ما حقيقة انتشار الزَّواج العرفي بين الأردنيين ؟

تداولت وسائل إعلام محلية خبرًا عن ارتفاع أعداد حالات الزواج العرفي في الأردنخلال حلقة برنامج حواري يبث على إحدى القنوات الفضائية المحلية بعنوان "محامية: أعداد حالات الزواج العرفي بالأردن ملفته".

مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) رصد الخبر المتداول وأخضعه لمعاييره، ووجد مخالفات، أبرزها:

أولًا: تناقلت وسائل إعلام معلومات حول ارتفاع معدلات الزواج العرفي في الأردن ونَسبَتها لمحامية شرعية أطلقت هذا الحكم من خلال مشاهدات شخصية لها دون أن تُسأل عن النسب والإحصاءات التي اعتمدت عليها في إطلاقها لهذا الحكم، وعن مصدرها، متجاهلة أن من حقالصحافي الوصول إلى المعلومات والأخبار والإحصاءات التي تهم الجمهور من مصادرها المختلفة، وتحليلها ونشرها والتعليق عليها.

بهذا تكون الأخبار المنشورة، قد ابتعدت عن أسس العمل الصحفي بغيّاب الموضوعية والدقة  في نقل المعلومة والسماح للمحامية  بإطلاق حكم عام في مسألة ذات حساسية عالية اجتماعيًا ودينيًا، ما قد يُسهم في نشر الإشاعات والأقاويل وربطها بقضايا اجتماعية أخرى دون التفات للمسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق الصحافي والمؤسسة الصحافية.

ثانيًا: تجاهلت الأخبار المنشورة حق الجمهور في الوصولإلى المعلومات الصادقة من مصادرها الموثوقة بعدم سؤال دائرة قاضي القضاة عن صحة هذه المعلومات باعتبارها الجهة المخولة بإعلان الإحصاءات ذات الصلة التي تصدر عن الدائرة سنويًا.

تحقّق (أكيد) من المعلومة المتداولة بالتواصل مع الناطق باسم دائرة قاضي القضاة القاضي الدكتور أشرف العمري الذي أكد بأن مصطلح الزواج العرفي متعدد المعاني وله دلالات مختلفة بحسب كيفية إجرائه. فالقانون الأردني يمنع إجراء عقد الزواج خارج إطار التوثيق الرسمي ويعاقب على ذلك بموجب قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات.

وأما عن مدى انتشار الزواج غير الموثق أو العرفي، ذكر العمري أن هذا أمر يحتاج إلى دراسات مسحيّة وفقًا للأسس العلمية المعتمدة لمعرفة الواقع الحقيقي له لأنه زواج يجرى خارج إطار التسجيل، وأعداده غير معروفة على وجه الدقة. وأضاف: بحسب علمي لا يوجد أرقام محددة لذلك او نسب يمكن الاعتماد عليها سوى الانطباعات والملاحظات الشخصية وهي غير دقيقة، إلا أن المحاكم الشرعية ترصد عددًا من هذه الحالات التي يمكن الاستدلال منها على هذا النوع من السلوك، وذلك من خلال قضايا إثبات الزواج، أو قضايا إثبات النسب للأطفال المتولدين من هذا الزواج، والتي تُرفع إلى المحاكم الشرعية لغايات الحصول على الوثائق الرسمية، وتسجيل المواليد وحفظ حقوق الأطراف والأطفال.

وبيّن العمري أن أرقام هذه القضايا مسجّلة وواضحة، لكنها لا تدل مباشرة على الواقع بسبب عدم وصول جميع الحالات إلى المحاكم، لأن القضايا المسجّلة لإثبات الزواج بعضها ليس زواجًا عرفيًا بالمعنى المقصود من الحديث، إنما هي زيجات تمت خارج الأردن في مراكز إسلامية توثق هذا الزواج توثيقًا غير رسمي لعدم اعتراف تلك الدول بالوثائق التي تصدرها تلك المراكز الإسلامية، فيضطر أطراف العقد إلى رفع هذه القضايا للحصول على الوثائق الرسمية للزواج أو مراجعة سفارات المملكة في الخارج لتوثيقها.

وأفاد العمري بأن عددًا كبيرًا من قضايا إثبات الزواج رُفع في السنوات الماضية إلى المحاكم، ارتباطًا بواقع اللجوء السوري في المملكة بغرض توثيق عقود زواج أشخاص لم تكن عقودهم موثقة رسميًا في بلدهم بسبب الظروف والأحوال التي كانت سائدة هناك، لهذا السبب تم فتح مكتبين للمحاكم الشرعية في مخيمي الزعتري والأزرق استجابة لهذا الواقع.

المصدر

أضف تعليقك