مجلس للامن القومي لمراجعة فرضيات السياسة الاردنية

الرابط المختصر

ينشغل الاردن على كل المستويات بنقاش حول تداعيات العدوان الاسرائيلي

ونتائجه السياسية على دول الاقليم. النقاش الذي يجري تحت عنوان »ما بعد غزة« يطرح اسئلة حول التحديات التي سيواجهها الاردن بعد الانتخابات الاسرائيلية والسياسة الامريكية بعد تولي باراك اوباما الحكم في البيت الابيض, والمخاوف من مخططات اسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن ومصر.

القائمون على السياسة في الاردن يقرون بوجود مثل هذه الاخطار ولدى بعضهم قناعة مطلقة بان اسرائيل تحلم بتسوية للقضية الفلسطينية لا تقوم على مبدأ حل الدولتين, وتسعى بكل ما لديها من قدرة لفرض حقائق على الارض تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع بما يؤدي في النهاية الى حل الدول الثلاث الذي اقترحه جون بولتون وتؤيده اوساط صهيونية في اسرائيل وامريكا.

القلق الاردني من كهذا حل لا يعني التسليم به خاصة وانه خيار مرفوض من الفلسطينيين في الداخل والخارج. فاذا كانت اسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة فلماذا لا يكون البديل دولة واحدة على ارض فلسطين التاريخية بدلا من حل الدول الثلاث?!.

على كل حال هذا ليس وقت البحث عن حلول وانما الاستعداد للتعاطي مع مرحلة سياسية في اقليم يشهد تحولات عميقة ستظهر ملامحها بعد صمت المدافع, وكل الاطراف مضطرة لاعادة النظر بمواقفها السياسية واساليب ادارتها للصراع مع العدو الاسرائيلي الذي يعيدنا الى المربع الاول.

الاردن في مقدمة دول المنطقة المعنية بما يجري من متغيرات ويحتاج قبل غيره الى مقاربات سياسية جديدة لمواجهة كل السيناريوهات بما يضمن مصالحه الوطنية والقومية وإعادة رسم خريطة علاقاته الاقليمية والدولية.

ان الفرضيات التي استندت اليها السياسة الخارجية طوال السنوات الاخيرة تعرضت الى صدمات عنيفة تشكل في مجملها جرس انذار لإعادة صياغتها وفق متطلبات المرحلة سواء ما تعلق منها باشكال العلاقة مع اسرائيل او المحاور القائمة في المنطقة.

ان اهم استنتاج لما حصل ويحصل في غزة هو ان وسائل تحقيق السلام »العادل والشامل« التي أستخدمت في الفترة الماضية لم تعد صالحة لمرحلة ما بعد غزة, ولا يمكن لدول الاعتدال ان تستمر في ترديد ذات الشعارات البلهاء عن الخيار الاستراتيجي والدور الامريكي من دون موقف عربي يُلزم القوى الدولية واسرائيل بتبني نفس الخيار والانتقال من لعبة المفاوضات التي امتدت لاكثر من 18 عاما الى ميدان التنفيذ العملي لشروط السلام العادل والشامل.

مراجعة فرضيات السياسة الاردنية وبناء تصورات جديدة تستجيب للمتغيرات تحتاج لفريق سياسي متكامل, واعتقد ان الوقت حان لتأسيس مجلس اعلى للامن القومي في الاردن يتولى هذه المهمة تشارك فيه مراكز صنع القرار السياسي والامني في الدولة الى جانب شخصيات ذات وزن وخبرة.

لن يبدأ المجلس عمله من الصفر, فقبل ثلاث سنوات تقريبا اعد رئيس الوزراء السابق معروف البخيت خطة متكاملة للتعامل مع تداعيات الوضع الفلسطيني تتضمن تصورات تفصيلية لكل سيناريو محتمل.

والخطة التي تسنى لي الاطلاع على اجزاء منها جرى تطويرها عام 2006 بعد تولي البخيت رئاسة الحكومة. وحسب رأي الكثيرين ما زالت الخطة تشكل اساسا صالحا لبناء استراتيجية اردنية متكاملة تشتق منها مؤسسات الدولة سياسات داخلية وخارجية تضمن أمن الاردن ومصالحه في المرحلة المقبلة.0