مؤتمر منظمات المجتمع المدني: يبحث قدرة المنظمات على التأثير في الإصلاح

الرابط المختصر

بمشاركة واسعة من منظمات محلية وإقليمية ودولية بدأت الأثنين أعمال مؤتمر منظمات المجتمع المدني الموازي لمنتدى المستقبل، إضافة إلى أكثر من 400 خبير ومسئول في القطاعين العام والخاص وممثلين لجهات مدنية وحقوقية.ويأتي انعقاد المؤتمر عشية انعقاد منتدى المستقبل الثالث على المستوى الوزاري في البحر الميت، بعد ان كان قد عقد دورتين سابقتين له في العاصمتين المغربية والبحرينية في العامين السابقين 2004 و 2005 على التوالي.
بالإضافة إلى المؤتمر المناهض للهيمنة الذي سيعقد الأربعاء بعد أن سمح محافظ العاصمة للنظمات التي تنوي عقده بذلك بعد أن كان قد أصدر قرار بعدم السماح لهم بعقده في وقت سابق.
وأثير الخلاف بين الجانبين من مؤسسات المجتمع المدني"الموازي" والمناهض للهيمنة" في أروقة المؤتمر وأتفق الغالبية أنه هذا من باب حرية التعبير والرأي وهو أمر مطلوب وأن السياسات الأمريكية في المنطقة مسؤلة عن هذه المواقف تجاهها في المنطقة.
وألقت الخلافات الإقليمة في المنطقة ظلها على مناقشات المؤتمر حيث دار أكثر من نقاش حاد ووصل إلى الناري في بعضها بين كل منمشاركين سوريين ولبنانيين وبين مشاركين عراقيين وايرانيينن مختلفين علىسياسات دولهم تجاه قضاياهم المحلية المصيرية كما اسموها في حين اختلف مشاركين اردنيين وبحرينيين من جهة وبحرينيين ومصريين من جهة أخرى على مفاهيم الديموقراطية والتعددية.
 
وناقش المشاركون في اليوم الأول للمؤتمر الذي تستمر أعماله على مدار يومين قدرة منظمات المجتمع المدني على لعب دور مهم لتبني محطة فاصلة ونوعية في العمل المشترك فيما بينها وان تقود المجتمع المدني ليلعب دورا فاعلا كشريك استراتيجي في عملية الإصلاح والديمقراطية والتغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
 
وقال رئيس مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان منسق اللجنة التحضيرية عاصم ربابعة في كلمة الافتتاح إن منتدى المستقبل يعتبر الآلية التي انبثقت عن مبادرة " الشراكة الخاصة بالتقدم والمستقبل المشترك مع مع الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا " التي تبناها قادة دول مجموعة الثماني خلال قمتهم في سي ايلاند "في الولايات المتحدة " العام 2004 . بحضور عدد من رؤساء دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
واعتبر ربابعة المؤتمر كيانا لحوار وتبادل الآراء وسيكون آلية لفكرة مرنة ومفتوحة أمام جميع دول المنطقة التي سترغب في المشاركة فيها، مؤكداً أهمية دور المجتمع المدني في صنع التحولات الديمقراطية، مشيرا الى أن هذا الدور يتعاظم كل يوم، مؤكدا ان مسرة المجتمع المدني بدأت منذ سنوات وبقوة وإنها استكمالا للمشوار بدأته تلك المنظمات في مؤتمرات إقليمية ودولية عديدة من القاهرة وبيروت وتونس والرباط الى صنعاء والدوحة.
 
واعتبر ربابعة المؤتمر بمثابة فرصة سانحة بين المنظمات المشاركة لتعزيز العلاقات معها والاستفادة من خبراتها وتوحيد الجهود، منوها إلى أن انعقاد المؤتمر في العام الثالث يحتاج إلى تأطير جهود مؤسسات المجتمع المدني.
وقال "سنقدم ما يتمخض عن مؤتمرنا للرأي العام ولشعوبنا وللدول المعنية ولمنتدى المستقبل، وسنتعامل مع منتدى المستقبل ومشاريعه برؤية علمية".
 
