع، حول ما إذا كان قانوناً مقيداً للحريات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير ، أو قانوناً لضبط الانتشار الواسع للمحتوى الإلكتروني، وسلوكيات الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي؟.

المشاركة الحزبية لهذه الانتخابات هي الأقوى في تاريخ المشاركة السياسية الأردنية، ولأنها الأقوى هي ما يعول عليه الشارع الأردني لإعادة طرح ملف القانون على طاولة النقاش، وتحديداً بعد إعلان الهيئة المستقلة مشاركة ٣٦ حزب من أصل ٣٨ في الانتخابات، ولكن السؤال الذي يشغل المواطن الأردني، إذا كانت هذه الأحزاب تؤيد استمرار العمل بهذا القانون أو المطالبة بتعديله؟ 

صرحت أحزاب  مرشحة للانتخابات النيابية ٢٠٢٤، عن موقفها تجاه قانون الجرائم الإلكترونية ، فدعمت بعضها القانون شريطة تعديل بعض مواده، فيما رفضت أخرى القانون بصيغته الفضفاضة لبعض المواد ، بينما أيدت أحزاب القانون بشكل كامل، من غير تعديل، ووصفته بأنه جاء "للحفاظ على أمن واستقرار المجتمع".

"لم يمس الصحافيين، أو الحزبيين،" تأكيدٌ جاء على لسان  زيد أبو زيد، الناطق الإعلامي لحزب العدالة والإصلاح، وأشار  أن المساحة التعبرية للصحفيين والحزبيين متاحة ودائماً ما يعبرون عن آرائهم في القضايا المجتمعية والسياسية،  حتى أثناء الحديث عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يتم مساءلتهم أو استجوابهم على خلفية آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، "من لا يتجاوز حده في إقلاق السلم المجتمعي، ولا يغتال الشخصيات، لن يمسه القانون" .

ومع ذلك، فإن التصريحات الصادرة عن هيومن رايتس ووتش تتعارض مع رأي أبو زيد، حيث أشارت رئيسة قسم الشرق الأوسط، لما الفقيه، إلى أن السلطات الأردنية تقوم بقمع حرية التعبير، والتجمع في سبيل إخماد النشاط المتعلق في غزة، وتبين خلال فترة قصيرة من الزمن، أن الحكومة استخدمت قانون الجرائم الإلكترونية لقمع حقوق الأردنيين، على عكس التأكيدات السابقة بأن هذا القانون لن يستخدم لانتهاك الحقوق.

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، اعتقلت السلطات الأردنية ما لا يقل عن 1500 شخص، من بينهم حوالي 500 محتجز منذ مارس/آذار، بحسب تقريرٍ صادر عن “منظمة العفو الدولية“، على خلفية آرائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

أمين عام حزب عزم، زيد نفاع يؤكد تأييد  حزبه، للقانون  مع ضرورة تطويره، عازيا ذلك إلى أهميته في ضبط الفوضى في  الفضاء الإلكتروني، وفرض رقابة مستمرة، للتقليل من الإساءة، والتشهير بالناس، بالإضافة لأن تكون  الحريات الإعلامية، وحرية الرأي والتعبير مصونة، وتتمتع بسقف عال.

ويتفق مازن الضلاعين، أمين عام حزب الوفاء الوطني، مع نفاع، وأبو زيد، بتأييدهم للقانون، يقول" أن البعض يعتبر حرية الرأي للاعتداء والإساءة على الآخرين"، مبينا أهمية القانون لضبط هذه التجاوزات وحماية  حقوق الأفراد.

 

أقر مجلس النواب التاسع عشر  قانون الجرائم الإلكترونية، للعام 2023، بأغلبية كبيرة، كما ورد من مجلس الأعيان، لتكون المواد 15، و16، و17، المتعلقة بالحريات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير، الأكثر جدلا في القانون. (ممكن إضافة كم مادة في القانون)

 

هل تعيد الأحزاب فتح الملف؟

 

اتخذ حزب جبهة العمل الإسلامي، موقفاً رافضاً  لقانون الجرائم الإلكترونية، وفي حديث مع الناطق الرسمي للحزب ثابت العساف، يقول: "من اللحظة الأولى شكّلنا حملة شعبية لمواجهة هذا القانون، لأنه يمثل تهديداً كبيراً على الحريات العامة وحقوق الإنسان".

يستذكر العساف الجبهة المشتركة، مع مجموعة من الشخصيات الوطنية، والحزبية، التي تم تشكيلها في المجلس السابق، لمواجهة هذا القانون والتحذير من مخاطره في كل مناسبة، لما يتضمن من مواد فضفاضة تفتح المجال لتأويلات واسعة يمكن استخدامها لإدراج أي مخالفة تحت مظلتها.

