لماذا خافت الحكومة؟!
جفلت الحكومة ازاء ردّة فعل البورصة وتراجعت بسرعة نافية نيّتها فرض ضريبة على الارباح من المتاجرة بالأسهم.
منذ زمن ظهرت المطالبة بتوسيع ضريبة الدخل لتشمل ارباح الأصول الرأسمالية، واختارت الحكومة في مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد أن تتقدم خطوة متواضعة وموزونة هي فقط فرض ضريبة على الارباح الناتجة عن المتاجرة الروتينية بالأسهم، فالأسهم التي يحتفظ بها لأكثر من عام لن تخضع للضريبة، بينما سوف تستوفى ضريبة بنسبة 10% من الارباح المتحققة من الاسهم التي جرى شراؤها وبيعها خلال أقلّ من عام.
هذا التوجه لاقى معارضة في سوق الأوراق المالية وشهدت اسعار الاسهم انخفاضا شاملا جرى تصويره كانهيار وتمكن السماسرة والوسطاء والمستثمرون والمضاربون في سوق الاوراق المالية من إخافة الحكومة ودفعها للتراجع فأصدرت تصريحا تنفي تضمين مشروع القانون هكذا ضريبة!
ما الخطأ في فرض ضريبة على الارباح المتأتية من المتاجرة بالأسهم؟ أليست ارباحا مثل تلك المتأتية من اي تجارة اخرى! هناك افراد مهنتهم الوحيدة هي المتاجرة اليومية بالاسهم يذهبون كل صباح للسوق ويعودون بمردود كبير أو صغير فما الفرق بين شخص يوظف رأسمال من مائة ألف دينار في هذه التجارة وآخر يوظفها في اي تجارة اخرى؟ لماذا يستطيع الاول أن يكون محصنا لا يدفع قرشا واحدا من هذا الدخل بينما غيره يكدح في وظيفته أو في اي عمل حرّ آخر ويدفع ضريبة! ولماذا كل من يعمل في مجالات اضافية لتحسين دخله يدفع الضريبة عن كل قرش اضافي يأتيه الا من يتاجر بالأسهم فلن يدفع شيئا على اي دخل يأتيه مهما ارتفع؟
والحكومة دللت هذه الارباح فاقترحت نسبة عشرة بالمائة فقط بينما النسبة هي الضعف على جميع القطاعات الاخرى، مع ذلك هبّ الوسطاء والمتاجرون في وجهها وافتعلوا انهيارا في أسعار الاسهم ونجحوا في ابتزاز الحكومة. ولو صمدت الحكومة لعادت سوق الاسهم الى وضعها الطبيعي، فالضريبة ليست على امتلاك الاسهم بل على الارباح المتحققة من المتاجرة فمن يتاجر ويحقق ارباحا سيقبل في النهاية دفع الضريبة.
الأسهم يمكن أن تخسر ايضا! هذه هي الحجّة التي تشهر في وجه مشروع الضريبة! لكن كل تجارة أخرى يمكن أن تخسر فالحال واحد، وعلى كل حال هذه قضية يمكن للقانون ان يعالجها كما هو الحال بالنسبة للشركات التي تحتفظ بحسابات قانونية، أي تنزيل الخسائر من ارباح السنة التالية. ان الحكومة تستوفي في نهاية كل عام نسبة 10% من الارباح المتأتية فقط من الاسهم التي تم شراؤها ثم بيعها خلال أقلّ من عام، واذا كانت المحصلة النهائية هي الخسارة - وارقام الشراء والبيع تبين هذا بدقّة كاملة - فإن الخسارة تخصم من ارباح السنة التالية وهكذا كما هو الحال مع أي تجارة أخرى.
أين الخطأ في هذا ولماذا يكون دخل الأفراد من هذا المجال بالذات محصنا ضد الدفع مهما بلغت الارباح؟! على ما نرى هذا ليس عادلا ولا مقبولا، ونعتقد أن ضغوطا معاكسة يجب ان يمارسها المجتمع وممثلوه لإعادة هذه الضريبة، ونعتقد في الحقيقة ان الامر نفسه ينطبق على الارباح المتأتية من المتاجرة بالارض فمن يبيع ويشتري قطع اراض خلال اقلّ من عام يمارس تجارة مثل اي تجارة اخرى وفي العادة يحقق دخلا ممتازا وليس مفهوما أبدا لمَ لا يدفع ضريبة دخل من هذه الارباح أسوة ببقية المواطنين.
* الغد