و أوضح مدير مركز الأردن الجديد للدراسات هاني الحوراني" أن برنامج المؤتمر صمم ليعكس رؤية المشاركين من مختلف بلدان المنطقة لإيصال عدة رسائل ولتحقيق أهداف ملموسة ومحددة.
وقال" إن منظمات المجتمع المدني قد عقدت العزم على اغتنام هذه الفرصة ليس فقط للإسهام في أعمال منتدى المستقبل، وإنما أن تتوقف أمام الأوضاع العامة للإقليم وللمجتمعات المدنية، وأن تقيم بنفسها ما قد تحقق خلال دورتي انعقاد المنتدى، وأن ترصد الإيجابيات والسلبيات ، وان تسجل ما تعلمته خلال سنة في دروس وأن تقرر كيف تتوجه نحو العام الجديد برؤية واضحة لما تريد"
وأضاف الحوراني "إن المؤتمر يوفر فرصتين ثمينتين لممثلي منظمات المجتمع المدني في الإقليم ، أولاهما إسماع صوتهم لحكومات الإقليم وحكومات الدول الصناعية الكبرى في الشمال ولعرض مطالبهم والتعبير عن مواقفهم ومشاعرهم تجاه ما يجري في المنطقة والفرصة الثانية هي اغتنام فرصة اللقاء من اجل بناء اطر تعاون وتحالف بينهم وصياغة مواقف مشتركة وتنفيذ مشاريع جماعية فليس سرا ان المنطقة تعاني من غياب الشبكات الإقليمية واطر العمل الجماعية لقوى الإصلاح كما تفتقر العلاقة بين هذه المنظمات الى المأسسة والتأطير وهو ما يضعف هذه المنظمات في بلدانها ويسمح للحكومات بالتغول عليها".
 
ورداً على ما تردد من تبعية هذا المؤتمر لمندى المستقبل الحكومي قال الحوراني" ان المؤتمر لا يمثل نشاط جانبي لمنتدى المستقبل، بل انه بالدرجة الأولى نشاط خاص  بقوى المجتمع المدني التي هي مصممه على أن تأخذ دورها . والمؤتمر هو أداة في إطار رؤية استراتيجيه وخطة عمل نجتمع ونتوافق عليها من اجل أعمال مشتركة اخرة في المستقبل.
وفي الجلسة العامة الأولى التي ترأسها نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور محمد الحلايقة والتي كانت بعنوان "الواقع الإقليمي والمجتمع المدني حالة الديمقراطية في المنطقة"، وقدمت فيها ثلاث أوراق عمل كانت الأولى  لرئيس مؤسسة المستقبل الأستاذ بختيار أمين تحدث فيها عن المشاكل والصراعات في الوطن العربي ومن أهمها التربية والتعليم مع غياب الديمقراطية وضعف مشاركة المرأة، إضافة الى تحديات الفقر والبطالة، مبينا أنه حسب تقرير منظمة العمل العربية وبحلول العام 2020 سيكون هنالك 120 مليون عاطل عن العمل يرافقه 70 مليون أمي و11 مليون طفل مشرد يبحثون عن مأوى.
ولفت إلى وجود غياب للحريات في العمل السياسي وقيود في حريات الإعلام والتعبير مع وجود عجز في النظام القضائي، محذرا من الصراعات الدموية التي تعيشها المنطقة والمتمثلة في العنف والإرهاب والحروب المتواصلة في فلسطين والعراق ومناطق أخرى مثل لبنان.
ولم يغفل الأستاذ بختيار عن ذكر مشاكل الأقليات والقوميات الموجودة في المنطقة مثل الأكراد في العراق وإيران وتركيا والوضع في دارفور.
وأوضح بختيار انه في اجتماعات ومؤتمرات سابقة عقدت في الرباط واسطنبول وصنعاء والمنامة طلبت منظمات المجتمع المدني تشكيل آلية لدعم وتعزيز عملها، حيث اعلن في المنامة بعد جهد كبير خاص من المركز التأهيلي لحقوق الإنسان في اليمن تم الإعلان في مؤتمر المنامة الخروج بـ 20 وثيقة دعم وأكدت عدة دول وحكوماتها بالتبرع بمبلغ 55 مليون دولار لدعم الهيئة الإدارية للمؤسسة.
وأوضح بختيار التطور السريع الذي شهدته نشاطات المؤسسة التي يرأسها سواء على الصعيد المحلي أو العالمي. 
           
