عندما انتهت اللجنة الملكية من اعمالها وضعت "قانونيا" هيكلا ممتازا و خارطة طريق للاصلاح السياسي، لكن كما في اي شيء، انتقال الفكرة من الورق الى التطبيق ليس بالسهل.
سرعان ما هوجمت المخرجات و بشكل ممنهج من قوى مستفيدة من الوضع القائم ، و بطرق مختلفة، و السؤال ، هل الطريقة القديمة ناجعه لمئويتنا الثانية؟ و بكل الاحوال ما الضرر من المحاولة؟
البعض قال اننا غير جاهزين للانتقال التدريجي و العمل الجماعي معتبرا ان الاردنيين متاخرين و غير قادرين، و هذا براي اهانة للاردنيين خصوصا و ان الاردن في الخمسينيات كان نشيط حزبيا و متقدم على الكثير من الدول.
البعض الاخر بدا سينفونية الوضع الاقتصادي و الحاجة الى الخبز، و هذا صحيح، لكن كيف يتعارض العمل الحزبي مع الحاجة للخبز، و هل عدم المضي قدما بالاصلاح السياسي يعني اننا سنؤمن الخبز و الرفاه الاقتصادي؟ و اصلا ما الضرر من المحاولة و البدء؟
و اخيرا خرج علينا البعض برواية تعارض الاحزاب مع العشيرة، و هذا طبعا كلام فارغ، فالعشيرة مكون اجتماعي و ليس سياسي، و هناك عشائر اردنية ينتمي ابناءها الى الاخوان المسلمين و الى الحزب الشيوعي و البعض الاخر يعمل بالدولة و اجهزتها و هذا طبيعي. و بالتالي لا تعارض. فالاحزاب ينتمي لها الشخوص بناء على فكر و رؤية مشتركة.
اليوم، الاصلاح بحاجة الى خروج الاصوات المؤيدة له عن صمتها، فالاحزاب ليست جمع اعداد دون خلفية مشتركة، و الانتساب ليس فقط لحجز مقعد في قائمة او مقعد وزاري ، لان من ينتسب لذلك السبب فقط، هدفه وقتي انتهازي سرعان ما سيترك ان جرت الرياح بما لا تشتهي السفن.
اليوم ما يحصل براي سلبي، فالكثيرين يعتقدوا بان من يتصدر المشهد الحزبي اليوم هم نفس النخبة السياسية السابقة التي لم "تؤمن" اصلا بالاحزاب قبل سنه ، و اليوم اصبحت مؤمنة "فجاة" معتقدة ان الاحزاب هي اعداد. هذا بالطبع يضر الاصلاح ، فاليوم وجب على القوى الوطنية التحرك و البدء بالعمل، فالطبيعه لا تحتمل الفراغ، و بقاء النخبة الوطنية خارج المعادلة سيترك المساحة لنفس النخبة القديمة لاعادة انتاج نفسها (و هذا حق لا ننكره لاننا نؤمن بالتعددية ) لكن بالضرورة سيضر و يحبط الناس الجادة.
لذلك و دفاعا عن الاصلاح السياسي، علينا العمل و على الاقل المحاولة و اغتنام الفرصة التاريخية المتاحة. فالخيارات محصورة اما بالاستمرار بالوضع القائم او التغيير و الاصلاح لمصلحة الوطن و شعبه الابي.