ليس دفاعاً عن شركة الكهرباء ولكن
من الطبيعي أن أي مواطن عانى من خسارة التيار الكهربائي خلال الأيام الماضية أن يكون منزعج وبعير عن ذلك الانزعاج بأي طريقة متوفرة له. ولكن من الضروري أن يكون هناك نظرة أكثر شمولية وواقعية للمشاكل التي تعرضت لها الأردن بسبب العاصفة الثلجية الأخيرة.
التعليقات على السوشيال ميديا تجاوزت الامر المحدود وذهبت الى أمور كبيرة وكثيرة ولذلك من الضروري وضع الأمور في سياقها الصحيح والطبيعي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر فان سقوط كابل كهرباء في بعض المناطق والأحياء بما في ذلك في العاصمة لا يعني بالضرورة أن الأردن غير قادر على تصدير الكهرباء لدول أخرى. فالمعروف أن إنتاج الكهرباء بأسعار معقولة لا علاقة له بتوزيع الكهرباء في مناطق قد تكون الكوابل فيها مهترئة او قديمة. ممكن انتاج وبيع كهرباء لدول شقيقة مثل لبنان وفي نفس الوقت وجود مشاكل في أحياء ومناطق معينة بسبب سقوط الكوابل.
اما القول ان شركة الكهرباء التي أعلنت أن لديها الجهوزية الكاملة ولكنها لم تستطع معالجة الكم الكبير من الكوابل الساقطة بسبب ثقل الثلوج عليها أمر أيضا بحاجة الى مناقشة. فأكبر الدول جهوزية والدول المعتادة على الثلوج لا تستطيع معالجة سقوط الكوابل بالسرعة التي يريدها المواطن. لقد عشت في أمريكا وعاصرت العديد من العواصف الثلجية وكل مرة كان هناك سقوط كوابل وبقيت منازل وأحياء بدون كهرباء لمدة طويلة. لا يعني ذلك أن علينا قبول ذلك او أنه قد يكون هناك تقصير ولكن علينا عدم المبالغة في عرض الأمر وفهم قدرات البلد.
اننا غير معتادين على العواصف الثلجية وهناك أكثر من نوع من الثلوج. فمثلا الثلوج التي سقطت في الأيام الماضية كانت مصحوبة بالبرق والرعد مما أضف على الثلج حمل اكبر فشكل تراكم الثلوج مع الامطار ثقل غير طبيعي مع أدى الى سقوط عدد كبير من الكوابل كما أدى الى سقوط أشجار أدت إلى قطع الكهرباء في أحياء كثيرة . المعروف أن مشكلة الأشجار من مسؤولية البلديات وامانة العاصمة وليست بالضرورة من مسؤوليات شركة الكهرباء.
نحن في الشرق الأوسط غير معتادين على الثلوج و نبالغ في ردود الفعل عندما نتعرض للأثار السلبية للثلوج ولكن علينا قياس فعالية الجهات ذات العلاقة بصورة معقولة بدون المبالغة في التوقعات. وقد يكون من الضروري أن نتهيأ لمشاكل طبيعية أكثر مع التغير المناخي الذي يعاني منه الكوكب بأكمله.
مرة أخرى لا شك أنه لا يوجد جواب شافي لمن يعاني من انقطاع الكهرباء ليوم أو يومين ولكن على الشخصيات السياسية والقادة وضع الأمور في سياقها الطبيعي. يجب التحقق ومحاسبة من أخطاء وقصر ولكن علينا قبل اصدار الاحكام ان نعرف الصورة بأكملها ومن ثم يمكن الحكم على من قصر ومحاسبته بدون أي تردد.
*الكاتب مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي -راديو البلد وعمان نت