 الى ذلك تحدث مدير مركز المعلومات والتأهيل  لحقوق الإنسان في اليمن عزالدين الاصبحي  حول الواقع الإقليمي والمجتمع المدني مبينا تراجع الحالة الديمقراطية في المنطقة لما تعيشه من حروب متفاقمة واصفا المشهد بالمأساوي،  كما ان الخطاب الديمقراطي يواجه تحديات بسبب هذا الواقع  الكارثي وهذه الصورة المعتمة تلقي بظلالها على عمل مؤسسات المجتمع المدني وتجعل   مهمتها صعبة في تنفيذ برامجها.
وبين الاصبحي أن القضية الفلسطينية التي تشكل أساس الصراعات في المنطقة تشكل نكسة كبيرة لعمل مؤسسات المجتمع المدني، وقد شكل الحصار العربي والدولي الأخير نكسة للعملية الديمقراطية  الفلسطينية، حيث قدم الفلسطينيون مشهدا ديمقراطيا في الانتخابات وفازت فيها حركة حماس.
وتساءل الاصبحي كيف يمكن لنا إعادة الاعتبار إلى الديمقراطية؟، مبينا أن ابرز التحديات في الخطاب الديمقراطي والمجتمع المدني  هو رفض الشارع العربي لهذا الخطاب والتراجع الكبير في دعم مؤسسات المجتمع المدني. على الرغم من ان المجتمع المدني أسهم خلال الثلاث عقود الماضية في رفع سوية الخطاب
الديمقراطي ، ومطمئنا الشارع ان ذلك الخطاب هو نابع من ثقافتنا ورؤيتنا وليس مفروضا من الخارج أو عبر أجندة خارجية، مؤكدا أن المجتمع المدني سيواصل نضاله لفك الحصار عن العملية الديمقراطية والعمل من اجل تقدمها.
وقال الاصبحي إن هناك تحديات تواجه المجتمع المدني وأهمها :حالة الحصار الشعبي، مبينا ضرورة الوصول للشارع لفك هذا الحصار والبحث عن آليات عمل ليكون خطابنا الديمقراطي قويا. أيضا فتح حوار مع الفاعلين الأساسيين لبنية المنطقة بدءا من الحكومات والبرلمانات والأحزاب وانتهاء بالقطاع الخاص. كذلك الخروج من القطيعة على مستوى المنطقة .والدخول في مرحلة الشراكة الحقيقية لصنع القرار من خلال المشاركة في المؤتمرات الإقليمية والجلوس مع الحكومات للمشاركة في صنع القرار. والبحث عن آليات تعزيز الحوار الديمقراطي عبر تمكين مؤسسات المجتمع المدني في صنع المستقبل وتعزيز المبادرة للعمل في محاور أساسية لأجندات وطنية تتبناها مؤسسات المجتمع المدني مثل قضايا المرأة وتمكينها من المشاركة في المشهد الديمقراطي وتعزيز الحياة الديمقراطية، ومحاربة الفساد وبان هذه المحاور هي أجندتنا قبل أن تكون أجندة المؤسسات الرسمية.
الى ذلك تحدث منسق المؤتمر الموازي – البحرين الأستاذ عبدا لنبي العكري مستعرضا الانتخابات الأخيرة في البحرين
و أشار الى أن تلك الانتخابات لا تمثل العملية الديمقراطية برمتها ، مبينا ان الانتخابات في المنطقة العربية
ليست هي الديمقراطية الحقيقية. وقال ان مشاريع الإصلاح في الوطن العربي لا زالت متعثرة.
وأضاف  انه يجب ان لا تكون الانتخابات هي الإطار الوحيد لعمل مؤسسات المجتمع المدني بل هناك إطارات أخرى.
لا بد من العمل عليها . وضرورة توفر هيئة متابعة وتنسيق مع المؤتمرات والمنتديات الأخرى للخروج بصيغة توافقية لعمل تلك المؤسسات والوصول إلى توافقات بين مختلف القوى الاجتماعية، مشيرا الى ان الأحزاب في منطقتنا ما زالت لاتحكم وليست جزءا من صنع القرار .
وأشار الى ان عملية الإصلاح في الوطن العربي لا زال أمامها الكثير من الآمال لتحقيق الانجازات . حيث لا يتوفر حتى الآن مشروع اصلاح عربي متكامل .حتى داخل الجامعة العربية ما يتم طرحه من إصلاحات لا يتعدى التصحيح ، وهذا يفتح الطريق امام تدخلات خارجية . وواصفا التحولات في المنطقة بأنها غير واقعية وليست أكثر من تحولات في الأنظمة الجمهورية  الى توريثية والمملكات الى استبدادية .على الرغم من مشاركات لأحزاب ومؤسسات في الحكم .محذرا من ان تلك المشاركة تعمل على  إضفاء الشرعية عل تلك
الأنظمة والحكومات.
وأوضح ان مشاريع الإصلاح الاقتصادي في الوطن العربي جاءت تحت مظلة قسوة العولمة من اتفاقيات تجارة عالمية دفعت الدول العربية إلى التخلي عن مسؤولياتها الاقتصادية والاجتماعية .
و منتدى المستقبل هو نتاج جهد مشترك ما بين الدول الصناعية الكبرى "أو مجموعة الثماني G8" التي تضم كلا من الولايات المتحدة واليابان وألمانيا الاتحادية وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وكندا والاتحاد الروسي وبين الدول العربية وتركيا وباكستان وأفغانستان، والجدير بالذكر أن إسرائيل وإيران ليسا جزءا من هذه المبادرة.
وسيناقش المشاركون في المؤتمر على مدى يومين الواقع الإقليمي والمجتمع المدني وحالة الديمقراطية في المنطقة والأزمات والنزاعات الإقليمية وأثرها على عملية الإصلاح بالإضافة إلى ورش عمل متزامنة حول البيئة القانونية والمجتمع المدني والتعددية السياسية والانتخابات وسيادة القانون والإعلام المستقل والشفافية والفساد والتمكين السياسي والاقتصادي للمرأة ومواضيع هامة عديدة.

أضف تعليقك