ماذا يريد الأردن من المفاوضات؟
حضور الأردن للمفاوضات المباشرة التي ستنطلق في الثاني من شهر أيلول القادم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يشير بحسب مراقبين إلى أن الأردن بات طرفا أساسيا في المفاوضات، ما يعني أنها مفاوضات خماسية أو رباعية على الأقل.
البعض قد يذهب في قراءته إلى أبعد من ذلك، في قوله أن ابو مازن دخل المفاوضات دون الضمانات التي طلبها مرارا وتكرارا، ما يعني ان سيناريوهات مختلفة باتت مطروحة على طاولة المفاوضات تتمثل في حل للقضية الفلسطينية بأدوار أردنية مصرية
فلماذا إذن لم يتمسك أبو مازن, ومعه القادة العرب الداعمين, بضمانات مرجعية المفاوضات المباشرة.
وجهة نظر أخرى تغلب على قراءات المحللين، حيث يعتبرون أن حضور الأردن لانطلاقة المفاوضات أمر طبيعي وهي الدول الموقعة لاتفاقية السلام ولكونها الأكثر تضررا من نتائج المحادثات، ناهيك عن التخوفات من انفجار الوضع في المنطقة مع إشارات إلى أن حضور الأردن يأتي في سياق الضغوط الأميركية لتأمين غطاء عربي للمفاوضات.
ويضيف مناصرو هذا الرأي بأن الأردن بانطلاقة المفاوضات يتنفس الصعداء، فإن قبول الإسرائيليين والفلسطينيين بالانتقال إلى المفاوضات المباشرة لمدة عام، يريح الأردن من الضغوط المستمرة فيما يتعلق بالخيار الأردني وإن كان على المدى القريب.
الكاتبة رنا الصباغ قالت في مقالتها "مأزق مفاوضات التقريب وخطورة المباشرة على الأردن" أن المأزق الأردني يزداد صعوبة مع استمرار تعليق قضايا الحل النهائي وسط قنبلة ديمغرافية وأزمة هوية مستفحلة, مع انقسام الجبهة الداخلية.
الكاتب والمحلل السياسي موفق محادين استبعد في حديث لعمان نت أن يكون على طاولة المفاوضات أي حديث لحل القضية الفلسطينية بأدوار أردنية مصرية، معتبراً أن الخيار الأردني لم تعد مسألة سياسية وإنما "أمراً واقعاً له أقدام؛ ويترجم في شبكة من المصالح والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية وغيرها".
وأضاف محادين أن الأطراف الثلاثة الأردن ومصر السلطة الفلسطينية هي أطراف مأزومة وذهابها باتجاه المفاوضات ليس إلا خدمة لإدارة الرئيس أوباما وهو مقبل على استحقاقات داخلية، واصفاً الحضور الأردني المصري بشهادة الزور على مسرحية هزلية.
بيان الرباعية خلا تماماً من الإشارة للنقطة الجوهرية التي مراراً ما عرقلت المفاوضات، وهي وقف الاستيطان. وفي ذات الوقت دون إشارة واضحة بأن حدود عام 1967 هي أساس المفاوضات.
أن الهدف من المفاوضات هو المفاوضات؛ وكما يعبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بأن الحياة مفاوضات، وبالتالي كسب المزيد من الوقت للولايات المتحدة لإعادة ترتيب أمورها في المنطقة (العراق وأفغانستان) وخوض حراك أو عراك جديد (إيران) لوقف امتداد الممانعة.
الصباغ قالت أن الأردن يعي بأن عليه البقاء في حلبة لعبة السلام دون معارضة سياسات أوباما ونتنياهو. لكن وبالنفس ذاته, فإن عمّان تعي أنها لا تستطيع تحمل تبعات قيام كيان فلسطيني منقوص السيادة وغير قابل للحياة ما سيفرض عليها ربط هذا الكيان مع عمقها
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد ابو رمان أن الولايات المتحدة تعول على الطرف الأردني والمصري في المفاوضات للوصول إلى تسوية سلمية، فالأردن رأت مع باقي الدول العربية الداعمة إحراجاً لإدارة الرئيس اوباما في حال إصرارها على ضمانات مرجعيات المفاوضات، ما حدا بها للموافقة على الذهاب إلى المفاوضات.
المطبخ السياسي الأردن برأي أبو رمان لم يجد خياراً آخر سوى الذهاب إلى المفاوضات رغم إدراكه أنه لا جدوى منها، ولكن على الأقل هي تحرج الإسرائيليين أمام المجتمع الدولي وتكسب الوقت كباقي الأطراف.
ويبقى السؤال الأردني حول تأثير مأزق المفاوضات المباشرة بعد سنوات عندما تبدأ الضغوط المباشرة لدفع ثمن استحقاق غياب دولة فلسطينية مستقلة.