ماذا لو انفجر مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي!

الرابط المختصر

ما هي إلا لحظات بعد دخولنا متحف تشرنوبل الوطني، في العاصمة الأوكرانية كييف، الذي يروي بالصور فاجعة انفجار مفاعل تشرنوبل النووي في أوكرانيا، حتى مر في مخيلتي بأن نفس الكارثة قد تحل بي أنا، حيث أعيش، كوني لا أبتعد كثيراً عن مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي.

كانت الساعة تشير إلى الواحدة وست وعشرين دقيقة، من فجر يوم السبت السادس والعشرين من نيسان/إبريل في العام 1986، عندما وقع الانفجار في مفاعل تشرنوبل النووي، هذا التاريخ الذي لا يزال الأوكرانيون بعد ثلاثة وعشرين عاماً، يتمنون لو توقف الزمن عند تلك اللحظة، ، بدل أن يفقدهم مئات آلاف البشر، ويدمر بيئتهم، ويورثهم الأمراض لأجيال عديدة قادمة، ويشوه وجوه أعداد أخرى كثيرة.

لا يبتعد مفاعل ديمونة الإسرائيلي كثيراً عن مكان سكني في بيت لحم بالضفة الغربية، فهي أكثر المناطق قرباً من منطقة الجنوب حيث المفاعل، وهو الذي بدأت إسرائيل العمل به في العام 1958 بمساعدة فرنسية، في مدينة ديمونة حيث يقع بجانبها المفاعل النووي الإسرائيلي.

في أوكرانيا يؤكد رئيس هيئة الطاقة النووية الأوكرانية نيدا شكوفيسكي وبصفته خبيراً بأن "أوكرانيا قد اتخذت كافة التدابير اللازمة للحيلولة دون تكرار مثل كارثة تشرنوبل مرة أخرى، وما يؤكد ذلك هو الزيارات المتكررة والمفاجئة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، أما بالقرب منا في إسرائيل ففي عام 2004 تم توزيع حبوب اليود - التي تقلص أضرار الإشعاعات النووية على الغدة الدرقية - على سكان المنطقة، فيما الحكومة الإسرائيلية أكدت أن الأمر إجراء وقائي تحسبا لتسرب قد يحصل في المستقبل وليس بسبب تسرب سبق وأن حصل!

شكوفيسكي -وبالرغم من الإعلان الرسمي الأوكراني بأن بلادهم تستعد لبناء 11 مفاعلاً جديداً غير الخمسة عشر الحالية- يؤكد بأن "هيئة الطاقة النووية الأوكرانية تعمل على إطالة العمر الافتراضي للمفاعلات القائمة بما يصل إلى 15 سنة إضافية، وبأن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع كبيرة، والأهم هو إجراءات لضمان السلامة المهنية"، فهل يكفي توزيع حبوب اليود من قبل إسرائيل على سكان المناطق المحيطة بمفاعل ديمونة؟

رئيس قسم الهندسة النووية في وزارة الطاقة الأوكرانية ليونيد جروموك، يؤكد بأن بلاده "لا ينقصها من كل تكنولوجيا المفاعلات النووية سوى إنتاج الوقود النووي، وما تسعى أوكرانيا إلى القيام به حالياً لامتلاك التكنولوجيا بأكملها، خاصة أن أوكرانيا تحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم في إنتاج اليورانيوم، والثالثة عالمياً في مادة الزركونيوم الذي يستخدم في إنتاج السلاح النووي".

المركز العلمي للطب الإشعاعي في وزارة الصحة الأوكرانية يقول بأن "عدد الوفيات ما بين العام 87 الذي تلا الانفجار والعام 2004 إلى نصف مليون وفاة مرتبطة تماماً بالكارثة النووية التي حلت ببلادهم"، فكيف لي أن أتخيل هذا الحجم من الخسائر البشرية التي قد تلحق بالفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء لو حل بديمونة مثل كارثة شرنوبل!

في أوكرانيا كانت الخسائر التي حلت بالأراضي الزراعية بسبب الكارثة وصلت إلى 50 مليون هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة، ولو فكرت قليلاً بمقارنة هذا الرقم فيما لو حلت بنا كارثة انفجار ديمونة –لا قدر الله- لكان هذا الرقم يوازي ضعف مساحة فلسطين التاريخية – إسرائيل والأراضي الفلسطينية- وبالتالي سنفقد كل مقومات الحياة في بلدنا.

لن أستطيع محو ما رأيت من صور الفاجعة، صور القبور، صور 76 قرية مهجورة، ومدينتين أسمائها معلقة على شكل شجرة تفاح قد يبست تماماً وحل الموت بها، بعد أن كانت خضراء باستمرار وتنبض بالحياة. بعد تشرنوبل بقي أحياء ليقيموا متحفاً لذكرى الفاجعة، هل سيبقى منا أحياء لافتتاح متحف يخلد ذكرى لو حلت بنا كارثة مماثلة؟