ما سبب رغبة نصف الشباب في الأردن بالهجرة؟
أظهر استطلاع جديد للرأي قام به المعهد الجمهوري الدولي في الأردن، عزم العديد من فئة الشباب في الأردن مغادرة البلاد من أجل ضمان مستقبلهم وتحسين ظروفهم المعيشية.
كما أشار الاستطلاع الى قلة الثقة لدى الشباب الأردني في الأحزاب السياسية، وتفضيلهم للانتخابات البلدية على الانتخابات البرلمانية.
استهدف الاستطلاع الاردنيين من فئة الشباب الذين تترواح اعمارهم ما بين 18-35 عاما، وأفاد بأن ما نسبته 45 في المئة من الشباب يفكرون جديا بالهجرة الى الخارج، و35 في المئة فقط يعتقدون أن الشباب من الممكن أن يكون لديهم مستقبل جيد في الاردن.
ارتفاع نسبة التفكير في الهجرة بين الشباب تدق ناقوس الخطر في الأردن
استطلاع المعهد الجمهوري الدولي في الأردن سبقه استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية العام الماضي أظهر تقريبا ذات النسبة في رغبة الشباب الأردني بالهجرة. يرى مراقبون أن ارتفاع النسبة مرده إلى جملة من الأسباب المعيشية والاقتصادية والسياسية وضغوطات الحياة.
يرى خالد القضاة، الصحافي الأردني، لبي بي سي أن النسبة التي وصل لها الاستطلاع منطقية، قائلاً: "بعدما تولدت لدى الشباب الاردني ردة فعل عكسية نتيجة لمخرجات منظومة إنتاج النخب الاقتصادية والسياسية في الاردن والتي انحصرت في العشرين سنة الماضية بزواج المال بالسلطة فظهر توريث المناصب واحتكارها في عائلات معينة بين الأقارب والانسباء او اخضاعها للمحاصصة المناطقية او العرقية او حتى الدينية، ما افقد الشباب الاردني الثقة بمستقبلهم وبدأوا بالتفكير جليا بالهجرة بحثا عن العدالة وتكافؤ الفرص التي افتقدوها في الاردن".
وأضاف: " هجرة الكفاءات الأردنية تعتبر حالة استنزاف وتفريغ للمؤسسات الحيوية ويدور في فلك العملية الممنهجة من قلة استحوذت على مقدارات الاردن. فاصبح هؤلاء لهم ثقل في السلطة التنفيذية وفي مجلس النواب ولديهم القدرة على وضع تشريعات تضمن مكتسباتهم وتحصنها، وكل ذلك ينعكس سلبا على الأردن وسكانها".
ويرجع البعض السبب في ارتفاع نسبة من يرغب في الهجرة من الأردن لارتفاع نسب البطالة في بعض المدن الأردنية ومنها العاصمة عمان، وتسريح آلاف العاملين من وظائفهم جراء انتشار وباء كوفيد 19 والإجراءات التي اتخذت للحد من انتشار الوباء من خلال أوامر الإغلاق التي قررتها الحكومة الأردنية قبل أن تقوم بتخفيفها مع انخفاض حالات الإصابة بكورونا في البلاد، ما ساهم في اغلاق المحال التجارية والشركات واضطر اصحابها للتخلي عن موظفيهم.
الحياة الحزبية في الأردن وثقة الشباب فيها
أظهر استطلاع المعهد الجمهوري الدولي في الأردن أن ما نسبته 20 في المئة فقط من الشباب الأردنيين عبروا عن درجة كبيرة أو معتدلة من الثقة، بينما يعتقد 37 في المئة فقط أن تقوية الأحزاب السياسية سيؤدي إلى اصلاحات سياسية حقيقية ومطلوبة.
وأكد باتريك كرم، المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الجمهوري الدولي وفقاً للاستطلاع أن الأردنيين لا يرون بعد أن الأحزاب السياسية هي الحل لمشاكل الدولة.
وأضاف: "الأحزاب السياسية وترويج الحكومة لها تحتاج الى طريق طويل من أجل اقناع الاردنيين أنهم باستطاعتهم لعب دور جدي في الدولة".
ويشير زيد النوايسة، المحلل السياسي الأردني، لبي بي سي الى أن غياب التجربة الحزبية الحقيقية التي تستند لبرامج لمختلف مناحي الحياة هي من اهم اسباب عزوف الشباب عن الانتساب للاحزاب القائمة الآن والتي تعتمد في اغلبها على العلاقات الشخصية والتجمعات الجغرافية باستثناء تيار الاسلام السياسي وأحزاب اليسار التاريخية التي تعتمد على الدين والايديولوجيا وهي غير قادرة على الاجابة على أسئلة الشباب ومستقبلهم.
وبالحديث عن تفضيل فئة الشباب الانتخابات البلدية على البرلمانية، يقول النوايسة: "ارتفاع منسوب ثقة الشباب في مؤسسات الادارة المحلية، البلديات ومجالس اللامركزية والمشاركة بزخم اكبر من تلك في الانتخابات البرلمانية مرده أن هذه البلديات تساهم في تقديم الخدمات الأساسية من بنية تحتية وطرق ونظافة وهي على تماس يومي مع الناخبين ولديها مرونة عالية في الاستجابة لمطالبهم الاساسية، بينما تتراجع الثقة في البرلمانات لادنى مستوياتها نتيجة عجز النواب عن المساهمة في مساعدة ناخبيهم وخاصة في مجالات البطالة وخلق فرص تنموية في مناطقهم".
وأضاف: " معظم النواب يعبرون عن حالات فردية اساس نجاحها رأس المال السياسي وتحالفات عشائرية فمن الطبيعي أن تنتهي علاقة النائب بالناخب يوم اعلان فوزه ولا يوجد فرصة للقاء مرة ثانية الا بعد اربع سنوات، كل هذه العوامل اسست لهذا الاحباط وأدت للعزوف بدت ظاهرة بقوة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام ٢٠٢٠ حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 30 في المئة بينما تجاوزت 50 في المئة في الإنتخابات البلدية بشكل عام في حين انها وصلت في المحافظات والالوية لنسب مرتفعه جدا".
ومن الجدير ذكره، ان الملك الأردني عبدالله الثاني قام بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في 10 يونيو/ حزيران الماضي لتحديث المنظومة السياسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن وفاقمه جائحة كورونا، ما أدى لزيادة نسب البطالة لأكثر من 24 في المئة، وتراجع المستوى المعيشي والإقتصادي للمواطن الأردني.