ما هو سر تفاؤل المقدسيين في مجلس الأوقاف الجديد؟

ما هو سر تفاؤل المقدسيين في مجلس الأوقاف الجديد؟

منذ سنوات ووضع المقدسيين في تدهور. تصاعد هذا التدهور في السنوات الأخيرة بسبب اتفاق أوسلو الذي استثنى القدس الشرقية وسكانها وفصلها جغرافيا وسياسيا عن باقي المناطق الفلسطينية. ورغم التعهدات الأميركية والإسرائيلية بعدم المساس بمؤسسات القدس، إلا أن إسرائيل نفذت سياسة واضحة أدت إلى تدمير مختلف أشكال العمل المؤسساتي في القدس.   فقد تم إغلاق بيت الشرق والغرفة التجارية والعديد من المؤسسات المقدسية باستخدام قانون الطوارئ البريطاني سيء السمعة، والذي تم إقراره عام 1945 بهدف قمع الأعمال الإرهابية.   وتمارس إسرائيل سياسة ممنهجة لقمع أي محاولة ارتباط أو تعاون مع القيادة والحكومة الفلسطينية في رام الله. وتبدو هذه المحاولات سخيفة، لكنها مدروسة. فقد أغلقت إسرائيل ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ المسرح الوطني الفلسطينية مرات عدة بأوامر طوارئ تحت حجة نشاطات للسلطة الفلسطينية كان أحدها مهرجان دمى أطفال مدعوم من النروج من خلال وزارة الثقافة الفلسطينية.  

المجلس الجديد أعاد الثقة للمقدسيين لجهة تشكيل مرجع وطني لسكان القدس

  المؤسسة الوحيدة التي لم يشملها القمع الإسرائيلي بصورة مباشرة هي مؤسسة الأوقاف الأردنية. قد يكون ذلك كونها مؤسسة إسلامية ترعى المقدسات وأملاك المسلمين أو كونها مؤسسة أردنية، ولكن في المقابلة اختار القائمون على هيئة الأوقاف الإسلامية في القدس الابتعاد عن الأمور السياسية والتركيز على أضيق الأمور المتعلقة بدورهم الديني والإداري البحت.     أدت السياسة الإسرائيلية الممنهجة في قمع أي محاولات قيادية من أفراد أو مؤسسات للعمل، لأن يصبح المقدسيون "أيتاما سياسيين" لا قيادة لهم ولا مؤسسات يلجؤون لها.   ولكن الأمر تغيير خلال السنتين الماضيتين. فكان أول مفترق طرق هام هو الوقفة التي قام بها المقدسيون بشكل عفوي ضد محاولات إدخال بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى. فقد رفض المقدسيون ولمدة 11 يوم في شهر تموز/يوليو 2017 الدخول للمسجد الأقصى وقرروا الصلاة الجماعية خارج الأبواب الإلكترونية. وقد أدى هذا الاحتجاج إلى سحب إسرائيل للأبواب الإلكترونية.   ما استجد مؤخرا، هو قيام الحكومة الأردنية وبتوجيهات من الديوان الملكي بتوسيع وتغيير مجلس الأوقاف الإسلامي في القدس. فقد تم توسيع العضوية من 11 إلى 18 عضوا كما وتم إدخال شخصيات دينية ووطنية لها باع طويل في النضال وكان العديد منهم ضمن الشخصيات المحلية التي قادت بشكل عشوائي عملية الاحتجاج السلمي. كما تم تطعيم المجلس الجديد بشخصيات فكرية وتعليمية وإعلامية معروفة ومقبولة من الجمهور الفلسطيني المقدسي العريض. وكان ملفتا وضع وزير القدس الحالي ووزير القدس السابق ضمن التشكيلة الجديدة في لفتة مهمة تجاه القيادة الفلسطينية.   تحمّس المقدسيون ولأول مرة للمجلس الجديد ورد أعضاء المجلس ذلك الدعم بأن زاروا في أول جلساتهم (يوم الخميس 14 شباط/فبراير) تفقدية واحتجاجية لمصلى باب الرحمة، الذي تمنع إسرائيل المسلمين من استخدامه منذ عام 2003 رغم المطالبة المستمرة برفع ذلك المنع غير المبرر لجزء من الـ 144 دونم التي تشكل الحرم القدسي الشريف، الذي يشمل المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمتحف الإسلامي وغيرها من ممتلكات المسلمين عبر القرون.   إن توجيهات الديوان الملكي، التي ترجمتها الحكومة الأردنية، شكلت علامة واضحة سيكون لها متابعات كثيرة أهمها وضع استراتيجية محكمة لكيفية الدفاع عن المقدسات والتصدي للهجمات عليها، والتي تزداد يوما بعد يوم وخاصة في البازار السياسي الذي يتبناه القادة السياسيون بالمنافسة فيما بينهم لمن هو أكثر قمعا للفلسطينيين ولمن هو قادر أكثر على تقليص نفوذ الفلسطينيين في القدس وخاصة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى.  

المؤسسة الوحيدة التي لم يشملها القمع الإسرائيلي هي مؤسسة الأوقاف الأردنية

فقد يكون مجلس أوقاف معين من الحكومة الأردنية ومدعوم من الديوان الملكي المخرج للمعضلة التي تشكلت عبر السنوات الماضية والتي أدت لاعتبار المقدسيين أيتاما سياسيين. فإسرائيل ستفكر كثيرا قبل محاوله قمع مؤسسة دينية أردنية، للملك الهاشمي وصاية عبرها على الأماكن المسيحية والإسلامية في القدس.   إذا استمر المجلس الجديد بالعمل الجاد ووضع الخطط الاستراتيجية ومنها خطط إعلامية وسياحية ولحماية الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية والعمل على تعزيز الصمود المقدسي فعلا وليس عبر الكلام فقط، فمن الممكن أن نكون على عتبة مرحلة جديدة في القدس.   فالمجلس الجديد أعاد الثقة للمقدسيين لجهة تشكيل مرجع وطني لسكان القدس ـ يتجاوز عددهم 330 ألفا ـ بعد أن مرت سنوات وهم منسيون ومنبوذون وبدون قيادة.   شئنا أم أبينا، باتت للقدس مرجعية، تدفعنا للمغامرة والقول إن المقدسيين لم يعودوا أيتاما سياسيين، وهو ما يوفر للمجلس الجديد الحاضنة الشعبية للعمل الوطني المباشر والحر لما فيه المصلحة الوطنية. الحرة  

أضف تعليقك