ويتفق عضو الحزب الشيوعي عمر عواد مع العساف، بأن الغموض في بنود هذا القانون يجعله قابلاً للتأويل بشكل واسع، والذي بدوره يهدد حرية الصحفيين والناشطين السياسيين، داعياً إلى إعادة النظر في هذا القانون، ووصف القانون بأنه "سيفاً مسلطاً على الحريات العامة ".

ويتفق أمين عام حزب الميثاق الوطني، محمد المومني، مع العساف، وعواد، بأهمية إعادة النظر في بعض مواد القانون، لضمان حرية التعبير والرأي للمواطنين، لافتا إلى أن نواب حزب الميثاق في البرلمان السابق، عملوا على شطب الفقرة "ج" من المادة "19"، بعد المخاوف من تقييدها للعمل الصحفي، والحريات العامة، والتي كانت تنص على تجريم الأشخاص بنشر، أو تسجيل صورة، أو مشهد فيديو،  بدون إذن الأفراد حتى لو كان من المصرح لهم بتسجيله أو التقاطه.

 

المجلس التشريعي دعم تشديد العقوبات 

يدعم الصحفي خالد القضاة الأحزاب في الإفصاح عن موقفها من قانون الجرائم الإلكترونية " عليها ان تدفع كلف مواقفها، سواء كانت تؤيد القانون أو ترفضه " يقول القضاة 

 ويكمل حديثه، وجود مؤيد ومعارض للقضايا المحلية مهم لبناء رأي عام مبني على الحوار المدعم بالأدلة والحقائق، وهذا ما نحتاجه حتى يستطيع الناخبين تحديد موقفهم من الأحزاب 

"لو ترك لهم القانون، لعملوا على تغليظ العقوبات في قانون الجرائم الإلكترونية، بشكل أشد مما اقترحته الحكومة" ، هذا ما أكد عليه القضاة في حديثه بقوله إن مجلس النواب السابق لعب دوراً سلبياً في تقويض الحريات العامة، بخلاف مجلس الأعيان الذي أظهر حكمة في التعامل مع القانون، وسعى إلى تعديل بنوده وتخفيف عقوباته، فكان مجلس الأعيان اقرب لنبض الشارع من مجلس النواب.

 أما الخبير في قانون الإعلام، يحيى الشقير يؤكد على حديث القضاة بقوله " مجلس النواب السابق كان موقفه متشدداً من القانون ودعا إلى تشديد العقوبات"

ومن وجهة نظره حول تأييد بعض الأحزاب للقانون، أن وجود أحزاب مرشحة للانتخابات، تؤيد المواد التي تقيد الحريات الإعلامية، وحرية الرأي والتعبير، "فهذا يعتبر وصفة وسبباً لعدم نجاحها".

الشقير، يرى أن أهمية القانون تأتي لحماية الأفراد من سرقة الأموال، والابتزاز، وانتحال الشخصيات، ولكن ما جاء من في قانون الجرائم الإلكترونية من مواد (15,16,17,21) يشكل مصيدة لمن أراد انتقاد الحكومة وتهديداً مباشرا للحريات.

منتقدا بشكل خاص المادة 21 التي تتطرق لمصطلح "الأخبار الزائفة"،، فهي لا  تحظى بإجماع دولي، ولا حتى منظمة " اليونسكو" الأمم المتحدة المعنية بالتربية والعلم والثقافة.

ويذكر أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" وهو منظمة مستقلة مقرها الرئيسي في جنيف، أشار  إلى إنّ منسوب حرية الرأي والتعبير في الأردن يشهد تذبذبًا مستمرًا بين إتاحة المجال أمام انتقاد السلطات العامة بسقف محدّد، وبين التضييق المباشر وغير المباشر على الكيانات والأفراد، لا سيما وسائل الإعلام والناشطين و النقابيين والمعارضين السياسيين.

 

أشارت دراسة استطلاعية أجرتها شبكة الإعلام المجتمعي مع ١٥ حزبا من أصل ٣٦ حزبا مرشحة لانتخابات ٢٠٢٤ ، إلى أن حزبين أعلنا دعمهما الكامل للقانون، وحزبان آخران مع القانون، لكنهما ضد مواده المقيدة، لحرية الرأي والتعبير، فيما يوجد حزب واحد لم يعترض القانون، في الوقت نفسه دعت أربعة أحزاب، إلى إعادة تقييم القانون وتعديل بعض مواده، في الوقت نفسه رفضت ثلاثة  أحزاب القانون بصيغته الحالية.

المجلس النيابي القادم(٢٠٢٤) ، سيمثل فيه  41 مقعدا حزبيا، فهل هل سيشكل فارقاً في تعديل قانون الجرائم الإلكترونية؟، وتخفيف القيود المفروضة على الحريات الإعلامية وحرية التعبير؟ أم أنه سيستمر في اتباع نهج تشديد العقوبات وتقييد الحريات، كما فعل المجلس السابق؟.

أضف تعليقك