ما هي أسباب الفجوة بين نسبة تعليم المرأة ونسبة العمل؟

الرابط المختصر

يشهد قطاع التعليم العالي في الأردن تفوقاً ملحوظاً للإناث على الذكور، إذ تشير الإحصاءات أن نحو 69 في المئة من طلبة الجامعات الأردنية من الإناث، مقارنة بنسبة مشاركتها في سوق العمل الأردني التي تبلغ 14.9 %، مقابل 53.5 % لذكور، بحسب ورقة أصدرها منتدى الاستراتيجيات الأردني في عام 2021 .

ولا يقتصر الأمر على التعليم الجامعي، فالنساء الأردنيات يتقدمن في مؤشر التعليم عموماً، وينسحب هذا التفوق الجندري أيضاً على طلبة الثانوية العامة، حيث تحصد الفتيات في معظم الأعوام المراتب الأولى في نتائج الثانوية العامة.

وعلى رغم هذا التفوق فلا تزال ثمة معوقات كثيرة تحد من قدرة الإناث على الانخراط في سوق العمل والمشاركة الاقتصادية بشكل عام، إذ تتمثل أحد هذه المعوقات (عدم تناسب التخصصات التي تتوجه لها مع حاجة السوق) .

 

تفضيل مجالات عمل أكثر امان

 

تروي مرام ذات ال 29 عام قصتها في اختيار تخصصها الجامعي "ما بين الرغبة والحلم واقع لا يمكن انكاره" بهذه الكلمات بدأت قصتها، حلمت مرام دائماً بدراسة تخصص هندسة الميكانيك، ولكن نصيحة عائلتها ومحيطها انتهت "اختاري تخصص تلاقي وظيفة عليه، ودوام يكون مناسب لمستقبلك" تقول مرام.

 

رغبة عائلتها جعلت مرام تشعر بأن الأمان الوظيفي يعتمد على التخصص الجامعي الذي تختاره، وبناء عليه توجهت لدراسة تخصص التمريض، ومع ذلك لم تحصل الى اليوم على فرصة عمل.

 

وتكمل مرام، اقتنعت بعد زواجي ان هذا التخصص هو ما يتناسب مع الأدوار الاجتماعية والإنجابية الخاصة، في ضوء ما يوفره هذا المجال من امتيازات، "دوام محدد، عطلة مناسبة، راتب مجدي، حقوق مضمونة" تقول مرام

 

وبدورها أكدت عضو الهيئة الإدارية في جمعية معهد تضامن النساء الأردني الدكتورة منى مؤتمن، ان 80% من الإناث يتوجهون الى قطاعات الصحة والتعليم والعمل الاجتماعي في العمل وتحديداً القطاع العام"تنتظر سنوات للحصول على وظيفة حكومية لما توفره من امتيازات مناسبة لوضعها الاجتماعي" بحسب مؤتمن













 

بيئة اجتماعية غير داعمة 

 

قالت الدكتورة منى مؤتمن عبر برنامج "طلة صبح "على اثير راديو البلد، أن الثقافة الاجتماعية والصورة النمطية لعمل المرأة تدفعها الى التوجه الى تخصصات اكاديمية للعمل في القطاع العام، لأن هذا القطاع يسهل عليها القيام بأدوارها الاجتماعية والإنجابية والأسرية، وبسبب ذلك فإن طلبات التوظيف وصلت في ديوان الخدمة المدنية إلى 455604 طلب، 73 ألف منها للإناث من درجة الدبلوم والبكالوريوس.

 

وفي ذات السياق اشارت الى ان الحكومة تقوم بتوظيف من (7-8) ألف من أصل (70) الف خريج كل عام، حيث أن القطاع العام لا يتحمل أكثر من 16% من المستفيدين في العمل، و ارجعت سبب هذه النسب العالية إلى عدم التوجه الى التخصصات المهنية والصناعية المتنوعة في الجامعات

 

وأكدت مؤتمن  على ضرورة تكثيف الجهود التشاركية بين مختلف القطاعات لحل هذه المشكلة، من خلال توفير بيئة داعمة لعمل المرأة تراعي أدوارها الأخرى في الحياة، والتمكين الاقتصادي بالتوجه الى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والعمل على توصية الطلبة وأسرهم في التوجه إلى التخصصات التي يحتاجها سوق العمل المحلي والابتعاد عن التخصصات الإنسانية والتربوية التي أصبحت راكدة ومشبعة، علماً ان نسبة الطلبة المتوجهين للتخصصات المهنية 30%.

 

ويعرض مدير مركز “بيت العمال الأردني للدراسات” حمادة أبو نجمة الارتباط الوثيق بين البطالة والاختيار الخاطئ للتخصص، خاصة بطالة الإناث حيث أن أكثر من 75 % من المتعطلات الإناث هن جامعيات معظمهن في تخصصات غير مطلوبة نظراً للنظرة النمطية لعمل النساء واختيار التخصص، حيث يتركز عمل الإناث في 3 قطاعات فقط وهي التعليم والصحة والأعمال الإدارية خاصة في الحكومة، وكذلك الحال بالنسبة للذكور ولكن بنسب أقل حدة من الإناث.

 

جامعات لا تؤهل لسوق العمل

الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات في حديثه لعمان نت وصف العلاقة بين التعليم والعمل بالمعقدة، "على الطلبة أن يفهموا الجامعة ليست ديوان خدمة مدنية ليختار التخصص بناء على ذلك".

 

وبدوره قال عبيدات ان هناك حالة انفصال بين الجامعة وسوق العمل، حيث ما توفره الجامعة من تخصصات لا يتناسب مع سوق العمل وحاجته، ومن المفترض أن تقوم بتطوير تخصصاتها ضمن حاجة السوق.

واكد على ان الجامعة دورها تأهيل الطالب لسوق العمل، لذلك من النادر أن تؤدي التخصصات التي تتوجه لها الإناث والطلبة بشكل عام الى التوظيف، لعدم امتلاكهم هذه المهارات، فدور الجامعة الأمثل يتطلب دعم الطلبة بالمهارات التي تمكنهم من البحث على عمل مناسب، ومهارات الحياة، وإيجاد التعامل مع ظروف العمل ومتغيراته، وتأسيس مشروع خاص.

وأشار خلال حديثه، أن هناك تخصصات انتهت وسوف تنتهي ،لذلك يجب أن يمتلك الطلبة مهارات تمكنهم من تجاوز هذا التحدي والتعامل معه، بالإضافة الى ضرورة توعية طلبة الثانوية والطلبة في الجامعات على أهمية التوجه للتخصصات الحديثة المناسبة لسوق العمل، وتوجيه الجامعات إلى إلغاء التخصصات المشبعة.