لماذا يجب تعديل قانون الضمان؟

الرابط المختصر

لن يكون النزاع بين نقابة المهندسين والضمان الاجتماعي هو الأخير المتعلق بالتعديلات المقترحة على قانون الضمان, ومن السهل على نقابة المهندسين وأي من الفاعليات المدنية الأخرى المطالبة بالإبقاء على القانون كما هو، فهو يكافئ من يعمل لسنوات، ويوفر التقاعد المبكر ضمانا للفرد وفقا لحسبة كريمة وغير منطقية لراتب التقاعد، ومن شأن مهاجمة القانون المقترح ضمان شعبية لمن يطالب بالإبقاء عليه من دون تغيير.

بناء على ما تقدم سنجد فئات عريضة وأعدادا متزايدة تطالب بالإبقاء على القانون من دون تغيير، فهذه الفئات تستفيد مباشرة من "الخلل" الموجود في النظام الحالي، ولا يهم ماذا سيحدث بعد عشر أو خمسة عشر عاما عندما يصل الضمان الى ما يعرف بنقطة التعادل، وهي النقطة التي يتساوى فيها إيراد الصندوق مع نفقاته المباشرة، وبعدها سيبدأ السحب من رصيد المحفظة الاستثمارية، وما سيضمن استمرارية الضمان هو العائد على الاستثمار الذي يفترض أن يغطي الفرق بين الإيراد ونفقات التقاعد المباشرة.

معارضو تعديل القانون لا يقولون لنا من سيتحمل تلك الكلف في حينه، وكيف سيتدبر صندوق استثمار أموال الضمان توفير ما يلزم من العوائد للوفاء بالالتزامات التي ستترتب عليه حال بقاء القانون على حاله، والدراسات الاكتوارية التي نفذها الضمان ليست وليدة مؤامرات على المتقاعدين ومدخراتهم، بل هي حصيلة ارقام وبيانات فعلية، دقت جرس الإنذار مبكرا، واستجاب الضمان لهذا بتعديل القانون بشكل يتناسب مع حجم المدخرات وعدد سنوات الاشتراك.

وبدلا من مهاجمة القانون على خلفيات غير علمية فإن تأطير الحوار حول بعض القضايا الحساسة يعتبر أفضل، وإذا كان هناك ثغرات في القانون المنظور أمام مجلس النواب، وخاصة المتعلق بكيفية تسوية مستحقات من يقتربون من سن التقاعد المبكر، فهي الأولى بالنقاش.

أما مسألة تعديل القانون من عدمه فيجب وضعها في سياق السؤال الأكبر؛ هل نريد لمؤسسة الضمان أن تواصل عملها للأجيال اللاحقة وتعمل على توظيف مدخرات الأردنيين بشكل سليم؟ والإجابة على التساؤل أعلاه لا ترتبط بمصالح صغيرة وآنية، بل تتعلق بقضية غاية في الحيوية والأهمية، ولا يمكنننا التفكير بقضية أكثر أهمية لقطاع عريض من المواطنين مثل قضية المدخرات طويلة الأمد التي عنوانها هو الضمان الاجتماعي.

الحل الأسهل هو الإبقاء على القانون كما هو والتغاضي عن الخلل الموجود، وخيار عدم التغيير يجنب الحكومة ومدير الضمان مواجهة مع مجلس النواب والنقابات وأصحاب الحسابات الضيقة، ومن يطالب بعدم تعديل القانون عليه التقدم ببدائل واقعية ترد على الحسابات الإكتوارية، أما الرفض لتحقيق مكاسب شعبية وسياسية فتدحضه البيانات والأرقام، وحتى الآن لم يخرج علينا أحد ببديل عملي، ووجود خلل وخاسرين ورابحين لا يوفر حجة مقنعة لمزيد من التأخير.

نعلم أن هناك من سيتضرر نظريا من التعديلات المقترحة، ونقول "نظريا" لأن هناك غيابا في العدالة وفقا للنظام الحالي، ونقول إننا تأخرنا في إقرار التعديلات التي يجب أن تأخذ أولوية على غيرها من القوانين لضمان استمرارية الضمان تقديم الدور المطلوب منه مستقبلا، ومن الخطأ توظيف التعديل لأغراض سياسية، فما هو على المحك يتعلق بالاستقرار المجتمعي، وتحديد سقف أعلى وأدنى لراتب الضمان.

إن تغيير حسبة الراتب لتعكس المساهمة الحقيقية تعتبر مسائل بديهية تأخرنا في التعامل معها نظرا لحسابات قصير الأمد ولم يعد التأجيل محتملا.